عنوان الفتوى : أجر التعفف عن الجميلة وغير الجميلة

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

من المعلوم أن هناك سبعة يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله ومنهم رجل دعته امرأة ذات جمال... سؤالي هو: في حالة العكس وطلبت امرأة غير جميلة من الرجل الزنا بها ورفض هل يدخل في هذا أيضا؟ وشكراً.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

ففي الحديث الذي رواه الشيخان البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.. فذكر منهم: ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه. انتهى... فهذا الحديث يفيد فضل التعفف عن ذات المنصب والجمال خوفاً من الله ولا يساويه في الفضل من عف عن غير الجميلة، فقد قال النووي في شرح مسلم: وخص ذات المنصب والجمال لكثرة الرغبة فيها وعسر حصولها وهي جامعة للمنصب والجمال، لا سيما وهي داعية إلى نفسها طالبة لذلك قد أغنت عن مشاق التوصل إلى مراودة ونحوها فالصبر عنها لخوف الله تعالى، وقد دعت إلى نفسها مع جمعها المنصب والجمال من أكمل المراتب وأعظم الطاعات فرتب الله تعالى عليه أن يظله في ظله... انتهى.

ولكن العفة عن الفواحش واتباع الهوى عموماً أجرها عظيم، لقول الله تعالى: وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى {النازعات:40-41}، قال المباركفوري في شرح الترمذي: ومن ترك الزنى خوفاً من الله تعالى مع القدرة وارتفاع الموانع وتيسر الأسباب لا سيما عند صدق الشهوة وصل إلى درجة الصديقين، قال تعالى: وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى... انتهى.

وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان: وقد اتفق السالكون إلى الله على اختلاف طرقهم وتباين سلوكهم على أن النفس قاطعة بين القلب وبين الوصول إلى الرب، وأنه لا يدخل عليه سبحانه ولا يوصل إليه إلا بعد إماتتها وتركها بمخالفتها والظفر بها. فإن الناس على قسمين: قسم ظفرت به نفسه فملكته وأهلكته وصار طوعاً لها تحت أوامرها، وقسم ظفروا بنفوسهم فقهروها، فصارت طوعاً لهم منقادة لأوامرهم.

قال بعض العارفين: انتهى سفر الطالبين إلى الظفر بأنفسهم، فمن ظفر بنفسه أفلح وأنجح، ومن ظفرت به نفسه خسر وهلك. قال تعالى: فَأَمَّا مَن طَغَى* وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا*فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى* وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى... فالنفس تدعو إلى الطغيان وإيثار الحياة الدنيا، والرب يدعو عبده إلى خوفه ونهي النفس عن الهوى، والقلب بين الداعيين، يميل إلى هذا الداعي مرة وإلى هذا مرة.. وهذا موضع المحنة والابتلاء.. انتهى.

والله أعلم.