أرشيف المقالات

الرغيف

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
8 للأستاذ جليل الرغيف فرزدقاً كان، أو كان من السميذ الحواري هو معضلة العالمين كلهم أجمعين منذ أن تجم الكائنان الأولان اللذان سماهما الأستاذ الأكبر (إرنست هيكل): , ومنذ أن ظهر آدم ونوح إلى أن يرث الأرض ومن عليها فلهذا الرغيف يعمل العاملون، ولهذا الرغيف يخاطر المخاطرون، ولهذا الرغيف يتقاتل هؤلاء المتقاتلون، ولهذا الرغيف يصنف العلماء ويخطب الخطباء ويكتب الكاتبون (ما صنف الناس العلوم بأسرها ...
إلا لحيلتهم على تحصيله)
ومن كان لا يقبل (المقالة) إلا ومعها الشاهد والمثل وبيت الشعر فليستمع إلى هذه الأحاديث (الأماليح الأفاكيه) وليكن لها من الواعين، فإنها من عيون الأحاديث أو أعيانها كما يريد موهوب الجواليقي في مجمع الأمثال للميداني: لولا الخيز لما عُبد الله في (برد الأكباد في الأعداد) للثعالبي: أبو الدرداء الكلوذاني: الدنيا تدور على ثلاث مدورات: الدينار، والدرهم، والرغيف في (فتوح البلدان) للبلاذري: قال كثير بن شهاب يوما: يا غلام، أطعمنا، فقال: ما عندي إلا خبز وبقل. فقال: ويحك! وهل اقتتلت فارس والروم إلا على الخبز والبقل؟ في (الفتوحات المكية) لابن عربي: إذا عاينت ذا سير حثيث ...
فذاك السير في طلب الرغيف له صلوا وصاموا واستباحوا ...
دم الكفار والبَرِّ العفيف له تسعى الطيور مع المواشي ...
له يسعى القوي مع الضعيف في (ثمار القلوب في المضاف والمنسوب) للثعالبي: قال خلف الأحمر: كنت أرى أنه ليس في الدنيا رقية أطول من رقية الحية، فإذا رقية الخبز أطول منها.
يعني ما يتكلفه الإنسان من النظم والنثر والتآليف والخطب لطلب المال قال الشافعي: لا تشتشيروا أحداً لا يكون في بيته دقيق؛ فإن عقله زائل حكي عن محمد صاحب أبي حنيفة قال: كنت ذات يوم جالساً وكتب الفقه مطروحة أؤلفها؛ فجاءت خادم إليَّ وقالت قد فني الدقيق، فذهب عن خاطري خمس مئة مسألة مما كان نصب عيني وأردت إيداعها الأصول، فما ذكرت منها شيئاً بعد ذلك في (نهاية الأرب) للنويري: قال جعفر الكاتب: قال لي إبراهيم بن سيابة الشاعر إذا كانت في جيرانك جنازة وليس في بيتك دقيق فلا تحضر الجنازة؛ فإن المصيبة عندك أكبر منها عند القوم، وبيتك أولي بالمأتم من بيتهم في ديوان (ابن هانئ الأندلسي): ولذا صار كل ليث هِزَبر ...
قانعاً من زمانه بالرغيف في شرح النهج لابن أبي الحديد: لولا ثلاث لم يسلل سيف: سلك أدق من سلك، ووجه أصبح من وجه، ولقمة أسوغ من لقمة في كامل المبرد: كان مالك بن أنس يذكر (قلت: أربعة من عظماء هذه الأمة) فيقول: والله ما اقتتلوا إلا على الثريد الأعفر سمع جحظة قول الشاعر: وإذا غلا شئ عليّ تركته ...
فيكونُ أرخص ما يكون إذا غلا فقال: إلا الدقيق فإنه قوت لنا ...
فإذا غلا يوماً فقد تزل البلا في شرح النهج لابن أبي الحديد: توصل عبد الله بن الزبير إلى امرأة عبد الله بن عمر في أن تكلم بعلها عبد الله في أن يبايعه، فكلمته في ذلك، وذكرت صلاته وقيامه وصيامه فقال لها: أما رأيت البغلات الشهب التي كنا نراها تحت معاوية بالحجر إذا قدم مكة؟ قالت بلى قال: فإياها يطلب ابن الزبير بصومه وصلاته في مقامات الهمذاني: ساخف زمانك جداً ...
إن الزمان سخيفْ وقل لعبدك هذا ...
يجيئنا برغيف لما فتحت العرب بلاد فارس، ورأت ما لم تكن عين عربي قد رأت، وذاقت الطعام اللذ الشهي (الدجاج المسمن بكسكر والرجراج بالسمن والسكر) (الشواء الرشراش والفالوذ الرجراج) قال عربي وقد طعم الفالوذ: والله لو لم نقاتلهم إلا على هذا لقاتلناهم عليه.
وقد أمسى القوم بعد ذلك شولقيين ومن العجيب - بل ليس من العجيب - أن هذا (الرغيف) قلما يقتنصه المرء حلالاً.
ولذلك قال الحسن البصري: لو وجدت رغيفاً من حلال أحرقته ثم سحقته، ثم جعلته ذروراً لأداوي به المرضى (* * *)

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢