أرشيف المقالات

كلمات

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
8 مكافآت للقراء.
! في بريد (الرسالة) الأدبي من عددها الأخير خبر قرأته ووقفت عند تلاوته بالعجب والحسرة ذلك الخبر الذي يقول في عنوان: (حقوق المؤلفين في الدنمرك).
إن حكومة هذه الدولة فكرت في حفظ حقوق المؤلفين وفيما يلحق بهم من غبن، فقررت زيادة دخلهم المادي تشجيعاً لهم على مواصلة الإنتاج والعمل ومن التدابير التي اتخذتها لذلك أنها فرضت رسماً على كل من يطالع أي كتاب من المكاتب العامة أو في أندية المطالعة؛ ورسماً آخر على كل من يقتبس جزءاً من كتاب ويذيعه بالمذياع أو بالحاكي قرأت هذا الخبر مرة ومرة، ثم أخذني - كما قلت - العجب والحسرة، وكيف لا أجد في قلبي الحسرة وقد مرَّ في خاطري اسم فلان، كاتب من أساتذة الجيل، وقد أوشك منذ سنين أن يُطرد من بيته لأنه عجز عن وفاء أجره شهوراً.
ومرًّ في خاطري اسم فلان، مفكر من الطراز الأول، قضى سواد عمره في الكتابة والترجمة والتحرير، يكدح الكدح كله الليل والنهار في جزاء جنيهات قلائل ينفقها نصف حيوان، أو نصف إنسان مستكرش، لأنه قريب فلان أو محسوبه أو حميمه في سهرات الليل.
! وذلك الكاتب المفكر كان منذ سنوات عشر يربح في كل شهر ثمانين جنيهاً، فإذا هو الآن بعد الكهولة والجهد وكثرة العيال ينحدر منها إلى عشرين أو ثلاثين، كأنما عمله من نوع ذلك الذي قاله فيه ابن الرومي تهكمه الظريف اللاذع: فيا له من عمل صالح ...
يرفعه الله إلى أسفل! ومر في خاطري اسم فلان الكاتب الشاب الملتهب الذي قعد به المرض والعجز من طول ما أجهد عقله وأعصابه وفكره ليكتب ويفيد، فلم تفده كتبه ولا مؤلفاته ولا بحوثه وترجماته حين عجز وانهد بالعجز والمرض، لم يفده شيئاً من ذاك كساء ولا طعاماً ولا دواء. فهذا حظ الكاتب والكتاب في مصر منار الشرق وزعيمه وطليعة أقطاره وذلك ما يجد الكاتب والكتاب في بلد من بلاد أوربا كما نقلت لنا الرسالة في بريدها، وحين تفرض هذه الضريبة على القراءة في دنيمرك لن ينقص بسببها عدد القارئين، فإن الكتاب عندهم كالطعام والشراب، وتريد حكومتهم أن تزيدهم براً ورعاية وقد وجدنا في مصر وزارة معارفنا تجري اختباراً وتقيم مسابقة للسنة التوجيهية تهدي فيها الجوائز تحايل تلاميذ مدارسها حتى تعودهم أن يقرءوا، ووجدنا الصديق الدكتور زكي مبارك وهو يكتب عن واحد من تلكم الكتب المختارة يذكر أنه طبع مرتين.
وذلك دليل على حظه من الرواج.
! وعما قليل تخصَّص الجوائز في مصر للقراء.
! وفي دنيمرك تفرض عليهم المكوس وقد يخرج بعضنا بل أكثرنا قد نال درجة كبرى من الجامعة وهو لا يعرف أن يقرأ كتاباً، ولا يعرف أين في القاهرة دار الكتب، ولا يجد أن ذلك ينقصه ولا يعيبه.
! إنه لا يزال أمامنا شوط كبير تنقطع دونه الأنفاس حتى تصدق علينا القولة التي قالها الخديو إسماعيل: (إن مصر قطعة من أوربا) (محمود)

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢