عنوان الفتوى : أعطت القيادة لابنتها فانقلبت السيارة وماتت بنتان

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا مواطن عربي مقيم في ايرلندا منذ فترة، وقد توفيت ابنتي في حادث سيارة خلال رحلة نظمتها إحدى الهيئات الإسلامية بالمنطقة وكانت المرأة المسؤولة على الرحلة تقود السيارة و تستقل معها ستة فتيات أخريات منهن ابنتي و كذلك ابنتها. وأثناء السير شعرت المرأة بالتعب فأعطت عجلة القيادة إلى ابنتها التي تبلغ من العمر 19 سنة, وهذه الأخيرة ليست لها خبرة كافية لكي تسوق هذا النوع من السيارات كما أنه كان غير مصرح لها بأن تقود هذه السيارة, ثم إنها كانت تقود السيارة بسرعة مفرطة ولما كانت الفتيات تصرخن بأن تقلل من السرعة إلا أنها كانت تضحك و تقول لا، أما أمها فكانت تقول يكفي من الصراخ إنها تعرف كيف تسوق. وفجأة فقدت التحكم في السيارة فانقلبت بهن مما أدى إلى وفات اثنتين من الفتيات إحداهن ابنتي وإصابة ثلاث أخريات بإصابات بليغة.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

خلاصة الفتوى:

 لقد أخطأت تلك المرأة بما سمحت به لبنتها من تولي السياقة، ولكن الضمان لما حدث يكون على المباشرة للجناية، وهي هنا البنت وهذا من القتل الخطأ فتلزمها كفارة عن كل نفس، وتلزم عاقلتها دية عن كل نفس، فإن لم تكن لها عاقلة فعلى بيت مال المسلمين، فإن لم يوجد فالدية عليها هي، وأما ما حصل من إصابات دون النفس فإن كان ما سيعوض للمتضررة دون قيمة ثلث ديتها فهو على البنت أيضا، وإن كان أكثر من ذلك فهو على التفصيل السابق في الدية.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس من شك في أن تلك المرأة قد أخطأت خطأ كبيرا فيما ذكرته عنها من السماح لابنتها بالسياقة، وهي ليست مؤهلة لقيادة هذا النوع من السيارات.

ومع ذلك فضمان ما حدث لا ينسب إليها، وإنما ينسب إلى البنت المباشرة للقيادة؛ للقاعدة المعروفة عند الفقهاء التي تقول: إذا اجتمع المباشر والمتسبب أضيف الحكم إلى المباشر. ذكرها صاحب الأشباه والنظائر من الحنفية وغيره.

وهذا النوع من القتل يعتبر قتل خطأ. وعليه فتلك البنت يلزمها أن تصوم شهرين متتابعين عن كل نفس لقول الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء:92}.

 وتلزم الدية عن كل نفس، ولكنها تكون على عاقلة البنت إن وجدت العاقلة وهي عصبة القاتل، فإن لم تكن له عاقلة فالدية في بيت مال المسلمين، فإن لم يوجد ففي مال الجاني، وراجع في هذا الفتوى رقم: 22983.

 ويمكنك أن تراجع في مقدار الدية فتوانا رقم: 14696.

وأما البنت التي قلت إنها قد أصيبت بتشويهات في الوجه فإن كان قد حصل لها جرح ورد فيه شيء من الشارع فلها ما ورد في ذلك من عقل.

 وقد جاء في الموطأ عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه: إن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم في العقول إن في النفس مائة من الإبل وفي الأنف إذا أوعى جدعا مائة من الإبل وفي المأمومة ثلث الدية وفي الجائفة مثلها وفي العين خمسون وفي اليد خمسون وفي الرجل خمسون وفي كل أصبع مما هنالك عشر من الإبل وفي السن خمس وفي الموضحة خمس.

وإن لم يكن قد ورد في إصابتها شيء محدد فإنه يكون فيما حصل لها حكومة يقدرها أهل الاختصاص (أي أهل الطب).

وهذا الذي يلزم لها إذا كان يبلغ ثلث الدية فإنه يدفعه عصبة البنت الجانية، وإن كان أقل من ذلك دفعته الجانية نفسها.

وإذا تطوعت بدفع هذه الديات جهة معينة كالتأمين أو الهيئة المنظمة للرحلة أو غيرهما فلا مانع من أخذ ذلك منها.

والله أعلم.