أرشيف المقالات

البريد الأدبي

مدة قراءة المادة : 20 دقائق .
8 علامة تعجب في (الرسالة) (رقم 329) قصيدة أبياتها أربعة وخمسون وتُزخرفها اثنتان وستون علامة تَعَجُّب، أعان الله جمّاع حروف (الرسالة)! ولا أقصد هنا التمهل عند هذا النحو من أنحاء النظْم الحديثة، فلكل عهد من عهود الشعر المنظوم بالصنعة ذرائع؛ وقديماً استنجد بعض الشعراء ممن قعد خاطره بمحسنات البديع، واستغاث غيرهم ممن جمدت رويَّته بالأغراب والتهويل اللفظي، وفزع طائفة من المحدثين إلى المسخ أو المحاكاة أو المعارضة، ثم هذى الطباعة الحديثة تبذل أسباباً أخرى في طليعتها علامات التعجُّب (أو التنهد أو التحسر). ولو كان في يدي من أمر (الرسالة) شيء لكنت ضننت على الشاعر بذلك العدد الجارف من علامات التعجب، فأدخرها للقراء أنفسهم إذ آمُر بها فتنثر هنا وهنا في صفحة من صفحات المجلة، فيلتقط منها الملتقط ويختطف المختطف.
ألا يحصرنا من مثيرات العجب ما لا يحصيه غير إحصائي حاذق؟ ولو بسطتَ أطراف العجب على ما يبغتك لنفدت علامات التعجب المخزونة في صناديق (الرسالة) مهما غصت بحروف الترقيم.
وحسبي أن أتعجب مما صدمني في يوم واحد. هاتِ علامةً أتعجب بها من معاملة إدارة دار الأوبرة والفرقة القومية وشركة مصر للتمثيل والسينما.
فمن المشهور أنها تدعو إلى ما تقيمه الحين بعد الحين من صنوف الفن طائفةً من الصحافيين والنقدة الفضوليين الهاجمين، مداراةً أو تلطفاً، وأنها تدعو زمرة ممن يقال لهم (كبار الموظفين).
تدعو هؤلاء وأولئك، وهي تُهمل نفراً من الكتاب المقدمين والنقاد البصراء؛ فإن سألها أحدهم في ذلك قالت له (اقصدني أتفضلْ عليك بتذكرة دخول).
فهل غاب عن تلك الإدارات ما يجري في نواحي أوربة المتمدينة؟ ولعل الصديق الأستاذ توفيق الحكيم يرشد تلك الإدارات المختلفة إلى آداب المعاملة الثقافية. وعلامةً أتعجب بها من خروج مسرحية عنوانها (امرأة تستجدي) على مسرح الفرقة القومية، وقد وصفها ناقد الرسالة خير وصف في العدد السابق.
بالله كيف أفلتت هذه المسرحية من مناظير (لجنة القراءة) وفيها من فيها؟ ولِمَ تذيقُ الفرقة رجالها عذاب تمثيل مثل هذه المسرحية وتذيق النظارةَ شهودها؟ هل يدخل هذا في مجاهدات شهر رمضان؟ كثيراً ما قلنا للفرقة القومية: المسرحية المرضية إذا ترجمت خير من المسرحية التافهة وإن كانت مؤلَّفة.
والتأليف المسرحي في الأدب العربي لا يزال في عهد الاستواء، فاطلبوا النماذج الحسنة وانبذوا الرديئة.
ولا يضير بلداً أن يقال فيه إنه لم يخرج بعد عدداً من الفلاسفة المبتكرين أو الشعراء الفحول.

إن مجد الأمم لا يرتجل. وعلامةً أتعجب بها مما جاء في الصفحة الأولى من (مصطلحات في باب الأحياء والطب) من (مجلة مجمع فؤاد الأول للغة العربية) (ج 4 ص 11 والشرح).
أصبت في تلك الصفحة: (الحركة الذاتية) بازاء ثم (الحركة الخارجية) بازاء والذي يعرفه طلاب الفنون أن كلمة تنظر إليها في العربية كلمة (فعّال) وأن تنظر إليها كلمة (منفعل) و (انفعالي) وهما من المقولتين (يفعل وينفعل) (راجع هذا في (مباحث عربية) ص 120، الحاشية).
وأما (الحركة الذاتية) فشيء آخر (وتصيب تعريف هذا التعبير في (كشاف اصطلاحات الفنون) مادة (الحركة) ص 343، وفي (التعريفات) مصر 1283 ص 58).
وكيفما كانت الحال فإن التعبير الذي يقابل (الحركة الذاتية) هو: (الحركة العرضية)، كما جاء في ذينك المرجعين.
هذا وكأني بالمجمع عبَّر بـ (الحركة الخارجية) عن (الحركة القسرية) (وهذا من المصطلحات العربية) و (هي ما يكون مبدؤها بسبب ميل من خارج كالحجر المرمى من فوق) (التعريفات).
ومما يقابل (الحركة القسرية) في المصطلح: (الحركة الإدارية). ثم علامةً أتعجب بها مما جرى به قلم الصديق الدكتور زكي مبارك، إذ أخذ عليَّ في العدد السابق أني أغلَّب إلقاء الشعر بحسب المعاني والألفاظ على إلقائه بحسب التفاعيل، وسبب التعجب أن زميلي الباريسي يعلم فوق علمي أن أهل الدراية من عرب وأعاجم مجمعون على أن الشاعر خير من الوازن، وكانت العرب تقول في موضع الذم: (إنما هو عروضي، ومقطع أبيات ووزان تفاعيل)، وما كان لهذا أن يكون لولا أن الشعر يقوم بمعناه ولفظه فوق ما يقوم بوزنه، وذلك فضلاً عن أن مجرَّد الوزن إنما هو للأذن، وأما المعنى واللفظ فلما يليها في الباطن؛ والطرب لا يأخذ النفس اللطيفة من طريق الحس الظاهر، بل هذا الحس إذا علا شأنه طغى على الوجدان، فمما يحسن به إذن أن يتواضع، ومما يحق على الوزن أن ينتشر خِفيةً في تضاعيف البيت.
ثم كيف يكون مأخذ الصديق صاحب (ليلى المريضة.
)
- لعلها شُفيت فشفى فيشفى المواسون معه - وهو يذيع فينا أنه مفتون بالجمال، والجمال لا تصيبه في الهيكل العظمي بل عليك به فيما يكسوه، وإنما الوزن يكسوه المعنى واللفظ.
بقي أن فن الإلقاء الحديث يرى ما أرى، وإن تمسك الصديق بما ألِفتَه أذنه، وكثيراً ما نغضب لما تعودناه، من ذلك غضب بعضهم للحجاب وغضب بعضهم (للعتبة الخضراء) يرحمها الله. بشر فارس العيد الألفي لمولد الشريف الرضي أخي الأستاذ الزيات: كنت تفضلت فأطلعتني على بعض ما نشر في جرائد العراق عن الاستعداد لأقامة حفلة كبيرة في الكاظمية بمناسبة العيد الألفي للشريف الرضي. ومنذ أيام قرأت في مجلة الصباح كلمة قال كاتبها (الفائق): إن سعادة السيد إبراهيم صالح شكر قائم مقام الكاظمية يهتم بتوسيع ضريح الشريف تمهيداً لتلك الحفلة الكبيرة. فهل أستطيع أن أقول إن الشريف الرضي يستحق أن تقام له حفلة رسمية في العراق كالحفلة التي أقيمت لأبي الطيب المتنبي؟ إن المجد الأدبي للشريف الرضي لم يعد ميراثاً لأتباعه من الشيعة، مع الاحترام لصدقهم في الحرص على إحياء ذكراه، وإنما مجد الشريف الرضي تراث للعراق أولاً، وللأمم العربية ثانياً؛ ومن أجل ذلك أرجو أن يأخذ الاحتفال بذكراه في العراق صبغة قومية لا صبغة طائفية، فيكون من الخطباء والشعراء من يفهمون أنه من رجال الأدب قبل أن يكون من رجال الدين. وأنت تعرف يا صديقي أن الشريف الرضي تحرر من دنياه من الصبغة المذهبية فدرس كتب الشافعية ليعرف ما عند أهل السنة من أفكار وآراء، فمن الظلم لهذا الرجل العظيم أن يحتفل بذكراه فريق دون فريق. وفي نيتي - إن شاء الله - أن أحضر تلك الحفلة على شرط أن تصدر الدعوة إليها من وزارة المعارف العراقية، وإلا فسأقترح على كلية الآداب بالجامعة المصرية أن تقيم أسبوعاً لذكرى الشريف كما أقامت أسبوعاً لذكرى المتنبي، فنؤدي حق الشريف في القاهرة قبل أن يؤدى في بغداد. فإن قيل إن الحالة الدولية قد تمنع من إقامة تلك الحفلة بصفة رسمية، فإني أجيب بأن الأوربيين يحتفلون بذكريات رجالهم العظماء في ميادين الحروب، ونريد أن نكون أعرف منهم بالواجب وأحفظ للجميل. وحين يتفضل وزير المعارف في العراق باستماع هذا القول فإني أرجو أن نزور بغداد معاً في آذار المقبل لنشترك في إحياء ذكرى الشريف، ولنشهد تفتُّح الأزهار حول دجلة والفرات، ولنطوف بدار ليلى ودار ظمياء.

والله يحفظك للصديق الموكَّل برعاية العهود. زكي مبارك تخليطات في فهرس (عيون الأخبار) عامة الناس على أن دار الكتب المصرية، بقسمها الأدبي، أمثل دور النشر العربية جميعاً، بما أتيح لها من أسباب القوة، وما مكن لها من وسائل التحرير والضبط، مادية وفنية، ففيها المال والرجال، وجنباتها الواسعة تفهق بالمراجع العظيمة والمصادر الثرية، ولها الصوت الواسع البعيد الذي يكفل لنشراتها ما تقتطع دونه أعناق الناشرين تشوقاً وطماعية. وما نشك في أن (دار الكتب) جديرة - مع شيء من التحفظ - بهذه المكانة التي تتبوؤها، فقد أسدت إلى الأدب العربي، والى جمهرة المتأدبين والباحثين، صنائع لا سبيل إلى نكرانها، قياساً إلى تلك النشرات الأخرى التي نكب بها الأدب العربي.
وإذا كان بعض الناس يغلو في نقدها ومؤاخذتها بالبطء الشديد، والتنكب أحياناً لمسالك النشر العلمي السديد، فإنما ذلك على قدر الظن بها، والأمل فيها؛ وعلى قدر الرغبة في أن تكون النشرات التي تقوم عليها صورة مثلى مما تضطرب به آمالنا نحو تراثنا العقلي، من الأخذ في تحقيقها بالتثبيت الذي لا يتهاون ولا يتسامح ولا يغفل، مما هو جدير بأدبنا العربي الذي ندين له، وجدير بالمنزلة التي نزعمها لمصر نحوه. ومن نشرات (دار الكتب) التي نرى فيها إلى جانب الرغبة في التحري والدقة والضبط مظاهر شنيعة للغفلة والإهمال والتخبط كتاب (عيون الأخبار) لابن قتيبة، مما يبعد بهذه النشرة عن الروح العلمية بعداً شاسعاً، ويضع الذين قاموا عليها موضعاً غير جدير بهم ولا بمكانهم من تلك الدار. وأنا أكتفي من هذه المظاهر المتناثرة في أثناء الكتاب كله بثلاثة مواضع لا عذر فيها لمعتذر، ولا محل فيهل لجدل؛ وليس يقال فيها: رداءة الأصل وانبهام الخط وانعدام المصادر واختلاف النظر.
فهي أغلاط بل (تخليطات) في فهرس الإعلام لذلك الكتاب، ومثل هذه الفهارس التي قيل فيها إنها نصف العلم، إن لم يؤخذ في وضعها بالدقة، كانت شيئاً أشبه بالترف الذي يقوم على التقليد الظاهر، أو التغرير الذي يلجأ إليه بعض المتجرين التماساً للعائدة المادية ليس غير، لا ضرورة علمية توحي بها روح العلم ومناهج البحث. 1 - أول هذه المواضع يتعلق بالثوري، وقد جاء (الثوري) في عيون الأخبار مشتركاً بين اثنين، يختلف ما بينهما اختلافاً كبيراً، حتى ما يكادان يلتقيان إلا في هذه النسبة: أحدهما أبو عبد الله سفيان بن سعيد الثوري، المحدث العظيم، والورع المعتصم بدينه وورعه عن مزالق الهوى، والمحتمل في ذلك أذى التواري ومحنة التوقي ومضاضة العيش حتى لا يلي للسلطان عملاً، ولا ينفذ إليه الشيطان من باب.
وأما الثاني، فهو أبو عبد الرحمن أحد شخصيات الجاحظ الطريفة في كتاب (البخلاء)، ممن اتخذهم أبو عثمان مادة لتصويره وسخريته من طبقة (البورجوازي) في البصرة وبغداد.
وحسبنا هذا لنعلم أي صورتين متناقضتين جعل منهما ناشرو (عيون الأخبار) شخصاً واحداً، وأرسلوه في فهرس الإعلام باسم أبي عبد الرحمن الثوري (صاحب الجاحظ) بالرغم من كل شيء، وأخضعوا الأمر لقاعدة التغليب.

يعتسفونه اعتسافاً.

وهكذا أضاع ناشرونا الأفاضل أبا عبد الله سفيان، كان الله له! 2 - وأما الموضع الثاني، فالخلط فيه أشنع، والخطأ فيه أفظع، أو هي المعجزة التي تعنو لها المعجزات، وقعت على أيدي سادتنا الأجلاء، إذ نرى الكليم موسى بن عمران عليه السلام قد تقلصت عنه السنون، فقام ينفض غبار القرون، فإذا هو من معاصري أبي الهذيل العلاف وسهل بن هرون! وحقت بذلك كلمة القوم. فكذلك صنع ناشرو عيون الأخبار في الإشارة إلى موسى ابن عمران في خبر جاء فيه أن سهل بن هرون بعث إليه أبياتاً يعبث فيها بأبي الهذيل العلاف، إذ خلطوا بينه وبين موسى ابن عمران (النبي عليه السلام). وإنما موسى بن عمران هذا هو بعينه الذي يذكر كثيراً باسم (مويس بن عمران)، وقد ذكره المرتضى في الطبقة السادسة من طبقات المعتزلة، وكثير من أخباره وآرائه في الانتصار لأبي الحسين الخياط، والملل والنحل لشهرستاني، والاغاني لأبي فرج، وأخبار أبي نواس لابن منظور.
كما يردد الجاحظ اسمه كثيراً في كتبه كالحيوان والبخلاء والبيان والتبيين. 3 - وأما الموضع الثالث فأعجب عجباً وأغرب غرابة، والخلط فيه من طراز بدع جديد. لعل كثيراً من المتأدبين يذكرون قصيدة سويد بن أبي كاهل التي يقول فيها: رب من أنضجت غيظاً قلبه ...
قد تمنى لي موتاً لم يطَع وقد جاء فيها هذا البيت يذكر ذلك المغيظ الذي أنضج الغيظ قلبه: مزبداً يخطر ما لم يرني ...
فإذا أسمعته صوتي انقمع وكنا نفهم - بكل بساطة - أنه يمثل صاحبه في هذا البيت بالجمل الهائج يخطر في مشيه ويضرب بذنبه وقد علا الزبد شدقيه، وقد غفلنا - ونستغفر الله الذي تفرد بالعصمة - أن فوق كل ذي علم عليما.
فقد أبى أصحابنا الناشرون إلا أن (مزبدا) في هذا البيت ليس على ما خيل إلينا وإنما هو.

(مزبد) المدني صاحب النوادر! هكذا والله صنع القوم.
فقد أشاروا إلى هذا البيت في فهرس الإعلام ضمن ما أشاروا إليه من النصوص التي ورد فيها (مزبد) هذا وأحالوا الباحثين عليها. وبعد فإن هذه التخليطات الغليظة تكاد تهدم الثقة بدار الكتب ونشراتها جميعاً، لولا ما نراه فيها كثيراً من آيات الجهد الجاهد في التحرير والضبط، والبراعة العظيمة في التصحيح والتخريج.
فنتساءل مع شيخنا الجاحظ: كيف تصبر البعيد الغامض، وتغبى عن القريب الجليل! م.
ط.
ح تعليق على خطبة وزير الدفاع ألقى حضرة صاحب المعالي اللواء محمد صالح حرب باشا وزير الدفاع خطبة قوية رائعة في احتفال الكلية الحربية صباح الخميس 2 نوفمبر، بمناسبة تخرج طائفة من الضباط الذين أتموا دراستهم.
وأشهد لقد قرأت هذه الخطبة في الصحف، فاهتزت مشاعري حماسة وإعجاباً بما اشتملت عليه من معان وطنية سامية، تبعث العزة والكرامة في النفوس، وتحفز إلى التضحية والاستشهاد في ميدان الشرف! ومعالي الوزير أديب واسع الاطلاع، دقيق الفهم لأسرار البيان، وخطيب بالغ الحجة قوي التأثير؛ وهو فوق هذا صاحب عقيدة راسخة وخلق متين. أستهل معاليه خطبته البليغة بقوله: (أبنائي الأعزاء، إن موقفي اليوم منكم هو موقف التهنئة والتبريك، فأهنئكم من كل قلبي.
أهنئكم بالنجمة الأولى في سماء المجد والشرف، وأهنئكم بالسيف المصلت في سبيل الوطن الغالي!)
. يا له من توجيه سديد والتفاتة بارعة! نعم إنها النجمة الأولى التي يزهو بها حاملها في سماء المجد والشرف، لا بين نجوم المسرح وكواكب الصالات.
إنني لأذكر مع الأسف ذلك المشهد المؤذي للكرامة والشعور حين وقفت إحدى الراقصات تلقي منلوجاً مطلعه: النجمة في كتفك عاجباني ...
والسيف على وسطك خلاني حبيتك يا ملازم ثاني.
! فما كان من أحد الضباط وقد استخفه الطرب إلا أن قام في عربدة واستهتار يطلب الترديد والمزيد، ثم طوح بطربوشه في الفضاء، مزهواً بالنجمة الآفلة والسيف الذليل! فأي ضابط من أولئك الذين سمعوا وزيرهم النبيل يلقي عليهم ذلك الدرس البليغ في تقدير هذه الشارات الرفيعة التي ترمز إلى المجد والعظمة والسمو، تحدثه نفسه بعد ذلك بالنزول إلى هذا المستوى الوضيع؟ لقد ترك معالي الوزير السابق أجمل الذكرى وأطيب الأثر، حين أمر بعدم ظهور الضباط بملابسهم العسكرية في هذه الميادين.
وفي ذلك معنى بليغ يجب تدبره وتقديره، وهو أن الضابط الذي يزج بنفسه في هذه النواحي لا يستحق التمتع بشرف الجندية. وحبذا لو أتم معالي الوزير الحالي خطوات سلفه، فلم يجعل هذا الخطر قاصراً على الضباط فحسب، بل نافذاً على الجنود أيضاً.
حتى لا نشاهد تلك المناظر المخجلة في بؤر الدعارة والفساد جنود الوطن وعدته في الشدائد الذين يمثلون أسمى معاني الرجولة والشرف، تمتلئ بهم المواخير في بعض الليالي والأيام. ويقول معالي الوزير في خطبته السديدة: (ليست الجندية غروراً يملأ الصدور وينفخ في المعاطس، ولا بدلة للزينة؛ وليست الجندية رتباً ولباساً ومطعماً ومتاعاً من النعيم الذليل.
ولكن الجندية - وهي أسمى مراتب الرجولة وأسمى منازل الأخلاق - أكرم على الله والناس من أن تكون هذه غايتها وهذا مداها!)
. منطق حق وقول سديد.
وما أحوج رجال الجيش إلى تدبر هذه المعاني النبيلة، والانطباع على تلك الأخلاق القويمة.
حتى يستطيع أن ينهض بأعبائه الثقال قوي العدة متين البناء.
فنحن في زمن - كما يقول معاليه - من لم يكن فيه ذئباً كان في الغنم. ثم يختتم خطابه بقوله: (أوصيكم بأنفسكم خيراً، وتحصنوا بالأخلاق فهي جنتكم من الزلل.
ثم أوصيكم بالجنود خيراً، وأكرر هذه الوصاة، فهم عدة الوطن في شدته، وهم طعام النيران! ومن أساء إليهم فقد أساء الوطن، وإني أعيذكم أن تسيئوا إلى مصر وأنتم حماة ذمارها)
. وهنا أشير إلى عادة مستهجنة يجري العمل عليها في نظام الجيش، فيها الإساءة البالغة إلى كرامة الجنود وشرف الجندية.
تلك هي نظام (المراسلة) الذي يفرض على بعض الجنود أن يكونوا خدماً للضباط لا في ميادين القتال وساحات الجهاد، وإنما في المنازل حيث إعداد الطعام وغسل البلاط وحمل الأطفال! بل وفيما هو أحط من ذلك في كثير من النواحي والشؤون.
ومن المؤلم أن تكون هذه الخدمة مطمح الجنود ومقر ذوي الحظوة منهم.
وفي ذلك ما فيه من إفساد للروح المعنوية وانحدار عن مستوى الرجولة والشرف.
فهل لمعالي الوزير الحازم - وهو يوصي بالجنود خيراً - أن يرفع عن أعناقهم هذا النير الذي يورث الذل والصغار، فلا يفرض عليهم الخدمة في غير المعسكر أو الميدان؟ إنا لنرجو الخير الكثير على يدي معاليه.
ولنا في ماضيه الجليل في ميدان الحرب والسياسة، وحاضره المحفوف بالتقدير والإكبار ما يؤكد الثقة ويقوي الأمل في جلال المستقبل وعزة الغد. (حلوان) محمد كامل حتة زكاة الفطر أعدت وزارة الشؤون الاجتماعية صندوق الإحسان في بنك مصر لجمع زكاة الفطر ووجه معالي وزيرها إلى الشعب نداء بليغاً يدعوه إلى أداء هذه الزكاة جاء في ختامه قوله: (إن وزارة الشؤون الاجتماعية حين تجعل في عنقها أمانة الزكاة تنهى إلى خاصة المسلمين وعامتهم أن إيداع زكاة الفطر في (صندوق الإحسان) الذي جعلته وعاء للخير موافق لأحكام الشرع الشريف، فبهذا أفتى رجال الدين وعليه جرى العمل في دول الإسلام الأولى وصدور أيامه السالفة وبه تبرأ ذمة كل مسلم من عهدة التقصير في هذه الزكاة وتنتقل المسؤولية أمام الله إلى وزير الصدقات الذي هو وزير الشؤون الاجتماعية.
وحسبكم أن يعطيكم وزير الشؤون الاجتماعية عهد الله وذمته فيشهد الله ويشهدكم أن ينفق ما تزكون به في وجوهه المشروعة. إن فرصة الخير أضيق من أن تمتد مع التسويف وقد علمتم أن أفضل ما تؤدى زكاة الفطر إذا لم تتأخر عن يوم العيد والله تعالى يدعوكم إليها فأجيبوا دعاءه وهو يعدكم حسن الجزاء عليها فاستوجبوا وعده الصادق بالمبادرة إلى طاعته)
. اكتشاف مصل واق من التيتانوس أبلغ المجمع العلمي الفرنسي أن الدكتور رمون والدكتور لبميه توصلا إلى صنع مصل واق من التيتانوس ودلت التجارب التي عملت أن هذا المصل يعطي الإنسان والحيوان مناعة قوية من التيتانوس وهو اكتشاف ذو أهمية خاصة في هذا الوقت الذي يعد فيه التيتانوس مرضاً مخيفاً في وقت الحرب.

شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن