أرشيف المقالات

من أحكام المزارعة والمساقاة

مدة قراءة المادة : 7 دقائق .
2من أحكام المزارعة والمساقاة   الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَاهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا إلَهَ سِوَاهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الَّذِي اصْطَفَاهُ وَاجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إلَى يَوْمِ الدِّينِ.   فإن المزارعة لها أحكام فقهية تتعلق بها، على طلاب العلم معرفتها،فأقول وبالله تعالى التوفيق: معنى المزارعة: إعطاء الأرض إلى من يزرعها ويقوم على خدمتها، على أن يكون للعامل جزء معلوم مما يخرج من المحصول، كالنصف أو الثلث أو الربع، أو بحسب ما يتفق صاحب الأرض مع العامل؛ (المغني .
لابن قدامة .
ج.7 .
ص.555).   مشروعية المزارعة: المزارعة مشروعة وهي ثابتة بسُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم؛ روى الشيخانِ عن نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ؛ (البخاري حديث 2329، مسلم حديث1551).   قال البخاريُّ: قَالَ قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ مَا بِالْمَدِينَةِ أَهْلُ بَيْتِ هِجْرَةٍ إِلَّا يَزْرَعُونَ عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ، وَزَارَعَ عَلِيٌّ وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ وَعَبْدُاللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِالْعَزِيزِ وَالْقَاسِمُ وَعُرْوَةُ وَآلُ أَبِي بَكْرٍ، وَآلُ عُمَرَ وَآلُ عَلِيٍّ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَقَالَ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ كُنْتُ أُشَارِكُ عَبْدَالرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ فِي الزَّرْعِ؛ (البخاري .
كتاب الحرث والمزارعة .
باب:8).   قال ابنُ قدامةُ: المزارعة أَمْرٌ صَحِيحٌ مَشْهُورٌ عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى مَاتَ، ثُمَّ خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ حَتَّى مَاتُوا، ثُمَّ أَهْلُوهُمْ مِنْ بَعْدِهِمْ، وَلَمْ يَبْقَ بِالْمَدِينَةِ أَهْلُ بَيْتٍ إلَّا وَعَمِلَ بِهِ، وَعَمِلَ بِهِ أَزْوَاجُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَعْدِهِ؛ (المغني لابن قدامة ج.7ص.
557).   تكاليف الزراعة: يجوز أن تكون تكاليف الزراعة من شراء البذور وغيرها على صاحب الأرض، أو تكون على العامل، أو تكون عليهما جميعًا، حسب الاتفاق؛ (المغني لابن قدامة ج.7 ص.562).   قال البخاريُّ: عَامَلَ عُمَرُ النَّاسَ عَلَى إِنْ جَاءَ عُمَرُ بِالْبَذْرِ مِنْ عِنْدِهِ فَلَهُ الشَّطْرُ، وَإِنْ جَاؤُوا بِالْبَذْرِ فَلَهُمْ كَذَا، وَقَالَ الْحَسَنُ: لَا بَأْسَ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ لِأَحَدِهِمَا، فَيُنْفِقَانِ جَمِيعًا، فَمَا خَرَجَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا؛ (البخاري .
كتاب الحرث والمزارعة .
باب:8).   أمور لا تجوز في المزارعة: لا تجوز المزارعة على تحديد قطعة معينة لصاحب الأرض، وقطعة أخرى محددة للعامل، يأخذ كل منهما نصيبه منها؛ لأن في ذلك جهالة، وقد نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ (المغني لابن قدامة ج.7 ص.566).   روى البخاريُّ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمَّايَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُكْرُونَ الْأَرْضَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يَنْبُتُ عَلَى الْأَرْبِعَاءِ (جمع ربيع وهو النهر الصغير)، أَوْ شَيْءٍ يَسْتَثْنِيهِ صَاحِبُ الْأَرْضِ، فَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ؛ (البخاري حديث 2346)، وروى مسلمٌ عن حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ:سَأَلْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، إِنَّمَا كَانَ النَّاسُ يُؤَاجِرُونَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَاذِيَانَاتِ (الأنهار)، وَأَقْبَالِ الْجَدَاوِلِ وَأَشْيَاءَ مِنْ الزَّرْعِ، فَيَهْلِكُ هَذَا وَيَسْلَمُ هَذَا وَيَسْلَمُ هَذَا، وَيَهْلِكُ هَذَا، فَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ كِرَاءٌ إِلَّا هَذَا، فَلِذَلِكَ زُجِرَ عَنْهُ، فَأَمَّا شَيْءٌ مَعْلُومٌ مَضْمُونٌ، فَلَا بَأْسَ بِه؛ (مسلم .
كتاب البيوع .
حديث 16).   فوائد: 1) يجب أن تكون مدة المزارعة محددة ومعلومة لكل من صاحب الأرض والعامل بالزراعة.   2) يجب أن يكون الجزء المتفق علية من الثمر معلوم القدر، كالنصف أو الثلث أو الربع، وأن يكون مشاعًا من جميع ما يخرج من الأرض.   انتهاء المزارعة: قد تنتهي المزارعة بتحقيق المقصود منها، وقد تنتهي بإنهائها قبل تحقق المقصود منها، وذلك في الأحوال التالية: 1) انقضاء مدة المزارعة. 2) موت أحد العاقدين.
3) فسخ عقد المزارعة بالعذر؛ (الفقه الإسلامي للدكتور وهبة الزحيلي ج.5 ص.629:626).   المساقاة: معنى المساقاة: إعطاء الشجر المثمر لمن يقوم بسقيه ورعايته حتى ينضج مقابل جزء معلوم من ثمره؛ (المغني لابن قدامه ج.7 ص.527).   مشروعية المساقاة: المساقاة مشروعة بسُّنة نبينا صلى الله عليه وسلم؛ روى الشيخانِ عن نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ؛ (البخاري حديث 2329، مسلم حديث 1551).   روى البخاريُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَتْ الْأَنْصَارُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا النَّخِيلَ، قَالَ: لَا فَقَالَ: تَكْفُونَا الْمَئُونَةَ وَنُشْرِكْكُمْ فِي الثَّمَرَةِ، قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا؛ (البخاري حديث 2325).   انتهاء المساقاة: تنتهي المساقاة بأحد الأمور الآتية: 1) انتهاء مدة المساقاة. 2) موت أحدِ العاقدين. 3) فسخ عقدِ المساقاة؛ (الفقه الإسلامي للزحيلي ج.5 ص.646).   أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالى بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلاَ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْعَمَلَ خَالِصَاً لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ،وأن يجعله ذُخْرَاً لي عنده يوم القيامة يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ؛ كما أسأله سُبحانه أن ينفعَ به طلابَ العِلْمِ الكرامِ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.



شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن