عنوان الفتوى : كيفية قبض السلعة بعد شرائها
اشتريت بضاعة من تاجر ودفعت ثمنها، ثم بعتها له في مكانها دون أن أحزها، مع العلم أني امتلكتها حكماً، ولي الخيار في البيع فما الحكم؟ وهل يشترط أن لا يسمى هذا في العقد أم لا ؟ وجزاكم الله خيرا على علمكم الجزيل وعملكم الجميل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبه بداية إلى أنك إذا كنت قد اشتريت هذه السلعة بالأجل بثمن معين ثم بعتها للبائع الذي اشتريتها منه نقدا بثمن أقل فهذا هو بيع العينة المحرم، سواء شرط في العقد أن تبيع له أم كان لك الخيار، وسواء أبعته في نفس المكان الذي اشتريت منه فيه أم في غيره، وراجع الفتوى رقم: 67071.
وأما بخصوص السؤال فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، فروى أحمد وأبو داود وصححه ابن حبان والحاكم عن زيد بن ثابت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى أن تبتاع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم. ولكن هذه الحيازة قد تكون حقيقية وقد تكون حكمية، ومن أدلة ذلك ما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فكنت على بكر صعب لعمر، فكان يغلبني فيتقدم أمام القوم فيزجره عمر ويرده، ثم يتقدم فيزجره عمر ويرده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: بعنيه، قال: هو لك يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بعنيه، فباعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هو لك يا عبد الله بن عمر تصنع به ما شئت. ففي الحديث أن الجمل دخل في ملكية النبي صلى الله عليه وسلم بمجرد العقد ولم يقبضه الرسول صلى الله عليه وسلم بيده أو ينقله نقلا فعليا. قال الحافظ ابن حجر: وقد احتج به المالكية والحنفية في أن القبض في جميع الأشياء بالتخلية، وإليه مال البخاري.اهـ.
وعلى هذا تصح حيازة السلعة بالتخلية أو بنقلها لموضع لا اختصاص للبائع فيه، ويقوي ذلك إجماع العلماء على أنه لو استوفاه بالكيل أو الوزن إلى آخره لجاز له بيعه في موضعه كما ذكره ابن عبد البر وقال: العلة في انتقاله من مكان إلى مكان سواه: قبضه على ما يعرف الناس من ذلك وأن الغرض منه القبض، وقلما يمكن قبضه إلا بانتقاله، والأمر في ذلك بين لمن فهم.اهـ. وراجع للمزيد الفتوى رقم: 72824.
والله أعلم.