عنوان الفتوى : جَمَعَ تبرعات لبناء مسجد ثم أَجَرَ البناء لمؤسسة حكومية
شخص قام بجمع تبرعات لبناء مسجد على قطعة أرض خاصة به وبعد إتمام البناء قام بتأجيره لصالح مؤسسة حكومية، علماً بأن الشخص خطيب مسجد فما حكم ذلك؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ما أخذه هذا الشخص من التبرعات ليبني به مسجداً يجب عليه صرفه في مقتضى ما جمعه لأجله، فإذا خالف ذلك بأن استعمله لمصالحه الخاصة كان خائناً لأمانته مخالفاً لقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27}، وكان متصفاً بصفة من صفات المنافقين، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: آية المنافق ثلاثة: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان. رواه البخاري ومسلم.
وعلى هذا تكون هذه الأموال في ذمته إذا اعتدى عليها بالتفويت في مصالحه الشخصية، والمبنى الذي بناه باق على ملكه ما لم يوقفه في سبيل الله، وقد اختلف العلماء فيما يصير به المسجد وقفاً فيخرج عن ملك صاحبه ويمتنع بيعه وإجارته، وما لا يصير به وقفاً، فيبقى على ملكه فيجوز له التصرف فيه بالبيع، فذهب الحنفية إلى أنه لا يزول عنه ملكه حتى يفرزه عن ملكه ويأذن للناس بالصلاة فيه، فإذا صلى فيه واحد زال ملكه عنه عند أبي حنيفة ومحمد في رواية، وفي رواية أخرى عنهما حتى تصلي فيه جماعة... وذهب المالكية إلى أن وقفه يثبت بالتخلية بينه وبين الناس يصلون فيه، وذهب الشافعية إلى اشتراط النطق بصيغة الوقف، وعلى هذا فإن المسجد المذكور إذا ثبت أن بانيه وقفه لم يصح له التصرف فيه ببيع أو إجارة أو غير ذلك، وإذا لم يثبت له ذلك فهو باق على ملكه يتصرف فيه.
والله أعلم.