أخطاء في الولائم والأفراح


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعــد:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102] .

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1] .

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71] .

أما بعـد:

أيها الإخوة المسلمون: ففي هذه الأشهر المقبلة من كل سنة تكثر الولائم، وتزداد الأعراس، ولا بد لنا عند هذه الولائم من وقفة: السنة فيها، ثم حال بعضنا معها.

قال النبي صلى الله عليه وسلم لـعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: (إنه لا بد للعرس من وليمة) وليمة العرس: أحكامها، والسنة فيها، وما يخالف الناس فيه من الشرع في هذه الأيام، قال عليه الصلاة والسلام: (إنه لا بد للعرس من وليمة) قال العلماء: إنها واجبة، وقال بعضهم: بل مستحبة.

إليكم بعض السنن في الوليمة:-

أولاً: يجب في ولائم الأعراس عدم الإسراف:-

فقد أوْلَمَ النبي صلى الله عليه وسلم بعد خيبر في عرسه وبنائه على صفية رضي الله عنها، وانظروا كيف كان زواج خير الخلق؛ يقول الراوي وهو أنس: (بسط في نطع -أي: الجلود على الأرض، هذه وليمته- ووضع فيها التمر والعذق والسمن، فتجمع الناس وأكلوا حتى شبعوا) فكانت وليمة خير الخلق عليه الصلاة والسلام التمر والسمن.

وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب رضي الله عنها فأولم، فكانت وليمته من أكثر ولائم نسائه، أتدرون ما قدرها؟ شاة واحدة، ذبحها ووزعها وأكل الناس منها، فهذه هي وليمته عليه الصلاة والسلام.

ويستحب في الوليمة أن يكون فيها اللحم كما قال عليه الصلاة والسلام لـعبد الرحمن بن عوف ، وهو من أغنياء الصحابة، قال: (أوْلِمْ ولو بشاة) وذلك إن تيسر اللحم.

ثانياً: ويستحب فيها: أن يُدعى الصالحون ولو كانوا فقراء، ويُترك الفُساق وإن كانوا أغنياء، قال عليه الصلاة والسلام: (لا يأكل طعامك إلا تقي) والوليمة من الطعام، لذا قال: (إلا تقي) وبعض الناس هذه الأيام يحرص أن يأتي الأغنياء والوجهاء والكبراء وأهل المناصب، ولعله يصورهم، ويفتخر عند الناس بهم، وإن أتاه الفقراء -ولو كانوا مصلين- أصابه الضيق والحسرة، لا. بل عليه أن يدعوهم إلى الولائم، ولا يدعو الأغنياء، وأهل المناصب، قال عليه الصلاة والسلام: (شر الطعام طعام الوليمة يُدعى إليها الأغنياء، ويُترك الفقراء) ولو نظرت إلى واقعنا لرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتكلم من علم النبوة، ومن وحي الرحمن جل وعلا.

ثالثاً: يجب عليك إن دُعيتَ إلى وليمة عرس أن تجيب:-

قال عليه الصلاة والسلام: (ومن لم يجب الدعوة -أي: دعوة الوليمة- فقد عصى الله ورسوله) .

وقال: (ولو دُعيت إلى كِراع لأجبت) أي: إن دعيتَ إلى وليمة عرس ولم يكن هناك ثَمَّ منكر في الوليمة، ولم يكن عندك أمر أوجب من هذه الوليمة، يجب عليك أن تلبي الدعوة وتستجيب لها.

أما إن أتيت إلى العرس فرأيت فيه منكراً، فلا يجوز لك أن تحضره، وارجع -يا عبد الله- ولو كنت مدعواً إليها، فعن علي قال: (دعوت النبي صلى الله عليه وسلم فأتى، ثم رجع فقلت: يا رسول الله! دعوتُك فلم تأتِ، قال: إن في البيت تصاوير، وإن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة) رأى ستراً فيه تصاوير، فرجع، ولم يأتِ إلى صهره وإلى ابن عمه، وإلى خير الناس بعد أبي بكر وعمر وعثمان ، رجع ولم يُجِب دعوته؛ لأن في البيت صورة، ماذا نقول في أعراسنا وولائمنا: كيف نحضرها إن كان فيها منكر أكبر من الصورة؟!

وقيل: إن عمر دعاه نصراني في الشام ، وقال له: إني أحب أن تتضيف عندي أنت وأصحابك يا عمر! فقال له عمر رضي الله عنه: [إنا لا نسكن كنائسكم من أجل الصور التي فيها] لا نسكن هذه الكنائس؛ لأن فيها منكراً، هي الصور، ولا ندخل مكاناً فيه منكر.

ولو اعتاد الصالحون وأهل الفضل منا، والناس جميعاً ألا يدخلوا هذه المجالس التي تعلَّق فيها الصور، أتظنون أن أصحابها سوف يستمرون بتعليقها؟! أم تظنون أنهم سوف يصرون على تعليقها على الجدران؟! لا والله، بل سوف يزيلونها إرضاءً للناس قبل أن يكون إرضاءً لله.

أيضاً إن أتيت إلى العرس، يُستحب لك أن تدعو بالسنة، تقول: بارك الله لك وبارك عليك، وجمع بينكما في خير. وغيرها من الكلمات التي اعتادها الناس، وليس فيها محظور شرعي، أما ما يقوله بعض الناس: بالرفاء والبنين، فهذا فيه محظور، ويجب تركه لماذا؟ لأن العادة في الجاهلية أنهم كانوا يتمنون البنين على البنات، ويفضلون البنين على البنات، فلهذا كان يدعو بعضُهم لبعض: بالرفاء والبنين، أما البنات فلا: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ [النحل:58].

أما في ديننا فلا فرق بين البنين والبنات؛ فتدعو بما سنه لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير، وغيرها من الكلمات التي اعتادها الناس وليس فيها محظور.

ثم يستحب إعلان النكاح، وإظهاره في الناس؛ لئلا يكون مستوراً ولا مخفياً، وقال عليه الصلاة والسلام: (فرقوا ما بين النكاح والسفاح بالضرب بالدفوف) والصوت حتى يُعلم النكاح، وحتى يفرق بينه وبين السفاح، وما يفعله الناس من أضواء، قالوا: لإعلان النكاح وغيرها من الخيام؛ لأن فيها شيئاً من إعلان النكاح.

أما الضرب بالدفوف، والغناء في الأعراس فإن في هذا ضوابط وحدوداً فاسمعها يا عبد الله:

أولاً: الأصل في المعازف والغناء والموسيقى التحريم، إنما أبيح في حالات محدودة:-

الضرب بالدف، فلا يباح غيره في الأعراس، فلا تباح الموسيقى ولا الطبول ولا غيرها من أنواع المعازف.

ثانياً: إنما الذي يباح له أن يغني في العرس الجواري الصغيرات، كما سمع النبي صلى الله عليه وسلم جارية تغني في يوم عرسه ووليمته.

ثالثاً: إن غنت الصغيرة البالغة فإنه لا يجوز أن يسمعها الرجال، وإن غنت الكبيرة بالدفوف لا غير، وبالكلام الحسن لا الفاحش ولا البذيء، فإنه يكون في مكان لا يسمعها الرجال، إذا كانت المرأة تُنهَى عن الأذان، وتنهى عن رفع الصوت بالصلاة إذا سمعها الرجال، وإذا أخطأ الإمام فلا تسبح، فكيف بالأغاني وسط الأعراس؟! فإنها تُنهى أن ترفع صوتها فيسمعها الرجال.

أما إن كُنَّ صغيرات وليس في أصواتهن فتنة، فإنه يُباح رفع أصواتهن، والضرب بالدفوف، قال عليه الصلاة والسلام عندما زفت عائشة امرأة كانت ترعاها وتكفلها، فلما كبرت زفتها إلى أحد الأنصار، قال لها عليه الصلاة والسلام: (أما كان معكم لهو؟! -أي: شيء من الغناء المباح- فإن الأنصار يعجبهم اللهو، ثم قال لها: أرسلي لها جارية تغني لها -أي: بنتاً صغيرة- قالت عائشة: ما تقول؟ قال: لتقل:

أتيناكم أتيناكم      فحيانا وحياكم

ولولا الحبة السمرا      ما كبرت عذاريكم

ولولا الذهب الأحمر      ما حلت بواديكم
)

كلمات ليس فيها فُحش، ولا بذاءة، ولا تغزل بالنساء، ولا وصف لعوراتهن، ولا غيرها من الكلمات البذيئات.

ثم -يا عبد الله- اسمع إلى عرس النبي صلى الله عليه وسلم عندما تزوج إحدى نسائه، فقال لـأنس: (يا أنس! اذهب فادعُ فلاناً وفلاناً وفلاناً، ومن لقيتَ من المسلمين -فأتت أم سليم وصنعت شيئاً من الطعام المتواضع، ووضَعَته في أناء من نحاس، فأتت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم) هذه وليمته- قال لـأنس: ادعُ فلاناً وفلاناً وفلاناً ومن لقيتَ من المسلمين، قال أنس -وكان خادماً للنبي صلى الله عليه وسلم- فذهبتُ ودعوتُهم، ومن لقيتُ من المسلمين، قال الراوي: كم كان عددهم؟ قال: زهاء الثلاثمائة.

وصل عددهم ثلاثمائة تقريباً، ملئوا بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وليس عنده إلا طعام في إناء واحد من نحاس، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ووضع يديه فيه ودعا بالبركة، وقال: ما شاء الله! ثم قال لـأنس: أخبر الناس ليتحلقوا عشرة عشرة، ثم قال لـأنس: أعطهم، وقل لهم: ليسموا الله، وليأكلوا مما يليهم، قال أنس: فأعطيناهم الطعام، فأكلوا وشبعوا جمعياً، قال: فقال لي رسول الله: ارفعه يا أنس! فرفعتُه فلا أدري أكان عندما وضعتُه أكثر أم عندما رفعتُه، ولم يأكلوا منه شيئاً، وشبع الناس جمعياً معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم، هكذا كانت ولائمه- قال: فأكل الناس، ثم جلسوا وانتظرو عليه الصلاة والسلام حتى يخرج، فجلسوا يتحدثون ويتسامرون، وأعجبهم الجلوس، وامرأته قد أقبلت مختفية خلف الحائط، ووجهُها إليه، يقول: فخرج عليه الصلاة والسلام فرأى الناس جالسين، ثم رجع، ثم خرج، ثم رجع، ولَمْ يُرِدْ أن يخرجهم، وكأنه تضايق منهم، فأنزل الله جل وعلا: فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا [الأحزاب:53] أي: اخرجوا، وليذهب كل منكم إلى عمله وإلى منزله، فخرج الناس جميعاً.

هكذا كانت وليمته عليه الصلاة والسلام، وهكذا كان التلطف فيها، وهكذا كانت سنته في الولائم.

أقول هذا القول.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

أما بعــد:

نظرة سريعة إلى أعراسنا وولائمنا، وإلى الخيام التي توضَع وفيها ما فيها من مخالفات شرعية:-

أولاً: بعض الناس يأتي بالفرق الشعبية، التي تعزف وتغني:-

بل بعضهم يأتي لهم بأموال طائلة، لعل أموال الفرق تعدو أو تربو على أموال العرس كله، وعلى أموال الزواج كلها.

ثانياً: بعضهم يضع مكبرات الصوت فوق البيوت؛ لتغني تلك المغنية:-

وبعضهن -نعيذكم بالله من الفاجرات- تقول كلاماً بذيئاً، وبعضهن لا تستحي من بذاءة كلامها؛ فترفع الأصوات، ويسمعها الرجال، وتزعج البيوت، ويظن بعض الناس أنه من غناء النكاح، لا والله، إن هذا من المجاهرة بالمعصية وبالإثم، إنما العرس الذي هو على السنة: جوارٍ صغيرات يغنين، ويضربن بالدفوف بكلام حسن ليس فيه فحش ولا بذاءة، إما إن كُنَّ كبيرات فلا يسمعهن رجل مهما كان.

ثالثاً: لننظر إلى أعراس النساء وما فيها من الملابس الفاضحة:-

فإن المرأة تلبس في الأعراس من الملابس الفاضحة ما لا تلبس في غيرها، بل يحصل في كثير من الأعراس من الاختلاط ما لا يعلمه إلا الله، الزوج يدخل على زوجته أمام النساء، من يرى؟ يرى فلانة متعطرة متطيبة، وفلانة متبرجة، وفلانة كاشفة، وفلانة فيها ما فيها، ويدخل بين النساء، من الذي أباح له ذلك؟! ومن الذي سمح له بذلك؟! وأين الرجال الغيورون؟! أين الرجال الذين يمنعون نساءهم أن يدخل عليهن الرجال؟!

يا عباد الله! قال عليه الصلاة والسلام لأصحابه: (إياكم والدخول على النساء، قالوا: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟! -الحمو أخو الزوج- قال: الحمو الموت) فما بالكم بالغريب؟! ما بالكم بابن العم؟! ما بالكم بذلك البعيد الذي يدخل في صالة النساء وهن متبرجات متعطرات؟!

بل يحدث أكثر من هذا، لا يدخل الزوج فقط، بل يدخل معه بعض الرجال، إلى صالات النساء، وما أدراك ما فيها، بل إن المتحجبة فيهن من تغطي وجهها، وتستر نفسها، وترضى بالمنكر، نعم، ولقد أصابها شيء من الإثم، لكنه أهون من غيرها.

رابعاً: ما يحدث في كثير من ولائم المسلمين في هذا الزمان من الإسراف ومما لا يعلمه إلا الله:-

انظروا بعض الأعراس ماذا يحدث فيها من الأرز واللحوم والطعام المنتشر، بل تكاد براميل القمامة أن تمتلئ بهذا الطعام، الذي لو أُعطي قبيلة كاملة في بلد من الصومال أو غيرها لعله يشبعهم ويكفيهم، وهنا يُرمى في الزبالات والقمامات، لِمَ؟ ليقال: فلان كريم، وليقال: أولم بعشرين شاة، وليقال: نَحَرَ جَزُوراً، وليقال: سالت الدماء، وليقال: انظروا إلى كرمه، كل هذا افتخاراً وكبراً ومباهاة بين الناس: ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ [التكاثر:8] نعم، والله الذي لا إله غيره سيسأل عن هذا الطعام حبة حبة، وطعاماً طعاماً، أليس منا رجل رشيد يأخذ هذا الطعام المتبقي ويوزعه على الفقراء؟! أليس منا رجل عاقل يقدِّر الطعام: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأعراف:31] .

خامساً: ما يحصل في كثير من الأعراس من وضع مَنَصَّة:-

وما أدراك ما المنصة! تلك البدعة الجديدة، وتلك العادة الغريبة التي أُدخلت على بلاد المسلمين، حيث يجلس الرجل بجانب زوجته ليلاً؛ ليراه النساء، وليتمتعن بمشاهدته، ولينظرن إلى شكله.

يا عبد الله! إن كنت من الصالحين فلا تسمح بهذا، وإن كنت من عباد الله المتورعين المتقين فلا تسمح بهذا.؛ إن كان عرسك أو عرس غيرك فعليك بمنعه، كيف يجلس الرجل أمام النساء متزيناً متطيباً والنساء ينظرن إليه؟! بل وينظر إليهن، بل أزيدكم أن في بعض الأعراس -أعاذنا الله وإياكم منها- من يُقَبِّل زوجتَه أمام الناس، وهذا حصل في بلاد المسلمين، والأمر غريب، والأمر عجيب! من أين تأتينا هذه العادات؟! بل يأتي من يصوره مع زوجته في وضع غريب وفي عادة سيئة، والنساء ينظرن إليه: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ [النور:31] .

سادساً: ما يحصل في بعض أعراس المسلمين من إسراف في إيجار بعض الصالات:-

كصالات الفنادق، وما أدراك ما تلك الإيجارات! إيجارات غالية، يستطيع أن يستبدلها ببعض الصالات الرخيصة التي يوفر فيها الأموال والأكل؛ إنها السمعة! إنه الفخر! إنه الكبرياء! إنها المباهاة! لا بد أن يكون في أفخم الصالات وأغلاها، وأرقى أنواع الأطعمة، وأكثر الأموال، بل في بعض الأعراس ما تُرمى فيه الأموال رمياً، وتنثر على كثير من المغنيات، وعلى كثير من الفرق؛ ليقال: انظروا إلى فلان كريم، وفلان عنده أموال، وفلان لا يبالي بالأموال: (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميلة، تعس عبد الخميصة، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش).

أسمعتم بقصة قارون؟! ما الذي خسف به الأرض؟! إنه الفخر والكبرياء.

سابعاً: ما يحصل في تلك الأعراس من لباس فيه حد يفوق الإسراف والله:-

بل لا أعرف له اسماً في مصطلح الشرع، تلبس بعض النساء فستاناً وثوباً بعضه يفوق آلاف الدنانير، لتلبسه ليلة واحدة، ثم أين؟ ترميه ولا تلبسه مرة أخرى؛ لتقول بين النساء: ثوبي في ليلة العرس بألف دينار، وبعضه من ألف وخمسمائة دينار، وبعضه من ألفي دينار، ثم لتلبسه ليلة واحدة، ثم تضعه، وبعض أولئك ما يكون من أعلاه إلى أسفله الذهب والفضة والجواهر الغالية التي والله أظن كما يظن غيري أنه فوق حد الإسراف، بل تجاوز حد شكر النعمة.

ثامناً: ما يحصل في أعراسنا من منكرات -وهذه بعضها، والمنكرات كثيرة- من تصوير للنساء بالأفلام والصورة الفوتوغرافية:-

ثم إذا أنت تطبع هذه الصور، وما أدراك من يراها؟! ولا تستحي -يا عبد الله- أن تنتقل هذه الصور بين الناس، وبين الرجال، وبين أقارب الزوج وأصدقائه، وأقرباء الزوجة وأصدقائها، ثم ينظر الناس، من هذه؟ ومن تلك؟ بنت مَن هذه؟ وأخت مَن هذه؟ وزوجة مَن هذه؟ أتعلمون لِمَ؟ لأننا سمحنا شيئاً فشيئاً بهذه المنكرات حتى أصبحت الأعراض أرخص ما لدينا، بل أصبح كشف أعراضنا، واختلاط نسائنا بالرجال أهون ما لدينا.

عباد الله: لنتق الله عزَّ وجلَّ، وليكن يوم العرس ويوم الوليمة يوم شكر لله، ولنعمة الله، لا يومَ كفر لله عزَّ وجلَّ، ولا للإسراف، ولا للزينة المحرمة والغناء المحرم، وليكن يوماً نذكر الله فيه ليبارك لنا في هذه الليلة، لا يوماً نكفر الله عزَّ وجلَّ فيه، فيلعن أصحاب تلك الليلة: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ [إبراهيم:7] .

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر اللهم أعداءك أعداء الدين.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.




استمع المزيد من الشيخ نبيل العوضي - عنوان الحلقة اسٌتمع
رسالة إلى كل من ابتلي بمس أو سحر أو عين 2675 استماع
فرصة للتوبة 2621 استماع
فصة برصيصا 2589 استماع
التوحيد 2585 استماع
قصة الفاروق الحلقة السادسة 2522 استماع
العبادة في رمضان 2476 استماع
الوقت وأهميته 2455 استماع
لنخرج العباد من عبادة العباد 2449 استماع
دعاة الفساد 2446 استماع
لقاء مع الشيخ المغامسي 2429 استماع