عنوان الفتوى : حكم التعامل والحساب بالأشهر الشمسية

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

قرأت في كتاب الله الكريم الآية التي تقول {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين} فأردت أن أعرف, هل معنى ذلك أننا مطالبون أن نتعامل في حياتنا كلها بالأشهر العربية وأن نحسب أعمارنا كذلك بهذه الأشهر, لأنها هي الطريقة المعتمدة عند الله رب العالمين؟وهل معاملاتنا بالأشهر الميلادية تعتبر إثما أو ذنبا لأننا تركنا الطريقة التي حددها لنا ربنا سبحانه وتعالى، فأفيدونا؟ وجزاكم الله خيراً.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلقد كان العرب في الجزيرة العربية يتبعون الحساب القمري، ويعتمدون في ذلك على الرؤية البصرية للهلال ابتداء من مشاهدته لأول مرة في الشهر إلى مشاهدته ثانية في بداية الشهر التالي، وعدة الشهور عندهم اثنا عشر شهراً، ذلك لأنهم يعلمون أن الفصول تعود إلى وضعها بعد مرور اثني عشر مرة من أوضاع القمر، فجاء القرآن يؤكد هذه الحقيقة، حيث قال جل من قائل: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ {التوبة:36}، وقد وضع الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه التاريخ الهجري القائم على الشهور القمرية، بعدما جمع الصحابة واستشارهم في أي تاريخ يجعلون.

فاتفقوا جميعاً على وضع التاريخ الهجري بعد استعراض الأحداث الكبرى من ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم ونزول الوحي ووفاته صلى الله عليه وسلم، واستعراض تاريخ الأمم الأخرى، فاختاروا التاريخ الهجري لعدة عوامل من أهمها مخالفة المشركين التي أمر بها الشرع، ومنها تميز هذه الأمة عن غيرها.

كما أن جميع التكاليف الشرعية قد ربطها الشارع بالأهلة، وعلى ذلك فإن السنة المعتبرة في الإسلام هي السنة القمرية، وأن الشهور المعتبرة هي الشهور القمرية.

وأما الأشهر الشمسية فقد كانت معروفة من قبل، وكان الارتباط بها قد تسببه أن نضج المحاصيل الزراعية ومواسم الأمطار والحر والبرد وغيرها من التغيرات المناخية يتبع الدورة الشمسية، ومن هذا العرض نتبين أن التكاليف الشرعية من زكاة وصيام وحج وانتهاء عدة وغيرها يلزم الأخذ فيها بالأشهر القمرية.

وأما المعاملات وغيرها من الآجال التي يحتاج إليها الناس، فلا شك أن الاقتصار فيها على الأشهر القمرية أولى، لما فيه من مخالفة المشركين، مع أن المرء لو قام بالتأجيل في الأمور المادية بالأشهر الشمسية لما كان عليه في ذلك من حرج خصوصاً إذا احتاج إلى ذلك.

والله أعلم.