أرشيف المقالات

البريد الأدبي

مدة قراءة المادة : 16 دقائق .
8 إلى ممثل فرنسا في سورية ولبنان بعد تقديم واجب التحية أذكر أني علمت أنكم أصدرتم أمراً بمنع مجلة (الرسالة) من دخول البلاد السورية واللبنانية لعبارات ظننتموها تثير البغض على فرنسا في تلك البلاد.
ولو كانت مجلة (الرسالة) صحيفة سياسية يهمها أن تصول في المعترك السياسي لعددنا هذا المنع وسيلة تصان بها المصالح الفرنسية في البلاد السورية واللبنانية واتخذنا منه فرصة للهجوم عل فرنسا من جديد. ولكن الأمر يختلف عما تظنون كل الاختلاف، فمجلة الرسالة صحيفة أسبوعية لخدمة الآداب والعلوم والفنون، وقد حزنت لمحنة فرنسا بست صفحات في عدد واحد: صفحتين بقلم الأستاذ الزيات وأربع صفحات بقلمي، وما خطر في بالنا يومئذ أننا نحزن لفرنسا الاستعمارية، وإنما تصورنا فرنسا التي أنجبت باستير صاحب الفضل في الإنسانية، والتي أنجبت شامبوليون صاحب الفضل على المدنية المصرية، والتي دانت الأدب والعلم بحياة السوربون. ولم يكن بد لمجلة تعلن حزنها لمحنة فرنسا بست صفحات من السماح لبعض معارضيها بنشر فقرات كانت على خشونتها مما تبيحه المجادلات الأدبية، وقد تولينا الرد على تلك الفقرات بما يبين غرضنا من العطف على فرنسا، ثم نشرت (الرسالة) بعد ذلك مقالاً يفيض بالعطف من أديب عرف بلادكم وهو الأستاذ البهبيتي فأرجو - حين تطلعون على خطابي هذا - أن تلغوا الأمر الذي أصدرتموه بمنع (الرسالة) من دخول البلاد السورية واللبنانية، وأن تذكروا أن لنا مبادئ إنسانية تصرفنا عن الشواغل المحلية لأن لنا ساسة ينوبون عنا في تدبير تلك الشؤون، وإليهم يرجع الأمر في الاهتمام السياسي بمركز مصر في الشرق. وأرجو أن تذكروا أيضاً أن بلادكم لم تستوجب العطف من أمثالنا إلا بفضل ما يؤثر من تشجيعها للحرية، ومن أجل ذلك استباحت الرسالة أن تنشر عن بلادكم رأيين مختلفين، وفقاً لما تعلمناه في السوربون من عرض ما للرأي وما عليه.
وسبحان من لو شاء لهدانا جميعاً إلى سواء السبيل. زكي مبارك خريج السربون وصاحب (ذكريات باريس) نعم هي كنية الإمام الصادق إن الأديب البغدادي (ع) لعلى حق فيما كتبه في ص 1400 من العدد 374 من الرسالة الغراء خاصاً بكنية أبي عبد الله المذكورة في الصفحة السادسة من كتاب (نقد النثر) وبأنها للإمام جعفر الصادق وليست للحسين بن علي عليهما السلام كما ذكر سهواً في هامش الصفحة المذكورة. ولا شك أن حضرته اطلع على طبعة متقدمة من كتاب (نقد النثر) وقع فيها مع الأسف السهو المذكور، ولو رجع إلى الطبعة الحديثة الصادرة عن مطبعة مصر في عام 1939 لوجد ناشري الكتاب قد تداركا هذا السهو فكتبا في هامش الصفحة السادسة تعليقاً على تلك الكنية ما نصه بالحرف الواحد: (هي هنا كنية الإمام جعفر الصادق، وهو الإمام السادس من أئمة الشيعة الأمامية، والمتوفى عام 147 هـ.
وهشام المذكور في المتن هو هشام بن سالم، وكان من وجوه أصحاب الإمام جعفر الصادق - كتاب (فرق الشيعة) للنوبختي ص 66) (القاهرة) عبد الحميد العبادي إلى الأخ الدكتور زكي مبارك السلام عليكم: أطلعت اليوم على الكلمة التي كتبت عني في مجلة الرسالة فشكرت لك مرتين: شكرت حسن ظنك وثنائك علي ابتغاء مرضاة الله، وشكرت لك المسارعة إلى إعلان ما يجول في سريرتك إيثاراً للحق، وحرصاً على مجازاة من أحسن في رأيك. وقد تبينت في كلمتك خلقاً من أخلاق القرآن الكريم الذي يقول: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله.) ثم رأيت أن آداب القرآن تأمرنا أن نشكر من أحسن إلينا بالقول أو الفعل فكتبت هذه الكلمة شاكراً داعياً الله أن يرزقنا السداد والإخلاص في الرأي والقول والعمل والسلام. عبد الوهاب عزام ديوان مجنون ليلى اطلعت أمس على هذا الديوان وقد طبع في مصر سنة 1939، وكتب على غلافه أنه جمع وترتيب عالم زمانه وفريد عصره وأوانه أبي بكر الوالي وأنه بتحقيق وشرح جلال الدين الحلبي، وفي آخره إمضاء أحمد سعد علي من علماء الأزهر تحت اعترافه بأنه صحح بمعرفته. والديوان في 92 صفحة من القطع الصغير، أكثر ما فيه من الشعر المنسوب إلى المجنون هو لغيره، ومن ذلك ما هو مشهور معروف صاحبه، كقطعة (ألا يا صبا متى هجت من نجد) وهي ليزيد بن الطثرية؛ وقطعة (عجبت لسعى الدهر بيني وبينها) وهي لأبي صخر الهذلي؛ وقطعة (تمتع من شميم عرار نجد) وهي للصمة بن عبد الله القشيري. ومن ذلك قطعة (ألا هل إلى شم الخزامى ونظرة) وهي ليحيى بن طالب الحنفي؛ وقطعة (اقرأ على الوشل والسلام وقل له) وهي لأبي القمقام الأسدي؛ وقطعة (بينما نحن بالبلاكت بالقا - ع) وهي لكثرة عزة؛ وقصة بيت (ألا أيها النوام ويحكم هبوا) نسبت إلى جرير وليست له، وروى البيت للمجنون وهو لجميل بثينة ومن ذلك شعر ضعيف لبعض المتأخرين، ومنه ما تبدو حقيقة لكل ذي عينين، كالقصيدة التي يقول صاحبها: لعمري ما لاقى جميل بن معمر ...
كوجدي بليلي لا ولم يلق مسلم ولم يلق قابوس وقيس وعروة ...
ولم يلفه قبلي فصيح وأعجم أفيكون قيس هو قائل هذا عن نفسه؟ ومن القطع المنسوبة في الديوان إلى المجنون ما أقطع بأنه ليس له، ولكني لا أذكر الآن صاحبه، كالقصيدة التي يصف فيها أعضاء المحبوبة عضواً فعضواً (ص 32) ومثلها في (ص 26) والقصيدة التي ذكرت فيها قصة الذئب والحمل (وكنت كذئب السوء إذ قال مرة) - (ص 43)، والتي يذكر صاحبها جبل الثلج (؟) ويتغزل باثنتين يسمي إحداهما أم عمرو (ص 47). أما التحقيق فليس منه الديوان البتة.

أما الشرح فلا يتجاوز جيده بضعة عشر سطراً أكثرها تفسير كلمة عويصة أو مقابلة بعض الأبيات على الأغاني، أما الضبط (الشكل) فأغلاطه أكثر من أن تحصى وليس يعتد به أصلاً. والعجيب في الأمر، وأن يكون فيها ثناء على الأستاذ جلال الدين الحلبي وشهادة له بالمقدرة على فهم أغراض المجنون! علي الطنطاوي الشعري اليمانية نقرأ دائماً المقال الذي تدبجه يراعة الدكتور النابغة محمد محمود غالي بلذة وإعجاب، فهو يسبغ على الآراء العلمية الجافة حلة من السهولة والطلاوة والطرافة تسمو بها إلى مرتبة الموضوعات الأدبية الشائعة. وعلى عادتنا قرأنا له بحثه الأخير (الأحياء في غير الأرض) فوقعنا على العبارة التالية: (ثم جل بنظرك بعد ذلك بعيداً عن النجم القطبي وجهة اليمين تر (دينب العظيم ويسمونه بالعربية (الشعري اليمانية) في مجموعة ذنب الدجاجة تصطدم فوتوناته بشبكة العين بعد تسع سنوات ضوئية.
) في هذه العبارة خطأ لا ننكر أن الدكتور وقع فيه على سبيل السهو أو عدم التأكد من المصادر المسئولة؛ فإنه ليخيل للقارئ لأول وهلة أن الكلام يقصد به حقيقة (دنيب فهو قريب من النجم القطبي يقع تقريباً على امتداد الخط الواصل بين صدر النعش في كوكبة بنات نعش الكبرى والنجم القطبي، (وليس من ضرورة - كما أرى - لذكر اليمين أو الشمال) إلا أن هذا النجم لا يسمى بالعربية الشعري اليمانية كما ذكر الدكتور، وإنما هو الردف أو ذنب الدجاجة، إذ هو مجموعة (الدجاجة أو الأوز العراقي وبعده عنا أضعاف البعد الذي ذكره الدكتور فلا يصل إلينا منه النور إلا بعد ستمائة واثنتين وخمسين سنة من وقت مغادرة مصدره. أما الشعري اليمانية ويقال لها العبور أيضاً فهي نجم في مجموعة (الكلب الأكبر وهذا النجم أقرب إلى القطب الجنوبي منه إلى القطب الشمالي، وهو أسطع النجوم نوراً، ولذا كان من أكثر النجوم شهرة؛ و (تصطدم فوتوناته - حقيقة - بشبكة العين بعد تسع سنوات ضوئية - تقريباً -). ومن هنا يظن القارئ أن الكلام خاص بالشعري اليمانية وليس بالردف.
على أن مثل هذه الهينات لا تغض من قيمة البحث، ولا تقلل من إعجابنا الكثير بالدكتور الكبير. (الحصن) خليل السالم السجع في كتاب النثر الفني عزيزي الدكتور زكي مبارك كنت أقرأ كتابك (النثر الفني في القرن الرابع) فوقفت منه في صفحة 25 على العبارة الآتية: وقد أذكر أنني كنت أحاور المسيو مرسيه في تطور السجع فأخرج رسائل الجاحظ وفيه العبارة: (إن معاوية مع تخلفه عن مراتب أهل السابقة أملي كتاباً إلى رجل فقال فيه: لهو أهون عليَّ من ذرة، أو كلب من كلاب الحرة.
ثم قال.
امح (من كلاب الحرة) وأكتب (من الكلاب) كأنه كره اتصال الكلام والمزاوجة وما أشبه السجع، ورأى أنه ليس في موضعه). وكان المسيو مرسيه يظن في هذه العبارة دلالة على أنهم كانوا إذ ذاك لا يستحبون الكلام المسجوع، فوجهت نظره إلى أن لهذه العبارة معنى آخر: ذلك أن السجع فن رقيق، لا يصلح في ذلك المقام وهو مقام تهديد ووعيد.
(أهـ كلام الدكتور مبارك) لم أرتح لهذا التعليل - يا دكتور - من عدم ملاءمة السجع لمقام التهديد، لأن ورقة السجع لا تنسجع مع شدة التهديد.
وأني أرى في هذا الموضوع خلاف هذا الرأي لأدلة عقلية، وأخرى نقلية: أما العقلية فلأنا إذا سلمنا برقة السجع لأنه الكلام المقفى، والتقفية نوع من الترديد الموسيقي الذي يخف به الكلام على السمع فالشعر أولى بالرقة من الكلام المسجوع لما في الشعر من الوزن والتقفية.
فإذا جعلت السجع غير لائق في مقام التهديد والوعيد كان الشعر أولى بعدم اللياقة في هذا المقام.
وهي نتيجة لا يثبتها الأدب العربي المملوء بشعر الحروب وأيام العرب. وأيضاً فالحماس الذي يكون في مقام الفخر والتحدي هو نوع من الشدة شبيه بتلك الشدة التي تكون في حال التهديد والوعيد.
وأنت جد عليم بما تحويه خطب الثورات السياسية التي تشعل نار الحمية، وتوقظ الغيرة الوطنية، من السجع والمزاوجة. أما الأدلة النقلية ففي طليعتها كتاب الله الكريم وما يحويه من آيات التهديد والإنذار ذات السجع المعجز.
كالآيات: (ويل للمطففين، الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفوهم، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون، ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون، ليوم عظيم.
يوم يقوم الناس لرب العالمين) والآيات (كلا سوف تعلمون.
ثم كلا سوف تعلمون.
كلا لو تعلمون علم اليقين، لترون الجحيم، ثم لترونها عين اليقين.
ثم لتسألن يومئذ عن النعيم).
والقرآن مملوء بشبيه هذه الآيات.
وقد ورد في كلام المتقدمين من الكتاب والخطباء كثير من العبارات المسجوعة في مقام الشدة والتهديد.
مثال ذلك خطبة زياد بالبصرة حيث قال: (إن الجهالة الجهلاء، والضلالة العمياء، والغي الموفى بأهله على النار، ما فيه سفهاؤكم، ويشتمل عليه حلماؤكم). وقد كتب سيدنا علي إلى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما في مقام التحذير والتهديد فقال: (إنك إذ تحاولني الأمور وتراجعني السطور، كالمستثقل النائم تكذبه أحلامه، والمتحير القائم يبهظه مقامه، لا يدري أله ما يأتي أم عليه، ولست به غير أنه بك شبيه. ويقول الحجاج بن يوسف في خطبته لأهل العراق: (ألستم أصحابي بالأهواز حيث رمتم المكر، وسعيتم بالغدر، واستجمعتم للكفر.
ثم يوم الزاوية وما يوم الزاوية؟ بها كان فشلكم وتنازعكم وتخاذلكم وبراءة الله منكم، ونكوص وليكم عليكم، إذ وليتم كالإبل الشوارد إلى أوطانها، النوازع إلى أعطانها، لا يسأل المرء عن أخيه، ولا يلوي الشيخ على بنيه، حتى عضكم السلاح، وقعصتكم الرماح.
ثم يوم دير الجماجم، وما يوم دير الجماجم، بها كانت المعارك والملاحم، بضرب يزيل الهام عن مقيله، ويذهل الخليل عن خليله) والخطبة مملوءة بالتهديد والوعيد والسجع المقبول فما رأيك في هذا؟ (بخت الرضا.
السودان) عبد العزيز عبد المجيد مولد الدكتور إسماعيل أدهم ونسبه اطلعت على ملاحظتكم المنشورة في العدد رقم 373 من (الرسالة)، وقد يتصل بها وبسيرة الفقيد ما نشرته جريدة (البصير) اليومية التي تصدر عن مدينة الإسكندرية بتواريخ 2 أغسطس و 9 أغسطس و 16 أغسطس و 24 أغسطس الجاري للأستاذ صديق شيبوب ولكاتب هذه السطور وللأستاذ البحيري عبد الرحيم. والنبذة التي أشرتم إليها مستعدة من بيان للفقيد نفسه، (وقد أشرت إلى ذلك من قبل)، ويعززها ما ذكره في توطئة رسالته التاسعة الموسومة (لماذا أنا ملحد؟) فليرجع إليها جميعاً. (الإسكندرية) أحمد زكي أبو شادي عدد خاص من (الحديث) عن الدكتور أدهم كتب إلى الأديب السوري المعروف الأستاذ سامي الكيالي صاحب مجلة (الحديث) الحلبية بأنه قرر إصدار عدد خاص من مجلته منتصف سبتمبر عن أخي فقيد العلم والأدب المرحوم الدكتور إسماعيل أحمد أدهم، وفاءً له وتخليداً لذكراه. هذا، وسيشير الأستاذ الكيالي في هذا العدد إلى كافة كتب الفقيد، وإلى دراساته الأدبية، وآثاره العلمية، وسينوه بمواهبه ومزاياه. وسيشترك معه في تحرير هذا العدد نخبة من كبار الأدباء في الشرق العربي، وسيكون العدد حافلاً بالصور الشمسية للفقيد في مختلف أطوار حياته. والمرجو ممن يحب المساهمة في هذا العدد بكتابة شيء عن الفقيد من أصدقاءه ومريديه ومحبي أدبه، أن يبعث ما يكتبه إلى الأستاذ الكيالي (بحلب سورية)، أو يرسل إلي بعنواني: 2 موطش باشا (الإسكندرية) إبراهيم أحمد أدهم جواب سؤال كتب إلي أديب فاضل من اليمن يسألني عن أسم قائل بيتين من الشعر ذكرهما ولم يكتب إلي بعنوانه لأبعث إليه بالجواب، فرأيت أن أجيبه على صفحات الرسالة الغراء.
سألني عن قائل هذين البيتين: بذكر الله تزداد الذنوبُ ...
وتحتجبُ البصائر والقلوبُ وترك الذكر أفضل منه حالاً ...
فإن الشمس لها غروبُ ففتشت عنهما كثيراً إلى أن عثرت عليهما في ديوان محي الدين أبن عربي الصفحة الرابعة. (دمشق) ناجي الطنطاوي حول مقال (في سبيل الإصلاح) حضرة المحترم الأديب الأستاذ الكبير صاحب (الرسالة) أطلعت في عدد الرسالة (373) على هذه المقالة للأستاذ العبقري العقاد؛ وإنه ليسرني أن أذكر أنه بحث في هذا الموضوع بحثاً طريفاً شائقاً يستحق التقدير والإعجاب.
غير أنه كان الأجدر به ومداد قلمه من بحور الأدب ألا يسوق إلينا فكرة صاحب الأفدنة التي ترمي إلى إصلاح المعلم الإلزامي، لأنه إذا سئل عن العيب الذي يراه لا يجد ما يقوله سوى أنه يعلم النشء التبطل والحذلقة وكيفية وضع حمالة الجورب وإحسان رباط الرقبة، وهلم جرى.
فيا ليت شعري ماذا جنى هذا الجندي المجهول حتى يصمه نائب محترم بهذه الوصمات؟ أما كفى المعلم الإلزامي فخراً أن لا عيب فيه سوى عنايته بحسن هندامه وأنه الأساس الأول للثقافة؟ (منفيس) عبد الله عبد التواب

شارك الخبر

المرئيات-١