أرشيف المقالات

كتاب (ثقافة المفهرس للطناحي) بعناية بلال الخليلي

مدة قراءة المادة : 11 دقائق .
2ثقافة المفهرس للطناحي بعناية بلال الخليلي   صدر حديثًا طبعة جديدة من كتاب "ثقافة المفهرس" للعلامة الدكتور محمود محمد الطناحي، بعناية وخدمة الأستاذ "بلال الخليلي" وذلك عن دار "درة الغواص" بمصر.   وأصل الكتاب بحث قدمه وألقاه د.
محمود الطناحي بمعهد المخطوطات العربية، التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم خلال ندوة كان عنوانها "فن فهرسة المخطوطات: مدخل وقضايا"، شاركت فيها نخبة من المتخصصين في هذا الشأن..
وذلك بشهر أكتوبر من عام 1998 م.   وقد نُشرَ بحث د.
محمود الطناحي ضمن بحوث الندوة، في كتاب صادر عن معهد المخطوطات العربية بالقاهرة في عام 1999 م وذلك بتنسيق وتحرير: د.
فيصل الحفيان.   وتناول د.
الطناحي موضوع "ثقافة المفهرس"، مبينًا أصل كلمة فهرسة واشتقاقاتها، حيث بين أن كلمة "الفهرسة" هي كلمة فارسية تدل عند الفرس على جملة العدد لمطلق الكتب، ثم عرّبتها العرب وجمعتها على فهارس، واشتقت منها فعلًا واسم فاعل واسم مفعول ومصدرًا، فقالت: فهرس فلان الكتاب فهو مفهرِس، والكتاب مفهرَس، والعمل نفسه فهرسة.   ثم عرج إلى أهم الأسس التي ينبغي أن يَبني عليها المحقق والمفهرس ثقافته، حيث أشار إلى أن أول ما يجب على المفهرس معرفته والاهتمام به هو اللغة.
وأوضح أن المقصود هنا ليس اللغة التي يتخاطب بها الناس أو ينشؤون بها مُكاتباتهم، بل تلك "اللغة العالية التي كانت تكتب بها عناوين الكتب، ثم مادة الكتاب المخطوط.
ورأى أن المفهرس يحتاج الى هذه اللغة لتحرير عنوان المخطوط ثم لإثبات شيء من أوله وشيء من آخره على وجه الصحة والصواب، وضَربَ أمثلة على الأخطاء التي يقع فيها بعض المفهرسين نتيجة للجهل بتلك اللغة منها تحريف عنوان كتاب "السَّبْق والنّضال" إلى "السيف والنصال"، وكتاب "نحو القلوب" إلى "نجو القلوب".   ولاحظ أن ثقافة المفهرس يجب أن تشمل كذلك معرفة مصطلحات العلوم، حيث إنَّ لكل علم مصطلحات تدور فيه وتدل عليه، مشيرًا إلى أن ثمرة هذه المعرفة تظهر في فهرسة تلك الكتب منزوعة الأغلفة، أو التي فقدت أوراقًا من أوائلها أو أواخرها، فلا يعرف عنوانها ولا مؤلفها، فيكون على المفهرس أن يعرف الفن أو الموضوع الذي تدور في فلكه، وحسبه أن يقول: "كتاب في علم كذا".   وبشكل عام فإن "الطناحي" يرى أن المفهرس يجب أن يتحلى بقدر من الثقافة العامة الواسعة والتي تساعده على امتلاك أدوات الفهرسة والتحقيق والتمكن منهما.   وقد قام بخدمة الكتاب الأستاذ "بلال الخليلي"، وتحقيق متنه، وشرح مفردات عباراته، ‏وقد قدَّمَ للكتاب بمقدمة بين فيها أهمية الاشتغال بالفهرسة للمحقق، وأن أدوات المفهرس هي أدوات المحقق، وألحقَ نموذجًا من بطاقة فهرسة للطناحي، وكيف يتعب المفهرس الثبت في سبيل الوقوف على مؤلف نسخة مجهّلة!.   والأستاذ "محمود محمد الطناحي"، أبو أروى، من أعلام المحققين العاملين والعلماء البارزين باللغة والتحقيق والتراث.
ورائد من رواد التراث العربي النحويَّ والتحقيق، ولد في إحدى قرى محافظة المنوفية، في (23 من ذي الحجة 1353هـ = 29 من مارس 1935م)، والتحق بكلية دار العلوم، وبعد تخرجه منها سنة (1382هـ = 1962م) عمل معيدًا بمعهد الدراسات العربية التابع للجامعة الأمريكية، ولم يستمر في هذا العمل طويلًا، فانتقل سنة 1965م إلى معهد المخطوطات التابع لجامعة الدول العربية، الذي بدأ الاستعانة بعدد من شباب الباحثين في مجال المخطوطات كان من بينهم الطناحي.   وواصل الطناحي في أثناء عمله بالمعهد دراساته العليا، فحصل على الماجستير في النحو العربي من كلية دار العلوم سنة (1392هـ = 1972م) بتحقيق كتاب "الفصول الخمسون" لابن معطي ودراسة آرائه النحوية، ونال درجة الدكتوراه من الكلية نفسها سنة (1398هـ = 1978م) برسالة موضوعها "ابن الشجري وآراؤه النحوية".   إلى جانب ذلك فقد كان يشتغل بإخراج عدد من كنوز التراث محققة تحقيقًا علميًّا، فأخرج في سنة (1383هـ = 1963م) بالاشتراك مع الطاهر أحمد الزاوي ثلاثة أجزاء من كتاب "النهاية في غريب الحديث والأثر" ثم انفرد بتحقيق الجزأين الأخيرين من هذا الكتاب.
ثم اشترك مع زميله عبد الفتاح محمد الحلو في إخراج واحد من أهم كتب التراجم، فبدأ في سنة (1394هـ = 1964م) نشر كتاب "طبقات الشافعية الكبرى"، في عشرة أجزاء، ثم أعاد نشره مرة ثانية مع مزيد من العناية والتدقيق سنة (1413هـ = 1992م).   وتوالت بعد ذلك أعماله في تحقيق نصوص تراثية بالغة القيمة، فنشر الجزء الثامن من كتاب "العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين" لتقي الدين الفاسي سنة (1389هـ = 1969م)، والجزء الأول من كتاب الغريبين - غريبي القرآن والحديث - للهروي سنة (1390هـ = 1970م) والجزأين السادس عشر والثامن والعشرين من كتاب تاج العروس للزبيدي في سنتي (1396هـ = 1976م) و (1414هـ = 1993م).   وهذا النشاط الوافر في إخراج كتب التراث لم يشغله عن مجالسة أئمة العلم وشيوخ المحققين والتلمذة على أيديهم، من أمثال الأساتذة: محمود محمد شاكر وعبد السلام هارون ومحمد أبو الفضل إبراهيم، وأتاح له تردده عليهم وحضوره مجالسهم أن يقف على أبواب واسعة من العلم، وأن يستفيد بخبراتهم الواسعة في فن التحقيق.   وبعد حصوله على الدكتوراه انتقل الطناحي للعمل باحثًا في مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، ثم أستاذًا بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالجامعات نفسها.   ولبث بالمملكة زهاء عشر سنوات، ثم عاد إلى القاهرة ليعمل أستاذًا بجامعة القاهرة في كلية الدراسات العربية والإسلامية، ثم انتقل سنة (1417هـ = 1996م) أستاذًا بكلية الآداب جامعة حلوان، وظل الطناحي على صلة بالجامعات العربية..
فعمل أستاذًا زائرًا في كل من جامعة محمد بن سعود بالرياض سنة (1412هـ = 1991م)، وجامعة الكويت سنة (1415هـ = 1994م)، وجامعة العين بالإمارات المتحدة سنة (1418هـ = 1997م).   وخلال هذه السنوات اختاره مجمع اللغة العربية سنة (1410هـ = 1989م) خبيرًا في لجنة المعجم الكبير، وكان عمله في هذه اللجنة مثريًا لها بما كان يقدمه من تحقيقات ومراجعات تشهد بعلمه الواسع بالتراث، ومعرفته العميقة بمظانه، والتمرس بتحقيق مخطوطاته.
كما اختير خبيرًا بمركز تحقيق التراث بدار الكتب المصرية، وانتخب عضوًا بالهيئة المشتركة لخدمة التراث العربي في معهد إحياء المخطوطات العربية.   وأخرج في هذه الفترة عددًا من عيون كتب التراث، فأخرج كتاب أمالي ابن الشجري في ثلاثة أجزاء سنة (1413هـ = 1992م)، وذكر النسوة المتعبدات لأبي عبد الرحمن السلمي، سنة (1414هـ = 1993م)، وأعمار الأعيان لأبي الفرج بن الجوزي سنة (1415هـ = 1994م)، وظل الطناحي يواصل عمله في خدمة التراث والتحقيق حتى وافته المنية فجأة في (6 من ذي الحجة 1419هـ = 23 من مارس 1999م).   وأبَّنه العديد من رواد الفكر منوهين بجهوده ومن جملة تلك الأقوال: ما قاله الأستاذ أحمد راتب النفاخ: «إن وفاة العالم والمحقق الكبير والصديق العزيز الأستاذ الدكتور محمود الطناحي لخسارة كبيرة للعلم والبحث الجامعي ولأصدقائه وطلابه وعارفي فضله».   والأستاذ الدكتور ناصر الدين الأسد: «إن لفراق الأخ والصديق العزيز العلامة الأستاذ الدكتور محمود الطناحي أثر كبير في نفوس إخوانه ومحبيه الذين افتقدوا علمه وفضله ولطفه».   والأستاذ الدكتور إبراهيم شبوح: «لقد كان الطناحي في كل مكان ينزل فيه فارسًا من فرسان التراث العربي المجيد ورجلًا من رجالات اللغة البارزين ولقد خسرت الأمة الإسلامية بوفاته عالمًا من أجل علمائها وخسرت أنا شخصيًا بفقده أخًا غاليًا وصديقًا عزيزًا وخسر زملاؤه العارفون له بعلم وافر وعطاء متصل وخلق رفيع وتدًا من أوتاد التراث في وطننا العربي».   والأستاذ الدكتور عبد الله يوسف الغنيم: «(لقد تابعت كتابات الطناحي في مجلة الهلال وأحمد له دائمًا هذا النزوع نحو التحقيق والتثبت وتصحيح المفاهيم والنقد العلمي الرصين والتعريف بأمهات كتب التراث العربي مما يجعله في طليعة العلماء الأكادميين المشتغلين بالثقافة والتراث العربي والمنقطعين إلى العلم تدريسًا وتطبيقًا».   ومن مؤلفاته إلى جانب تحقيقاته العديدة: 1) مدخل إلى تاريخ نشر التراث العربي. 2) الموجز في مراجع التراجم والبلدان والمصنَّفات وتعريفات العلوم. 3) فهارس كتاب غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلَّام. 4) فهارس كتاب الأصول في النحو لابن السرَّاج. 5) ديوان المعاني لأبي هلال العسكري، وشيءٌ من التحليل والعَروض والفهرسة. 6) الفهرس الوصفيُّ لبعض نوادر المخطوطات بالمكتبة المركزيَّة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. 7) الكتاب المطبوع بمصر في القرن التاسعَ عشرَ. 8) مُستقبل الثقافة العربية. 9) وله عشراتُ الأبحاث والمقالات نُشرت في مجلَّات عدة.



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢