أرشيف المقالات

من فضائل مريم عليها السلام

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
2من فضائل مريم عليها السلام   قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى ﴾[1].
تأملْ قَولَهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى ﴾، حيث لم يقُل: وليست الأنثى كالذكر، إنه كلامُ اللهِ المعجزُ، ومن الحكمة في ذَلك أَنْ نَعْلمَ أَنَّ هَذِهِ الْأُنْثَى لهَا مِنَ الْفَضْلِ وَالْمَكَانَةِ وَالْمَزِيَّةِ، مَا لَا يُوجَدُ عِنْدَ الذَّكَرِ الَّذِي أَرَادَتهُ امْرَأَة عِمْرَانَ، بلْ هَذِهِ الْأُنْثَى ستَكُونُ خَيْرًا مِنَ الذَّكَرِ، اجْتِهَادًا وَرِفْعَةً..   إِنَّهَا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، التي اصْطَفَاهَا اللَّهُ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، وَهُوَ شَرَفٌ دُونَهُ كلُ شَرَفٍ، وَرِفْعَةٌ تتضاءلُ أمَامَهَا كُل رِفْعَةٍ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ﴾[2].
وَرَفَعَ فِي الْعَالَمِينَ ذِكْرَهَا فَلَمْ تُذْكَرِ امْرَأَةُ في كتابِ اللهِ باسْمِهَا سِوَاهَا؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ﴾[3].
وكَمُلَتْ وَقَدْ عَزَّ في النِّساءِ الكَمَالُ؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَملَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ غَيْرُ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ، وَآسِيَةَ امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ»[4].
وَشَهِدَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِأَنَّهَا خَيْرُ نِسَاءِ الدُّنْيَا، فمَا أَكْرَمَهَا مِنْ شَهَادَةٍ! قَالَ رَسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ».[5] فَلَو كَانَ النساءُ كَمِثْلِ هَذِي لفُضِّلَت النِّساءُ على الرِّجالِ فَمَا التَّأنِيثُ لاسْمِ الشَّمسِ عَيبٌ وَلَا التَّذكِيرُ فَخْرٌ للهلالِ
وَكَمْ مِنِ امْرَأَةِ بَلَغَتْ مِنَ العُلَا شَأوًا بعيدًا، ونَالَتْ مِنَ الشَّرَفِ مَجْدًا تَلِيدًا، وفَاقَتْ بِكَمَالِ عَقْلهَا أُمَمًا مِنَ الرِّجَالِ، وحَازَتْ بجَمِيلِ فِعَالِهَا دررًا مِنَ الخِصَالِ، فَلَوْ وُزِنَتْ بأَلْفٍ لفَاقَتْهُمُ عِلْمًا وأَدْبًا، وسَبَقَتْهُمُ كَرَمًا وَخُلقًا. والنَّاسُ ألْفٌ مِنْهُمْ كوَاحدٍ *** ووَاحِدٌ كالألْفِ إِنْ أَمْرٌ عَنَا

..
ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ.


[1] سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: الآية/ 36 [2] سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: الآية/ 42 [3] سُورَةُ التَّحْرِيمِ: الآية/ 12 [4] رواه البخاري - كتَابُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَابُ فَضْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، حديث رقم: 3769، ومسلم - كتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، بَابٌ فِي فَضْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا، حديث رقم: 2446 [5] رواه البخاري- كِتَابُ أَحَادِيثِ الأَنْبِيَاءِ، بَابُ: ﴿ وَإِذْ قَالَتِ المَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ العَالَمِينَ، يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ.
ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴾ [آل عمران: 43]، حديث رقم: 3432، ومسلم- كتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، بَابُ فَضَائِلِ خَدِيجَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا، حديث رقم: 2430



شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن