عنوان الفتوى : من أعظم الإحسان الدعاء للأب الفاسق بالتوبة والهداية
أرجو تفضلكم بقراءة رسالتي وتوجيهي إلى الوجهة الإسلامية الصحيحة هداكم الله تعالى، أنا شاب أسعى للزواج وإعفاف نفسي عن الحرام والأنُس بزوجة أحبها وتحبني وأحصنها وتحصني وأنجب منها أولادا صالحين يفيدون الدين، لكن مشكلتي في الحياة هي أبي فهو إنسان لا يقدر أي مسؤولية ولا يهتم بالدين ودائم التعصب ولا أجد لديه أي نصح لي ولا أتذكر لمرة واحدة أني جلست مع أبي مرة واحدة لنتكلم في أي أمر من أمور الدنيا أو الآخرة بل لم أجده مرة واحدة أمرني بالصلاة أو بالصيام أو بأي من تعاليم الدين عموماً بل إنه بصراحة غير ملتزم نهائياً بالدين ولا يصلي إلا نادراً وقد شاهدته مرة في نهار رمضان يشرب الماء ولا أعلم أنه يوجد لديه أي سبب شرعي أو طبي يجعله لا يستطيع الصيام بل أنه دائما لا يقدر الدين ولا يجل الله تعالى وإذا ذكر له اسم الله مرة في أحد ساعات تعصبه فإنه يسب الله والعياذ بالله وإذا تكلمت معه في أي موضوع أجده يتكلم بكلام غير سوي وغير عقلاني بالمرة ويدخلني في أكثر من موضوع بدون أي إفادة وأجده لا يدري ما يقول وغير مستوعب لما يحيط به بل إنه يعيش لمجرد العيش ولا يهتم نهائياً والله العظيم لا يعنيه نهائياً مستقبل أولاده ولا يحرص على التعرف على مشاكلنا ولا يطرح معنا أي موضوعات للنقاش وهذا ما يجعلني أشعر أن أبي غريب عني بصراحة لا أجد كلاما أستطيع أن أتحدث معه فيه وعلاقتنا تعتبر في حكم الميتة إكلينيكياً ولا فائدة من بقائنا سوياً، وأتذكر لوالدي مواقف كثيرة كثيرة جداً تدل على عدم اهتمامه بمستقبلي وعلى عدم رعايته لنا أنا وإخوتي وأمي وللعلم أبي يعمل مدرسا وهو رجل كبير 55 سنة تقريبا ويعطي دروساً خصوصية ولكني أرى العجب العجاب في هذه الدروس حيث لا تخلو من سب التلاميذ وسب الدين أمامهم واعتقد أن هذه الدروس بلا فائدة.لكن كل هذا كوم وما خفي كان أعظم حيث إنه يحصل على دخل شهري كبير نسبيا من المرتب الحكومي ومن الدروس الخصوصية لكن مع الأسف لا يمر يوم واحد أو يومين على الأكثر من الحصول على المرتب الشهري إلا وتنفد أمواله ولا يبقى معه شيء ويطالب أمي المسكينة بمرتبها وما تحصل عليه رغم أنها المتعهدة بمصاريف دراسة أختي في إحدى كليات القمة وهي تساعدني في التجهيز لأمور الزواج وشراء المستلزمات الأساسية للبيت الجديد، لكن دائما ما يقول أبي عبارات لا أفهمها حيث يستشهد دائما بقوله صلى الله عليه وسلم أنت ومالك لأبيك ويقول أعطني من مالك مع أن ما أحصل عليه لا يمكن أن يسد احتياجات الزواج بل أني أحتاج معه الكثير والكثير ولا أجد من يساعدني إلا الله وهو الذي يوفقني للعمل والتعب لأجل أن أستقل بحياتي ولا يريد أبي أن يقدم لي أي عون، فهل أنا مجبر على أن أعطيه من أموالي ودخلي الشهري، علماً بأن عملي في القطاع الخاص وغير دائم وإن ما أحصل عليه لا يقدر بنصف راتب ودخل أبي وأني لا أستطيع الزواج إلا إذا وفرت كل ما أحصل عليه لبناء البيت الجديد فأرجو الإفادة أفادكم الله تعالى.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن أعظم البلوى أن يبتلى الابن بأب فيه رقة في دينه وقسوة في طبعه، فإن كان والدك على ما ذكرت من أنه يسب الدين ويسب الذات الإلهية، وأنه لا يصلي إلا نادراً فهو في مصيبة عظيمة نسأل الله له الهداية والصلاح، فسب الله تعالى أو سب دينه من الكفر بالله تعالى، كما بينا الفتوى رقم: 24438.
ثم إن الغالب في الأب شفقته على أولاده وحرصه على مصلحتهم والاعتناء بهم، فمن الغريب ما ذكرت عن والدك من كونه على خلاف ذلك، ومع هذا كله فحقه الإحسان إليه، ومن أعظم الإحسان إليه نصحه وتذكيره بالله تعالى والدعاء له بالتوبة والهداية، عسى الله أن يهديه، وراجع في ذلك الفتوى رقم:99478، والفتوى رقم: 69035.
ويجوز للوالد أن يأخذ من مال ولده، ولكن هذا ليس على إطلاقه؛ بل هو مقيد بالحاجة، وبما لا يضر بالولد، فعليك بالتلطف بأبيك هذا ومساعدته بما يمكن، ومداراته وبذل الحيلة في التخلص من طلباته إذا لم يكن بإمكانك تلبية طلبه، ونوصيك بالحرص على الزواج من أسرة طيبة تتفهم وضعك المادي وتعينك في تيسير الزواج، ويسر الزواج من أسباب بركته، كما هو مبين في الفتوى رقم: 44235.
والله أعلم.