أرشيف المقالات

من هنا ومن هناك

مدة قراءة المادة : 11 دقائق .
8 لا تلم فرساي! (ملخصة عن مقال (للمركيز أوف لوثيان)) أود قبل كل شيء أن أقول كلمة عن معاهدة فرساي.
فقد أصبح الأسلوب الجديد لدعاية الدكتور (جوبلز) أن ينسب إلى هذه المعاهدة المظلومة كل سيئة.

إن معاهدة فرساي لا تخلو من أوجه للنقص.
إلا أنه من السخف أن نعزو إليها كل شر في الوجود قال أحد الرجال البارزين من الألمان الديمقراطيين بتمهل: إن ثلاثين في المائة من الأسباب التي أدت إلى ظهور الاشتراكية الوطنية تعزى إلى معاهدة فرساي، وثلاثين في المائة إلى نقص الروح الديمقراطية في نفوس الألمان، وثلاثين في المائة إلى وسائل الضغط التي اتخذت ضد الشعب منذ عام 1929.
ولكني أود أن أدخل شيئاً من التحوير على هذا الوضع، فالهتلرية في نظري هي وليد نمته البلشفية وغذته بنظامها الوطني الاقتصادي الذي وضعته ليشمل سائر أنحاء العالم نحن حريون ألا ننسى تلك المبادئ التي دافعنا عنها دفاعنا المعهود ما بين 1914 - 1920.
لقد بدأنا عهداً جديداً في تلك الفترة إذ قضى عالم قديم، وظهر في الوجود عالم جديد.
وكانت العلاقات الدولية قبل سنة 1914 تسير على مقتضى السياسة القديمة.
فكان من الطبيعي أن تفكر كل أمة فيما يهمها ويهم أبناءها وحدهم، وقل أن تفكر في شأن من شؤون الأمم الأخرى إلا أننا في سنة 1914 رأينا الأمم الديمقراطية التي كانت لا تهتم إلا بشئونها الداخلية، بدأت تفكر في العلاقات الدولية العامة.
والديمقراطية بحكم وجودها لا تحلم بالقوة، ولكنها تحلم بالمثل الأخلاقية العالية.
وإذا كانت الأمم الديمقراطية لا تعيش لهذه المثل على الدوام، فمنها ولا شك الكواكب التي تسهر على حراستها، وتصونها من الضياع ومنذ ظهرت عناية الأمم الديمقراطية بالشؤون الدولية العامة، أخذت تفرض مبادئها على سائر الأمم.
فالإنسانية في نظرها وحدة لا تتجزأ.
وسائر الأمم والأفراد لهم الحق في الحياة والحرية والسعادة.
والشعوب المتأخرة لها أن تتخلص من الاستغلال الممقوت وتتمتع بنظام الحكم الذاتي.
والدول الصغيرة والكبيرة سواء أمام القانون.
وقد رؤى أن خير وسيلة لتجنب الحرب هي إيجاد قانون صحيح يحكم بين الأمم هذه هي المبادئ التي آتت ثمرها الحرب العظمى بعد توقيع معاهدة السلام في باريس عام 1919 وهي مبادئ قويمة ذات أثر لا ينكر في إسعاد العالم.
وقد دافع عنها الرئيس ولسن دفاعاً مأثوراً، ولكن الدول الديمقراطية لم تكن تقدر أن العالم لازالت تحركه المطامع وحب السيادة والسلطان، وأن المبادئ القديمة لازال لها أنصار يتعلقون بأذيالها وليس هذا هو السبب الوحيد في نشوب الحرب مرة ثانية، ولكنه من الأسباب القوية التي أدت إليها، ونحن لا ندري إذا كانت هذه الحرب ستنتهي بنا إلى الحرية المنشودة، أم أنها سترجع بنا إلى همجية العصور الخالية لقد وفت الدول الديمقراطية بعهودها التي قطعتها على نفسها في معاهدة فرساي، فأعطت كل أمة الحق في تقرير مصيرها، وبذلت ما في وسعها لحماية الأقليات أما هتلر فهو في الحقيقة لا يناضل من أجل الحدود التي قررتها هذه المعاهدة، ولكنه يناضل لهدم فكرة الديمقراطية من أساسها. الفن والحرب (ملخصة عن (ذي إيفننج نيوس) يشترك في الحرب الحاضرة عدد كبير من الفنانين رجالاً ونساء، إما بالعمل في ميادين القتال أو المشاركة في الأعمال الأخرى التي تقتضيها الحرب.
وقد يجد هؤلاء بعض العزاء فيما يسمعون عن حياة رجال الفكر الذين عاشوا قبلهم في أيام الحروب هل أسكتت الرحب شكسبير؟ أو أخمدت المنازعات صرخات وجنر الغاضبة، أو أثرت في شجاعة بيتهوفن؟ لا، والحمد لله! لقد نشأ شوبان في بولندا وهي تناضل بغير جدوى لاستعادة استقلالها، وقد كان في (سنتجارت) حين جاءه نبأ سقوط (وارسو) في أيدي الروس، فكان لهذه الحوادث أثر لا ينكر في شحذ قريحته، وإمداد بالإلهام الصادق والدراسة الرفيعة.
فلما رحل شوبان إلى باريس صارت له باريس وطناً ثانياً، وأحلته منها مكاناً مرموقاً لما يحمله الفرنسيون لبولندا من العواطف الجميلة.
وقد كتبت جورج ساند التي أحبها شوبان وعاشت بعد وفاته - كثيراً من مؤلفاتها الرائعة ووطنها فرنسا في حرب عنيفة مع الأعداء.
لاشك أن الحرب لم تكن عاملاً مخيفاً في تلك الأيام كما هي اليوم، ولكن مهما تكن الحال فإن الفنانين يشعرون بمآسي الحرب أكثر من سواهم، وهذا مما يزيد ارتباطهم بالعالم إبان الحرب أخبرتنا (فيولا مينل) في الكتاب الذي وضعته عن أمها، أن (آليس مينل) كانت تشعر بصدمة قوية في أعماق نفسها عند نشوب الحرب.
ومع ذلك فقد كتبت آليس الكثير من أرق وأبدع أشعارها في تلك الأيام العصيبة وقد يتحرك الشعراء بعامل الدفاع عن الحرية كما فعل (بيرون) باشتراكه في الحرب للدفاع عن استقلال اليونان.
ومن الشعراء من هزوا النفوس بأشعارهم في الحرب العظمى 1914 - 1918 مثل روبرت بردك، وليم نويل هودجسون، جوليان جرنفيل، سيسيل شسرين، إدوارد توماس.
وقد ذهبوا جميعاً ولم يعد أحد منهم إلى عالم الوجود.
أما الذين عاشوا ليمدوا العالم بمزيد من أشعارهم فمنهم (سيجفريد ساسون) الذي كتب عن الحرب أشعاراً تعد من الحجج البينات التي ظهرت لتوطيد دعائم السلام وقد قام كثير من المصورين بأعمالهم الفنية إبان الحرب العظمى ومنهم من كانوا يعملون في ميادين القتال، فأخرجوا للعالم تحفاً من بدائع الفن التصويري، يرمزون بها إلى شتى التجارب والاحساسات التي صادفتهم في حياتهم الحربية وليس من همنا أن نثبت هنا أن الفنانين يؤثرون موضوع الحرب لإبراز روائع فنهم، ولكنا نرى أن من واجبهم الرسمي أن يهزوا القلوب نحو جانب من الجوانب في أيام الحروب نساء ستالين (عن مجلة (باريد) عدد فبراير) لا تنقطع محاولات اغتيال دكتاتور روسيا ولكنها في أغلب الأحيان تظل في الخفاء.
ولما كنت أعمل في قلم الاستعلامات الملحق بالكرملين مقر دكتاتور روسيا، فقد أتيح لي أن أقف على تفاصيل آخر محاولة لاغتياله.
وكان عملي في الظاهر يتلخص في إمداد مكاتبي الصحف الأجنبية بالأخبار، ولكن في الواقع كانت مهمتي هي العمل على عدم تسرب الأخبار الخاصة بحياة ستالين الداخلية إلى الخارج.
وبذلك تمكنت من معرفة تفاصيل هذه المحاولة الجريئة التي قات بها فتاة جميلة استخدمها الدكتاتور لتقرأ له الصحف الأجنبية مترجمة في ذلك الوقت كان الرفيق آبل انيكايدز صديق ستالين الحميم سكرتيراً عاماً للجنة التنفيذية لمقاطعات روسيا البلشفية المتحدة، وبذلك كان يتمتع بسلطة لا تحدها إلا سلطة ستالين نفسه.
وكان يخضع له كبار رجال الدولة لإشرافه على موارد الترف ورفه العيش، وحتى ياجودا رئيس البوليس السري السابق كان ينحني له، ويمتد إشرافه أيضاً إلى المسارح والهيئات الفنية، ولذلك كان مطمح أنظار جميلات النساء الراغبات في المجد الفني اعتماداً على موهبة الجمال وحدها.
وقد أدى تهافت النساء عليه إلى سقوطه السريع.
وفي ذات يوم أبدى الدكتاتور رغبته فيمن يترجم له الصحف الأجنبية؛ فعيّن انيكايدز فتاة جميلة تنتمي إلى أصل أرستقراطي قديم.
وفي صباح كل يوم يضطجع الدكتاتور الأحمر على أريكة وتجلس الفتاة على منضدة أمامه تقرأ، ولا يكف هو عن السؤال والتعليق، وبجنبه على منضدة أخرى وضعت أطباق الحلوى والفاكهة وراقت هذه القراءات ستالين وسر بها كثيراً.
وفي ذات صباح أمر بقدحين من البن التركي الذي يحبه، وبعد أن تظاهرت الفتاة بتذوق فنجالها قامت فوضعت كمية من السكر في القدحين، وبعد ذلك تناولت القهوة فشربتها؛ أما هو فلم يشرب.
وبعد ذهاب الفتاة أخذت القهوة، وبعد تحليلها وجد بها قدر كبير من السم فألقي عليها القبض، وألقيت في أحقر السجون مدة ثلاثة أسابيع، ولكنها لم تعترف بوجود شركاء لها.
وأخيراً نفذ فيها حكم الإعدام رمياً بالرصاص بأمر صادر من ستالين نفسه وقامت الشكوك في نفسه واتهم إنيكايدز بتدبير هذه المؤامرة ولكنه لم يعثر على دليل لإدانته، ولكن هذا لم يعفه من تهمة مد يد المساعدة للأرستقراطيين أعداء النظام البلشفي، فنفي إلى سيبيريا ويشاع أنه لقي حتفه هناك وقلائل جداً من يعرفون شيئاً عن زوجة ستالين الأولى التي رزق منها بولد يعمل الآن صانعاً في أحد معامل موسكو، متخذاً أسم دجيفاشفيلي، وهو الاسم الأول لأبيه قبل قيام الثورة أما عن زوجته الثانية فسأحدثكم عنها بإسهاب لأن ستالين يحبها جداً وقد تزوج بها وهي في الثلاثين واسمها الأصلي اليلوفا وهي ابنة قسيس.
وكان زواجه بها غير معروف عند عامة الناس الذين فوجئوا بنبأ موتها في الصحف ذات يوم.
ومما زاد في عجبهم الاحتفال بدفنها بمشهد وطني على غير تقاليد البلاشفة، ولما تضاربت الأخبار عن أسباب موتها أوعز إلى أن أذيع لمراسلي الصحف أنها ماتت بسبب التهاب الزائدة الدودية.
ولم تكن هذه آخر الإشاعات عن موتها، فذكر أنها ماتت إثر تناول شاي مسموم أريد به ستالين نفسه، وقيل أيضاً إنها انتحرت متأثرة بكثرة الاغتيالات وحوادث القتل التي ارتكبها زوجها، ولكن هاك الحقيقة كما وقفت عليها. من حين إلى آخر يقيم زعماء البلاشفة حفلات للهو العنيف يحضرها النساء، وتسيل فيها الخمر أنهاراً، وفي حفل كهذا أفرط الدكتاتور الأحمر في الشرب وأخذ يبدي ولعاً مكشوفاً بسيدة خاصة، فأحفظ ذلك زوجته (اليلوفا) التي لم تكن أقل منه سكراً فتشاجرا وصخبت زوجته وهددت بأنها ستنتحر، فهزأ منها ستالين أمام النساء اللائى عيرنها بأنها لن تقدم على الانتحار، فما كان منها إلا أن غادرت القاعة، وعلى الأثر سمع طلق ناري، فهرعوا إلى الخارج ووجدوها ميتة برصاصة استقرت في رأسها. فتأثر ستالين الصخري الفؤاد بموتها وأظهر جزعاً شديداً، فاقترح الحاضرون دفنها بمشهد حافل تعزية له.
فدفنت في قبر فخم بكنيسة العذراء بموسكو، ولا يزال ستالين يتردد على قبرها سراً لوضع باقات الزهور وقد تزوج دكتاتور روسيا للمرة الثالثة بامرأة من مقاطعة جورجيا ولكنها لم تظهر معه أبداً في المحافل الرسمية، وإن كانت ترافقه إلى دور التمثيل أحياناً. حسن الظاهر

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٣