أرشيف المقالات

لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقا سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
2لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقًا سمينًا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء   عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((والذي نفسي بيده، لقد هممتُ أن آمُرَ بحطبٍ فيُحتَطَب، ثم آمُر بالصلاة فيُؤذَّن لها، ثم آمر رجلًا فيَؤُم الناس، ثم أخالف إلى رجالٍ لا يشهدون الصلاة، فأُحرِّق عليهم بيوتَهم، والذي نفسي بيده، لو يعلم أحدهم أنه يجد عَرْقًا سَمينًا أو مِرْماتينِ حَسَنتينِ، لشهِد العِشاء))؛ متفق عليه، واللفظ للبخاري.   المفردات: ♦ والذي نفسي بيده؛ أي: والله الذي حياتي بقبضتِه.
♦ هممتُ؛ أي: أردتُ وقصدت وعزمت، وقيل: الهمُّ دونَ العزمِ.
♦ بحطبٍ فيحتطب: الحطب هو ما أُعِد من الشجر شبوبًا، وحطبه كاحتطبه بمعنى جمعه وكسره؛ ليسهل اشتعال النار به.
♦ ثم أخالف إلى رجالٍ: قال الجوهري: خالف إلى فلان؛ أي: أتاه إذا غاب عنه، والمعنى: أذهب إلى المتخلِّفين الغائِبين عن الصلاة.
♦ فأُحرِّق؛ أي: أُبالِغ في تحريق بيوتهم.
♦ عَرْقًا - بفتح العين وسكون الراء - وهو العظم عليه لحم، وحكي عن الأصمعي أن العَرْق قطعة لحم.
♦ مِرماتين - تثنية مِرْماة بكسر الميم - هي ما بين ظلفي الشاة من اللحم، وقيل: المرماة سهم يُتعلَّم عليه الرمي، وهو سهم دقيق غير محدد، والمعنى أنهم يحرِصون على طعام أو لهوٍ دون ما به الحصول على الدرجات العلا.   البحث: هذا الحديث عَنْوَن له البخاري بباب وجوب صلاة الجماعة، وقال: وقال الحسن: إذا منَعَتْه أمه عن العِشاء في الجماعة شفقةً لم يُطِعْها، وساق الحديث.   قال الحافظ في فتح الباري عن أثر الحسن: وقد وجدتُه بمعناه وأتم منه وأصرح في كتاب الصيام للحسين بن الحسن المروزي، بإسناد صحيح عن الحسن، في رجل يصوم - يعني: تطوعًا - فتأمُرُه أمُّه بفطر، قال: فليفطر، ولا قضاء عليه، وله أجر الصوم وأجرُ البِرِّ، قيل: فتنهاه أن يصلي العشاء في جماعةً، قال: ليس ذلك لها، هذه فريضة.   ولا منافاة بينَ الاستدلال على وجوب الجماعة بهذا الحديث وبين الحديث المتقدِّم عن ابن عمر رضي الله عنهما: ((صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ...))؛ إلخ - فإن حديث ابن عمر يدلُّ على صحة صلاة الفذ، وحديث أبي هريرة هذا يدل على إثم مَن تخلف عن الجماعة، فتكون الجماعة واجبةً غير شرط في صحة الصلاة، فتصح صلاة الفذ ويأثم، إلا أن يكون تخلُّفه عن الجماعة لعذر مرض، أو مطر، أو برد، أو خوف، أو نحو ذلك؛ لأنه قد جاء في رواية يزيد بن الأصم عن أبي هريرة عند أبي داود: ((ثم آتي قومًا يُصلُّون في بيوتهم ليست بهم علَّة)).   قال أبو داود: حدثنا النفيل ثنا أبو المليح حدثني يزيد بن يزيد حدثني يزيد بن الأصم سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقد هممتُ أن آمُرَ فِتْيَتِي فيجمعوا حزمًا من حطب، ثم آتي قومًا يصلُّون في بيتهم ليست لهم علة، فأحرقها عليهم))، قلت ليزيد بن الأصم: يا أبا عوف، الجمعةَ عَنَى أو غيرَها؟ قال: صُمَّتَا أُذناي إن لم أكن سمعتُ أبا هريرة يَأثُرُه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذكر جمعةً ولا غيرَها.   وفي سند هذا الحديث يزيد بن يزيد بن جابر الرقي، قال الحافظ في التقريب بعد ما ذكر يزيد بن يزيد بن جابر الأزدي الدمشقي، ووصفه بأنه ثقة فقيه، قال: يزيد بن يزيد بن جابر الرقي عن يزيد بن الأصم، قيل: هو الذي قاله، وقيل: آخر من أهل الرقة مجهول؛ اهـ، والله أعلم.   وثبوت عذر التخلف لمرض أو مطر أو نحوه، لا شك فيه عند أهل العلم؛ لحديث الإذن بالصلاة في الرحال في الليلة المطيرة ونحوها.   ما يفيده الحديث: 1- وجوب صلاة الجماعة على الرجال. 2- أن الجماعة ليست شرطًا في صحة الصلاة. 3- الصلاة في الجماعة سبب في حصول الدرجات العلا. 4- لا يتخلف عنها لغير عذرٍ إلا ضعيفُ النفس.



شارك الخبر

المرئيات-١