أرشيف المقالات

العقد الباطل والعقد الفاسد

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
2العقد الباطل والعقد الفاسد   • لا يفرِّق الجمهور بين الفاسد والباطل، في العبادات والمعاملات، إلا في النَّزر اليسير من العبادات. ومن أمثلة ذلك: الحج، فإن جمهور العلماء على أن من جامع قبل التحلل الأول، فحجة فاسد، ويلزمه المضي فيه، أما الحج الباطل، فمثاله: من ارتد في أثناء المناسك، فحجه باطل، حتى وإن عاد لإسلامه، فإنه لا يبني على إحرامه الأول؛ لأنه بطل.   مثال آخر: في النكاح، فالعقد الباطل في النكاح كمن تزوج من امرأة في أثناء عدتها من زوج آخر، فالعقد باطل بالإجماع، أما العقد الفاسد فمثاله من تزوج امرأة بولي فقط ولم يشهد عليه أحدًا، فالعقد هنا فاسد وليس باطلًا؛ لاختلاف الفقهاء في اشتراط الشهادة على عقد النكاح، وانظر الورقات (ص 39)، وروضة الناظر (1/ 251).   • أما الحنفية، فهم قد وافقوا الجمهور على ذلك في مقام العبادات، أما في المعاملات فتراهم يفرِّقون فيها بين الباطل والفاسد، فقالوا: العقد الباطل: هو عقد بيعٍ غير مشروع، لا بأصلة ولا بوصفه، لذا فلا يترتب عليه آثاره، أما العقد الفاسد، فهو ما كان مشروعًا بأصله لا بوصفه؛ أي: إنه بيعٌ صحيحٌ لازَمَه وصفٌ فاسدٌ، فأفسده، كبيع الرِّبويات أو البيع بثمن مجهول أو البيع لشيء مجهول؛ كقوله: بعتك دارًا من الدور.   فمثل هذا البيع عند الحنفية يثبت فيه الملك بالقبض بإذن المالك صراحة أو دلالة، أما على قول الجمهور فقالوا: لا يفيد الملك أصلًا مثله مثل البيع الباطل، لذا فإن فتوى أبي حنيفة فيمن باع درهمًا بدرهمين أنه بيع صحيح بأصله فاسد بوصفه، فترد الزيادة الربوية ويصح بعدها البيع، وهذا خلاف الصحيح، فإن البيع الربوي بيع باطل لا يصح ولو ردت الزيادة المحرمة؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم فيمن اشترى صاعًا من التمر بصاعين: "ردوه"، ولو كان رد الزائد المحرم مشروعًا لأمر برده.   قال القرطبي: قوله صلى الله عليه وسلم "ردوه" دليل على وجوب فسخ صفقة الربا، وأنها لا تصح بوجه، وهو قول الجمهور.[1]   قال صاحب مراقي السعود: وقابل الصحة بالبطلان وهو الفساد عند أهل الشان وخالف النعمان فالفساد ما نهيه بالوصف يستفاد[2]


[1] وانظر الفقه الإسلامي وأدلته (4/ 426)، والإعلام لابن الملقن (7/ 341)، وبدائع الصنائع (7/ 326). [2] وانظر المذكرة (ص 55).



شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير