أرشيف المقالات

جريمة. . .

مدة قراءة المادة : 17 دقائق .
8 للدكتور محمد عوض محمد - 1 - في صباح يوم من تشرين الأول كان الضباب ضاربا بجرانه على شوارع (ليفربول) فلا تكاد العين أن تستبين السبيل الا عن كثب.
.
والمصابيح لم تزل موقدة كأنما حسبت أن الضباب بقية من الليل، وأن النهار لم يطلع بعد.
في تلك الساعة الباكرة أخذ الشطر العامل من أهل المدينة يتحرك، وجعلت الأبواب تتثاءب، فيخرج منها العمال أفواجا، ينشدون عملهم ويجرون وراء خبزهم وزبدهم_لأن العامل في مصر قد يقنع بالبحث عن الخبز؛ أما هناك فلا بد له من الخبز والزبد. هذه الحركة الباكرة في بعض أحياء المدينة قد تلاها سكون؛ لأن الشطر الثني من المدينة لم يستيقظ بعد.
.
وكأنما كانت الحركة الأولى بمثابة الفجر الكاذب، أضاء لحظة، ثم ساد من بعده الظلام - ولكن سرعان ما انقضت ساعة الهدوء هذه، وأخذ ذلك الغطاء الكثيف من الضباب يرق شيئا فشيئاً.
وبدا في أقصى الشرق على الأفق شيء غامق مبهم يدعونه في تلك البلاد الشمس.
.
ولقد تستطيع العين المصرية - بشيء كثير من المران - أن ترى فيه من الشمس شبها، وأن له بها صلة. وبعد لأيٍ، تثاءبت الأبواب في الأحياء الوسطى، وخرجت منها أفواج من الحضريين (البورجوا) الذين يشتغلون في دور التجارة.
فيعملون بها ساعات قلائل، ولكن أجرهم أعلى، ومقامهم في المجتمع أسمى.
وهم ايضاً ينشدون الخبز والزبد.
ولكنهما من صنف أرقى وأرفه من خبز العمال وزبدتهم. وهكذا تحركت في المدينة أحياؤها السفلى والوسطى، ولم يبق مغموساً في عسل الرقاد سوى أحياء (العاطلين)، الذين يعيشون من أموال تأتيهم من وراء البحار: من الهند ومن استراليا ومن سائر أنحاء الدولة التي لا تغرب الشمس عليها.
.
هؤلاء لا يتحدثون عن خبز ولا زبد، بل يأتيهما الخبز والزبد طائعين يجرران الذيول.
وليس يعنينا اليوم من أمر هؤلاء شيء، وانما تعنينا الآن تلك الأحياء الوسطى التي لم يكد أبناؤها وبناتها يخرجون.

كل إلى عمله، حتى فتحت الأبواب مرة أخرى، وخرجت من كل باب امرأة نصف في ثياب رثة زرية، وهي تحمل في يمينها خرقة بالية، وفي يسارها سطلاً فيه ماء دافئ. هؤلاء النساء لسن بخادمات كما قد يتبادر إلى الخاطر العجل، بل ان كلا منهن ربة دار، وصاحبة الأمر والنهي فيها.
وهي تنتظر ريثما يخرج من بالدار من بنين وبنات، ثم تأخذ في الجد والعمل، من غسل وطهي وخبز وعجن، ولا تكاد تهدأ ساعة من الصباح إلى المساء، بادئة عملها حيث يجب أن تبدأه: من عتبة الدار ودهليز البيت.

ولقد تجد الواحدة منهن في غسل العتبة لذةً خاصة، ولعل أحب الأعمال جميعاً إليها.
.
لأنه يتيح لها فرصة قد تكون الوحيدة في كل يوم لان تتحدث إلى جارتها، وتقص عليها من كل شيء، بل ومن عدة أشياء أخرى.
وفي هذا اليوم من تشرين الأول خرجت السيدة نلسن من المنزل رقم 15 في ساعة باكرة، وأخذت تمسح عتبتها في شيء كثير من النشاط، لكنه كان نشاطا يشوبه القلق والاضطراب، وكانت من آن لآن تنظر إلى منزل جارتها السيدة هرفي صاحبة المنزل رقم 17، وكأنها تود بفارغ الصبر لو خرجت هذه السيدة لمسح عتبعها، كي تحدثها في الامر الذي أهمها وأزعجها؛ والذي كانت ترتعد من أجله الخرقة التي بيمينها.
والسيدة هرفي هذه أرملة ورثت عن زوجها منزلا يفضل عن حاجتها وحاجة أسرتها، فكانت تسعىفي تأجير شطر منه لقاء مال يسير تستعين به على تكاليف الحياة.
ولم تكن جارتها ترى في هذا بأساً، ما دام نزلاؤها رجالا ذوي فضل.
لكنها لاحظت بالأمس من خلال النافذة رجلا أسود الوجه خارجاً من المنزل رقم 17؛ فما شكت في أنه النزيل الجديد، الذي تريد السيدة هرفي أن تؤويه في دارها.

.
يا عجباً لهذه المرأة التي لا تتورع من الخروج على كل عرف، وانتهاك كل حرمة.
والنزول بهذا الحي الراقي، وهذا الشارع الطاهر، إلى الدرك الأسفل.

ماذا يكون مصير هذا الحي يوم يرى سكانه هذا الأسود رائحاً غادياً، بوجه المزعج وسحنته المنقلبة؟.
.
إن العاقبة ستكون من غيب شك وخيمة والمصير أليما.
فلن يلبث سادة الحي وأشرافه حتى يهجروه وينأوا عنه؛ لكي لا تقذى أبصارهم برؤية هذا الوجه الكريه.

ان وجها واحداً من هذه الوجوه السود لكفيل بأن يلوث حياً بأسره، وأن ينغص على أهله صفاء الحياة وطيب الرقاد.

.
والويل لفتيات الحي ان صادفن هذا الوجه المنحوس في ليلة حالكة الظلام، عند أوبتهن من المرقص والمسرح: ان الرعب الذي يستحوذ عليهن في تلك اللحظة لخليق بان يورثهن سقماً يلازمهن مدى الحياة.

كلا.
.
ان السيدة هرفي - مهما كان حبها للمال - يجب أن تعلم أن مثل هذا الشيء لا يجوز.

ومن حسن الحظ أن الفتى لم يأت بأمتعته بعد.

ولم يزل في الوقت متسع لمنع هذه الكارثة من أن تلم بهذا الحي الآمن المطمئن، ولئن كانت السيدة هرفي قد نسيت ما عليها من واجب تلقاء الحي وأهله، فأحرى بجارتها مسز نلسن أن تريها الرشد من الغي، وأن تردها عما هي سائرة إليه من الوبال.

. ولم يطل بها الانتظار، بل فتح باب المنزل رقم 17 وخرجت السيدة هرفي، وهي في نهاية العقد الخامس من العمر؛ وفي يمينها خرقة كبيرة وفي يسارها سطل كبير.
ثم بدأت جارتها بالتحية. - عمي صباحاً، مسز نلسن، عمي صباحاً. - نعم صباحك، مسز هرفي. - أن الهواء دافئ صحو، والشمس مشرقة في السماء.
أرجو أن تكوني بخير. - انك خرجت اليوم متأخرة على غير عادتك. أجل لقد كان لدي اليوم عمل كثير، وكان علي أن أعد الحجرة السفلى، والغرفة الأمامية من أجل ضيفنا الجديد فانه سيأتي بأمتعته قبل الظهر بساعة وقد يبقى بالمنزل إلى وقت الغذاء. أتعنين إذن انك رضيت بذلك الزنجي الدموي نزيلا عندك؟ - هل أنبأك بأمره أحد؟ - رأيته أمس من خلال النافذة خارجاً من باب بيتك، ففتحت عيني من الدهشة، وأنا لا أكاد أصدق ما أراه.
وخشيت أن تكوني قبلت أن تسكنيه بيتك.
والآن قد صدقت أسوأ ظنوني فبالله يا صديقتي، إلا تدبرت الأمر قليلا، قبل أن تنزلي بهذا الحي الآمن هذه النكبة الفادحة. - وأي نكبة في هذا؟ أن للفتى حجرته يجلس فيها، وغرفته ليرقد فيها، ولن يكون له سبيل إلى أحد من الحي، ولا لسكان الحي سبيل إليه.
فهوني عليك فليس في الأمر ما يدعو لكل هذا الاهتمام.
. - اللهم لطفا.
.! إنك لا تبالين - إذا ظفرت بالمال الذي تبغين - أن يشقى الحي وأهله برؤية هذا الزنجي الكريه المنظر، - إنه ليس بزنجي، بل هو مصري. - وما الفرق بين هذا وذاك؟ أو ليسوا جميعا من أهل آسيا؟ - لست أدري أية آسيا تعنين.

غير أني حادثت هذا الشاب، فرأيته يتكلم بلساننا كأحسن أبنائنا.
ورأيت في حركاته وسكناته ما ينم عن حسن الأدب وكرم المحتد. ذاك لعمري العسل الذي يخفي السم الزعاف.
وكأنما نسيت ذلك الهندي الزنيم الذي كان نازلاً في بيت مسز براون.
لكم كانت تكرمه الأم وتجله، وتسمح له أن يصحب ابنتها دورا إلى بيوت الرقص واللهو.
فكان جزاؤها أن خان الأمانة وخفر الذمة، ثم اختفى من المدينة فلا يعرف له أحد مستقراً ولا مقاماً. - ما أحسب الناس أشراراً كلهم، وفي أبنائنا البيض من يرتكب ما هو شر مما ارتكبه الهندي.
وعدا هذا فاني ليست لي ابنة فأخاف عليها، وقد زوجت بناتي جميعاً، ولله الحمد. ونحن؟ أما تحسبين لنا ولبناتنا حسابا؟ انك من أجل بضعة الجنيهات التي سينقدك إياها لا تبالين بنا ولا بما قد يحل بنا ولا بالحي وما يدنسه ويحط من شأنه. لكني قد وعدت هذا الشاب أن أسكنه الحجرة السفلى والغرفة الأمامية، ولا بد أن أبر بوعدي. - يا لهذي السذاجة البديعة! كأنما يفهم هؤلاء السود ما الوعد وما الوفاء بالعهد!.

ولقد كان ذلك بالهندي شديد الوفاء لدورا المسكينة يوم تركها في تلك الحال الأليمة، واعتصم بالفرار!.
. وفي هذه اللحظة خرجت الحارة الأخرى من المنزل رقم 19 وانضمت إلى جارتيها وانتقل الحوار من الحديقة إلى داخل المنزل وقد صحت نية الجارتين إلا تركا صاحبتهما حتى تذعن لرأيهما، وتنزل عند إرادتهما. - 2 - في صباح ذلك اليوم من تشرين الأول استيقظ (حسن) من رقاد كان مملوءا بالأحلام.

وكانت أحلامه عن مصر وعمن بمصر، وعن منزله المطل على النيل، حيث خلف والدين آلمهما فراقه، وأحزنهما أن سيكون بينهما وبينه هذا البحر الفسيح وهذا البر العريض، وأن يهزهما إليه الشوق، فلا يستطيعان إليه سبيلا، ويحترق الصدر وجداً وهيهات الشفاء.

في هذه الليلة رأى حسن أخته في المنام، ولقد غادرها في مصر حليفة السقم.
.
أما اليوم فقد ابتسمت إليه حين رآها، وطلبت منه أن يعود إليها رجلا عظيماً.

عجب كيف حالهم اليوم، وهل يختلف الجديدان عليهم بالسعادة أو النعيم، أم بالشدة والشقاء؟.

وهل اعتادت الأم فراق الابن الوحيد، الذي لم يفترق عنها منذ أن رزقته بعد يأس، فكان قرة العين، وشفاء ما بالصدور.
وها هو ذا قد اضطر لأن ينزح عن داره، وأن ينزل هذه المدينة الداوية الصاخبة، وقد التحق بجامعتها، وأخذ يجد في طلب العلم ومضى عليه تحت هذه السماء الرمادية اللون أسبوعان، لم يكتسب فيهما صديقاً جديداً، ولم يحاول أحد أن يتعرف به أو يتقرب اليه.

كان كذبا ما زعمه المتشدقون من أصحابه في مصر: أن الناس في هذه البلاد يقبلون على الغريب، ويجدون في إرضائه واكتساب صداقته.
.
لقد كان الناس يجيبون على سؤاله إذا سأل بجواب هادئ قصير، لا يحمله على المضي في الحديث بل سرعان ما أشعر أن بينه وبينهم سوراً غليظًا وعراً، هيهات له أن يجتازه.
ولم تطل به الحال حتى اعتاد أن يقابل البعد بالبعد والصد بالصد.

وهكذا أمسى وأصبح وحيداً غريباً، وسط هذا المزدحم الزاخر من الناس. واستيقظ في صباح هذا اليوم ونهض من فراشه في شيء من النشاط.
.
وكان ذاك آخر أيامه في هذا (البنسيون) الذي قضى فيه هذين الأسبوعين، وكان عليه اليوم أن يبادر بإعداد حقائبه وجمع ما تناثر من أمتعه.
وكان مغتبطا ناعم البال، لأنه وفق أخيرا إلى هذا المسكن الجديد في المنزل رقم 17.
.
فمنذ اليوم سيكون له حجرتان: حجرة يجلس فيها ويطالع أسفارها ويتناول طعامه.
والأخرى لنومه وراحته، ولقد كان من حسن الطالع أن غرفة نومه تطل على تلك الحديقة الغناء، فيستطيع أن يطالع من نافذته ابتسام الربيع وقهقهة الصيف، وهدوء الخريف ووجوم الشتاء.

أما هذا البنسيون في (اكسفورد ستريت) فلم يكن له فيه سوى غرفة صغيرة، ولم تكن إقامته فيه إلا ريثما يتحول عنه.
.
ومع هذا فان صاحبته اليهودية لم يرضها منه أن يغادر البنسيون، فلم تكن تلقاه - منذ علمت قرب انتقاله - إلا عابسة غاضبة، فكان أنفها البارز المحدب ينتفض ويضطرب، وعيناها البراقتان يتطاير منهما الشرر، إذا طلب قليلا من الماء الساخن ليستعين به على حلق لحيته.
.
والويل له ان تخلف عن موعد الطعام قليلا: فانه كان يجد المائدة قد رفعت؛ فإذا نظر إلى ما حوله ألفى وجوهاً عابسة تنذره بالشر المستطير إن هو حدثته نفسه بالحصول على شيء من القوت الذي فاته.
.
فكان نؤثر الصمت وينسل إلى غرفته في سكون وهدوء. ان هذا الاضطهاد العجيب كثيراً ما كان يضحكه؛ وكثيراً ما سأل نفسه أيمكن أن تقسو عليه هذه اليهودية كل هذه القسوة لا لسبب سوى أنه يؤثر أن يسكن في ظاهر المدينة حيث الهواء الطلق والسكون الشامل؟ إن أحد الناس أخبره فيما بعد أن هذه اليهودية لم تظلمه ولم تضطهده إلا لكي تثأر منه: لما جناه أجداده الفراعنة في الزمن القديم على بني إسرائيل، حيث كانوا يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم.

وكثيراً ما أغرب حسن في الضحك كلما خطر له هذا الرأي الظريف.
ومهما يكن من أمر، فان هذا اليوم من تشرين الأول هو آخر أيام الاضطهاد وأول أيام الحرية.
فلن يطالبهم اليوم بالماء الساخن؛ واذا قدم اليه الشاي بارداً والبيض فاسداً في طعام الفطور، فانه لن ينبس بكلمة.

ثم أخذ يعد أمتعته ويحزم حقائبه.
وقبيل الظهر بساعة كان قد أعد العدة للرحيل.
ومشى على استحياء إلى ربة المنزل، فحيته في تكلف وفتور.
أما هو فابسم لها ابتسامة ظنها ابتسامة الظفر؛ وقدم لابنتها الصغيرة (سارة) صندوقاً جميلاً مفعماً بالحلوى؛ ونفح الخادم بضعة شلنات أنطقتها بالشكر. ثم انطلقت به السيارة وبأمتعته وحقائبه تلقاء ذلك المنزل، رقم 17 المطل على الحديقة الغناء؛ وصدره مملوء غبطة لم يحس مثلها منذ نزل على ضفاف (المرزي) وأخرج من جيبه مرآة صغيرة فأصلح الرباط الذي يحيط بعنقه، والذي تزعزع كثيراً أثناء نقله لحقائبه من الغرفة العليا إلى التاكس.
. لم يكن حسن قبيح الصورة، ولكنه من غير شك كان أسمر اللون.
وقد أخذ يحس احساساً مبهما إن هذه السمرة قد تكون من جملة الأسباب التي أغلقت دونه أبواب القلوب.

لكنه كان بعد في شك من هذا الأمر.

ولم يكن قد وقر في نفسه بعد واصبح عقيدة راسخة.

فكان في يومه هذا باسما مستبشرا. ها هي ذي السيارة قد وقفت لدى لمنزل رقم 17! وقد أوشك أن يقلب صفحة جديدة من صفحات حياته.

فلتنتظر السيارة قليلا ريثما ينزل ويستاذن أهل الدار في الدخول.
.
هم يأخذ في دق الجرس.

.
عجبا ليس من مجيب.

ان السيدة قد ذهبت - دون شك - إلى بعض شأنها وليس بالدار أحد.

فلينتظر قليلا.

ولكن.
.
أي شيء هذا؟.
.
ان النافذة تفتح وهذه مسز هرفي نفسها.
.
ولكنها تنظر إليه بوجه عابس متجهم.

إنها تبدي أسفها الشديد لأنها لا تستطيع أن تقبله في منزلها.

.
أجل.

ولا يهمها أن تكون قد سبقت كلمة منها إليه.
.
إنها لا تقدر أن تؤوي لديها أحدا من أهل آسيا، فليرجع بسلام.
. آسيا؟ ولكنه ليس من أهل آسيا.

إنه من أهل مصر! سيان لديها، من أية الجهات مصدره، مادام أهل الحي لا يروقهم شكله ومنظره.
.
فليرجع إلى أحد فنادق المدينة فانهم سيرحبون به هناك.
أما منزلها هذا فليس إليه سبيل.
ويطأطأ حسن رأسه ويمشي إلى سيارته مطرقاً واجماً.
ويهمس في أذن السائق اسم أحد الفنادق ويرتمي في مقعده مجهدا متعبا.
وتحين منه ألتفاته إلى يديه وبشرته السمراء، فيدرك أن في العالم بعد جريمة هائلة دونها كل أثم وكل جرم، وأنه_ويا للأسف - لا سبيل إلى الخلاص منها، ولا إلى الابتعاد عنها.

شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير