أرشيف المقالات

وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
2﴿ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ ﴾
قال تعالى: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ﴾ [الأنعام: 146].
سبب النزول: أن اليهود كانوا يقولون: لسنا أولَ مَن حُرِّمت عليه هذه المحرمات، وإنما كانت محرَّمة على نوح وإبراهيم ومن بعدهما حتى انتهى الأمر إلينا، فنزل: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا ﴾.

ومناسبتها لما قبلها: أنه لما ذكر ما حرمه على سبيل العموم، ذَكَرَ هنا ما حرمه على اليهود خاصة بسبب ظلمهم.
والغَرَض الذي سِيقَتْ له: تحقيق ما سلف من حصر المحرمات، ورَدُّ فرية اليهود الذين يدَّعون ما يخالفه.

والمراد بـ(الذين هادوا) اليهود، وقدم الجار والمجرور للحصر، والجملة معطوفة على مضمون الآية السابقة؛ أي: لا أجد محرمًا إلا هذا، وإلا ما حرمه الله على اليهود خاصة بسبب ظلمهم.

و(ذو الظفر) ما له إصبع غير مشقوق من دابة أو طائر؛ كالبعير، والنعامة، والأوز، والبط.

والمراد بـ(الشحوم) هنا شحم الكرش وشحم الكلى.

و(ما) في قوله: ﴿ إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا ﴾ موصولة في محل نصب على الاستثناء المتصل، والتقدير: إلا الشحم الذي حملته ظهورهما.

ومعنى (حملت ظهورهما)؛ أي: علق بها منه.
وقوله: ﴿ أَوِ الْحَوَايَا ﴾ معطوف على (ظهورهما)، فهو مرفوع؛ أي: وإلا الذي حملته الحوايا من الشحم، فإنه غير محرَّم أيضًا.

و(الحوايا) الأمعاء، جمع حاوياء أو حاوية.
وقوله: ﴿ أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ﴾ معطوف على (ما حملت)، والمراد به شحم الإلية، فإنه حلال لهم أيضًا.
والإشارة في قوله: ﴿ ذَلِك ﴾ للتحريم، والباء في قوله: ﴿ بِبَغْيِهِمْ ﴾ للسببية، و(البغي) الظلم.
وقوله: ﴿ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴾ جملة مستأنفة لتأكيد تحريمها عليهم، والضمير المرفوع في قوله: ﴿ فَإِنْ كَذَّبُوكَ ﴾، قيل: لليهود؛ وقيل: للمشركين.
والتقديرُ: فإن كذبك اليهود فيما تخبر به عنهم، أو كذبك المشركون في شأن التحليل والتحريم فقُلْ:...، والتغييرُ بوصف الربوبية مضافًا إليهم والإخبار بأنه ذو رحمة واسعة؛ للتلطُّف في دعوتهم إلى الإيمان، وقوله: ﴿ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ﴾ من مقول القول، جيء به لئلا يغتروا بسَعَة الرحمة.
  ما يُؤخذ مِن الآية: 1- تشديد العقوبات على أهل البغي. 2- استحباب التلطف في الدعوة.




شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢