عنوان الفتوى : الوسوسة وإبطال النية وتغييرها أثناء العبادة
يا شيخنا عندي مشكلة معقدة هي أني أعاني من وسواس قهري منذ أمد طويل وهو كالآتي: عندما أشرع في الوضوء أو الغسل أو الصلاة أشعر أني لم أنو هذه العبادات فأمكث زمنا قد يطول أحيانا لاستحضار النية كما أضطر في كثير من الأحيان إلى القسم وبأغلظ الأيمان بأن لا ألتفت إلى هذا الوسواس لكن يعاودني مرات ومرات وعندما أبدأ فعلا في هذه العبادات أشعر أني أبطلت نيتي أو أن صلاتي باطلة فأعيدها وتتكرر المأساة ونفس الشيء يحدث مع الغسل، فما هو الحل وما هي النية، وهل هي ركن في العبادات، وهل تغير النية أو إبطالها أثناء العبادة مفسد لها، فأرجو إفادتي؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فينبغي أن يعلم الأخ السائل أن النية ركن في العبادات، ولكن محلها القلب ولا يحتاج استحضارها إلى كبير عناء ووسوسة بل هي مجرد قصد الإنسان للشيء وعلمه به.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى: فإن النية تتبع العلم فمن علم ما يريد فعله نواه بغير اختياره، وأما إذا لم يعلم الشيء فيمتنع أن يقصده... انتهى.
وكل فعل يفعله الإنسان العاقل لا بد أن يكون له قصد بذلك الفعل، ولذلك قال بعض العلماء لو كلف الإنسان أن يفعل شيئاً بلا قصد أي بلا نية لكان تكليفاً بما لا يطاق، فإذا أراد الأخ السائل الوضوء وتوضأ فقد حصلت النية بذلك وكذلك إذا أراد صلاة الظهر مثلاً وعلم أنه سيصلي الظهر فقد وقعت النية بذلك، فلا ينبغي أن يسترسل مع الوسوسة فإنها شر مستطير تجعل الإنسان كأنه لا عقل له، فالنية محلها القلب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومعلوم في العادة أن من كبر في الصلاة لا بد أن يقصد الصلاة، وإذا علم أنه يصلي الظهر نوى الظهر فمتى علم ما يريد فعله نواه ضرورة. انتهى.
وأما إبطال النية فإنه مبطل للعبادة، فمن نوى الصلاة ثم نوى قطعها بعد أن شرع فيها فإنها تبطل، بشرط أن تكون نية القطع جازمة عنده لا تردد فيها، وكذا من صام ثم نوى الفطر أثناء صيامه فإنه أفطر، وأما تغيير النية فقد يكون في بعض الصور مبطلا، فمن كبر لصلاة العصر مثلاً ثم أثناء الصلاة ذكر أنه لم يصل الظهر فنواها ظهراً بطلت الصلاة ولم تحسب ظهراً لأنه لم ينو من أول الصلاة ولم تحسب عصراً لأنه أبطلها، ولكن من صلى فرضاً ثم نواها نفلاً مطلقا أثناء الصلاة صحت نفلاً.
وانظر الفتوى رقم: 67576 حول تغيير النية، والفتوى رقم: 7578، حول علاج الوسوسة في الوضوء وغيره، وكذلك الفتوى رقم: 56647.
والله أعلم.