أرشيف المقالات

حكم بيع الرجل على بيع أخيه

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
2حكم بيع الرجل على بيع أخيه   هذه مسألة قد استقلت السنة بتحريمها، وبينت مخالفة ذلك البيع للشرع الحكيم.   التعريف: هو أن يستحسن المشتري السلعة ويهواها، ويركن إلى البائع ويميل إليه ويتذاكران الثمن، ولم يبق إلا العقد والرضا الذي يتم به البيع، فإذا كان البائع والمشتري على مثل هذه الحال، لم يجز لأحدٍ أن يعترضه، فيعرض على أحدهما ما به يفسد به ما هما عليه من التبايع[1].   وصورة ذلك كأن يقول للمشتري: افسخ بيعك لأبيعك بأنقص، أو يقول للبائع: افسخ لأشتري منك بأزيد [2].   ويكون في هذا الوقت قد اتَّفق البائع والمشتري، ثم تَمَّ هذا الفسخ لعقد آخر مع مشتري غير الذي تم معه العقد الأول.   الدليل: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيع بعضكم على بيع بعض، ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب"[3].   وجه الدلالة: أن نهيه صلى الله عليه وسلم يقتضي تحريم المنهي عنه [4].   وفي لفظ أبي داود وأحمد: (لا يبع على بيع أخيه إلا بإذنه)، وفي لفظ للنسائي: (لا يبيع الرجل على بيع أخيه حتى يبتاع أو يذر) [5].   ومن هنا يعلم أن المسلم يحرم عليه البيع على بيع أخيه، وكذا الخطبة حتى يأذن له أخيه.   وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المؤمن أخو المؤمن، فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر"[6].   ووجه الدلالة: أن المسلم أخو المسلم يحرم عليه أن يشتري بعد شراء أخيه ذات السلعة أو أن يخطب علي خطبته.   الحكم الشرعي: النهي عن بيع الرجل على بيع أخيه مجمعٌ عليه بين العلماء[7].   ولعل الحكمة في التحريم أن بيع الرجل على بيع أخيه مخالفٌ لمقتضى الأخوة الإيمانية؛ لأن فيه إضرارًا بأخيه المؤمن وهو سببٌ للبغضاء والعداوة بينهما والدين منهجه تقوية العلاقات والروابط، ورفع الغرر والتزوير، وكل ما يسبب البغضاء والتنافر بين المسلمين.   وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالنصيحة والتناصح، ففي الحديث: (الدين النصيحة)، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم [8].   هذا والله تعالى أعلى وأعلم، والحمد لله رب العالمين.


[1] التمهيد لابن عبدالبر، طبعة وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية - المغرب، 1387 (13/ 317). [2] فتح الباري لابن حجر العسقلاني، (4/ 415-416). [3] صحيح البخاري كتاب النكاح، باب: لا يخطب علي خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع، ج7/ 19، رقم الحديث (5142). [4] وقال ابن عبدالبر رحمه الله: "وفيه أن النهي من قبل الله إذا ورد، فحكمه التحريم، إلا أن يزيحه عن ذلك دليل يبين المراد منه، ألا ترى إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما علمت أن الله حرمها، ثم قال: إن الذي حرم شربها حرم بيعها)، فأطلق عن الله تحريمها"؛ انتهى من "التمهيد" ( 4 / 141 ). [5] سنن النسائي كتاب البيوع، باب: بيع الرجل علي بيع أخيه (ج7/ 258) رقم الحديث (4503). [6] صحيح مسلم كتاب النكاح، باب: تحريم الخطبة علي خطبة أخيه حتي يأذن أو يترك (2/ 1034). [7] فتح الباري لابن حجر العسقلاني :(4/ 415). [8] رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب: بيان أن الدين النصيحة (1/ 74) رقم الحديث(95).



شارك الخبر

مشكاة أسفل ٣