أرشيف المقالات

السبب في الحكم الوضعي

مدة قراءة المادة : 8 دقائق .
2السبب في الحكم الوضعي   (الأَحْكَامُ الوَضْعِيةُ):تقدم تعريف الأحكام الوضعية. (خَمْسَةٌ): أي: من حيث الإثباتُ والنفي: فالسبب والشرط والصحة أحكام مُثْبِتَة، والمانع والفساد أحكام نافية.   (السَّبَبُ): السبب لُغَةً: الحبل الذي يُتوصَّل به إلى الماء، ثم استعير لكل ما يُتوصَّلُ به إلى شيء[1]، ومنه قول الله تعالى: ﴿ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ ﴾ [البقرة: 166]؛ أي: الوصل والمودَّات[2].   (وَالشَّرْطُ): الشرط لُغَةً: العلامة، وأشراط الساعة: علاماتها، ومنه قول الله تعالى: ﴿ فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ﴾ [محمد: 18]؛ أي: علاماتُها[3].
قَوْلُهُ: (وَالمَانِعُ): المانعُ لُغَةً: الحاجزُ، والمنعُ أن تَحُوْلَ بين الرَّجُلِ وبين الشيءِ الذي يريدُه[4].   قَوْلُهُ: (وَالصِّحَّةُ): الصحَّة لُغَةً: ذَهابُ السَّقَم، والبراءةُ من كلِّ عيبٍ ورَيبٍ[5].   قَوْلُهُ: (وَالفَسَادُ): الفسادُ لُغَةً: عكسُ الصلاحِ[6]، ومنه قول الله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾ [البقرة: 205].   (السَّبَبُ: مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الوُجُودُ): أي: يلزم من وجود السبب وجود الحكم. وخرَجَ بهذا القيد الشرطُ، فإنه لا يلزم من وجودِه الوجودُ[7].
مثال [1]: يلزم من زوال الشمس وجوبُ صلاة الظهر؛ لأن زوال الشمس سببٌ لوجوبِ صلاةِ الظهرِ، فإذا وُجد السببُ وُجد الحكمُ.
مثال [2]: يلزم من بلوغ النصاب وجوبُ الزكاة؛ لأن بلوغ النصاب سببٌ لوجوب الزكاة، فإذا وُجد السببُ وُجد الحكمُ.
مثال [3]: يلزم من وجود الجَنابة وجوبُ الغُسْل؛ لأن الجنابة سببٌ لوجوب الغُسْل، فإذا وُجد السببُ وُجد الحكمُ.
مثال [4]:يلزم من وجود الإتلاف وجوبُ الضمانِ؛ لأن الإتلاف سببٌ لوجوب الضمان، فإذا وُجد السببُ وُجد الحكمُ.
مثال [5]: يلزم من وجود الزنا وجوبُ الحدِّ؛ لأن الزنا سببٌ لوجوب الحد، فإذا وُجد السبب وُجد الحكمُ.
مثال [6]: يلزم من رؤية الهلال وجوبُ صيام رمضان؛ لأن رؤية الهلال سببٌ لوجوب الصيام، فإذا وُجد السبب وُجد الحكمُ.
مثال [7]: يلزم من وجود السفر إباحةُ القصر في الصلاة؛ لأن السفر سببٌ لقصر الصلاة، فإذا وُجد السببُ وُجد الحكمُ.   قَوْلُهُ: (وَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ العَدَمُ): أي: يلزم من عدمِ السبب عدم الحكم، وخرج بهذا القيد المانع، فإنه لا يلزم من عدمه وجود الحكم، ولا عدمه[8]، كما سيأتي.
مثال [1]:يلزم من عدم زوال الشمس عدمُ وجوب صلاة الظهر؛ لأن زوال الشمس سببٌ لوجوب صلاة الظهر، فإذا عُدمَ السبب عُدم الحكمُ.   مثال [2]:يلزم من عدم بلوغ النصاب عدمُ وجوب الزكاة؛ لأن بلوغ النصاب سببٌ لوجوب الزكاة، فإذا عُدمَ السبب عُدم الحكمُ.   مثال [3]: يلزم من عدم وجود الجنابة عدمُ وجوب الغُسْل؛ لأن الجنابة سببٌ لوجوب الغُسْل، فإذا عُدمَ السبب عُدم الحكمُ.   مثال [4]:يلزم من عدم وجود الإتلاف عدمُ وجوب الضمان؛ لأن الإتلاف سببٌ لوجوب الضمان، فإذا عُدمَ السبب عُدم الحكمُ.   مثال [5]: يلزم من عدم وجود الزنا عدمُ وجوب الحد؛ لأن الزنا سببٌ لوجوب الحدِّ، فإذا عُدمَ السبب عُدم الحكمُ.   مثال [6]: يلزم من عدم رؤية الهلال عدمُ وجوب صيام رمضان؛ لأن رؤية الهلال سببٌ لوجوب الصيام، فإذا عُدمَ السبب عُدم الحكمُ.   مثال [7]: يلزم من عدَم وجودِ السفر عَدمُ إباحة القصر في الصلاة؛ لأن السفر سببٌ لقصر الصلاة، فإذا عُدِمَ السبب عُدم الحكمُ.   أقسام السبب: ينقسم السبب - من حيث كونُه هل هو فعل للمكلَّف أو لَا؟ - قسمين[9]: أحدهما: سببٌ ليس فعْلًا للعبد، ولا في مقدوره. مثال [1]: زوال الشمس سبب لوجب صلاة الظهر. مثال [2]: السَّفَه سبب لوجوب الحجر. مثال [3]: رؤية هلال رمضان سبب لوجوب الصوم. مثال [4]: غروب الشمس سبب لصلاة المغرب. مثال [5]: الاضطرار سبب للأكل من الميتة. مثال [6]: النسب سبب للإرث. فكل هذه الأسباب ليست من فعل العبد، ولا في مقدوره.   الثاني: سببٌ من فعْل العبد، ومن مقدوره. مثال [1]: السفر سببٌ لقصر الصلاة. مثال [2]: السُّكْرُ سببٌ في وجوب الحدِّ. مثال [3]: وجود الملْك سبب لإباحة الانتفاع. مثال [4]: الجنايات سببٌ لوجوب القصاص أو الدِّيَة. مثال [5]: القذف سببٌ لوجوب الحدِّ.
مثال [6]: أكل ما له رائحة كريهة كالثوم والبصل سببٌ لكراهة الصلاة في المسجد.
فكل هذه الأسباب من فعل العبد، وفي مقدوره.


[1] انظر: تهذيب اللغة، مادة «سبب». [2] انظر: النهاية في غريب الحديث (2 /329). [3] انظر: المفردات في غريب القرآن، للأصفهاني، صـ (450). [4] انظر: تهذيب اللغة، مادة «منع». [5] انظر: العين، مادة «صحَّ». [6] انظر: العين، مادة «فسد». [7] انظر: شرح الكوكب المنير (1 /445). [8] انظر: شرح الكوكب المنير (1 /445). [9] انظر: شرح الكوكب المنير (1 /450-451).



شارك الخبر

المرئيات-١