أرشيف المقالات

ما حرم لذاته لا يباح إلا لضرورة

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
2ما حرم لذاته لا يباح إلا لضرورة   من الأدلة على هذه القاعدة: [1]: قول الله تعالى: ﴿ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ﴾ [الأنعام: 119].
[2]: قول الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 173].
[3]: قول الله تعالى: ﴿ قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنعام: 145].
أمثلة على ذلك: مثال [1]: أكل الميتة محرَّم لذاته، فلا يُباح إلا لضرورة، كمن خاف على نفسه الهلاك. مثال [2]: أكل لحم الخنزير محرَّم لذاته، فلا يُباح إلا لضرورة، كمن خاف على نفسه الهلاك. مثال [3]: شرب الخمر محرَّم لذاته، فلا يُباح إلا لضرورة، كمن لم يجد ماء ليروي ظمأه، وخاف على نفسه الهلاك. مثال [4]: التلفُّظ بكلمة الكفر محرَّم لذاته، فلا يُباح إلا لضرورة، كمن أُكرِه على التلفظ بها.
والضرورة: مشتقَّة من الضرر، وهو النازل بالإنسان مما لا مدفعَ له[1].   وما حرِّم سدًّا لذريعة الوقوع في المحرم، فإنه يباح للحاجة والمصلحة، ولا يشترط الضرورة[2]. والذريعة لُغَةً: هي الوسيلة، ومنه: تَذرَّع فلان بذريعةٍ؛ أي: توسَّل[3].

واصطلاحًا: ما كان وسيلةً وطريقًا إلى الشيء، لكن صارت في عُرْفِ الفقهاء عبارة عما أفْضَت إلى فعل محرمٍ، ولو تجرَّدت عن ذلك الإفضاء، لم يكن فيها مَفسدة[4].
مثال [1]: الصلاة قبل طلوع الشمس، وقبل غروب الشمس، محرَّم لغيره؛ لأنه يفضي إلى التشبه بالمشركين، لذلك جاز أن تُصلَّى في هذا الوقت الصلاة ذات السبب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (النهي عن الصلاة فيها هو من باب سد الذرائع؛ لئلا يُتُشَبَّه بالمشركين، فيُفضي إلى الشرك، وما كان منهيًّا عنه لسدِّ الذريعة لا لأنه مفسدة في نفسه يُشرع إذا كان فيه مصلحةٌ راجحةٌ، ولا تُفَوَّتُ المصلحة لغير مفسدةٍ راجحة)[5].

مثال [2]: السَّمَر بعد العشاء محرَّم لغيره؛ لأنه يُفضي إلى ترك صلاة الفجر؛ لذا جاز لطلب العلمِ، وقضاءِ مصالحِ المسلمين.
قال ابن القيم: (السمر بعدها[6] ذريعة إلى تفويت قيام الليل، فإن عارَضه مصلحةٌ راجحة كالسمر في العلم ومصالح المسلمين، لم يكره)[7].
وكذلك تحريم الذهب والحرير على الرجال، حُرِّم لسدِّ ذريعة التشبيه بالنساء الملعون فاعلُه[8].
وقال أيضًا: (ما حرِّم تحريم الوسائل، فإنه يباح للحاجة، أو المصلحة الراجحة، كما يباح النظر إلى الأمة المُستامة[9]، والمخطوبة، ومن شَهِد عليها، أو يعاملها، أو يَطبُّها)[10].


[1] انظر: التعريفات، للجرجاني، صـ (138). [2] انظر: مجموع الفتاوى (23/ 214، 32/ 210)، وزاد المعاد، لابن القيم (2/ 223). [3] انظر: لسان العرب، مادة «ذرع». [4] انظر: الفتاوى الكبرى، لابن تيمية (6/ 172). [5] انظر: مجموع الفتاوى (23/ 214). [6] أي: بعد صلاة العشاء. [7] انظر: أعلام الموقعين، لابن القيم (3/ 118). [8] انظر: إعلام الموقعين (2/ 108-109). [9] الأمة المُستامَة: هي المطلوب شراؤها.
[انظر: المطلع، للبعلي، صـ (387)]. [10] انظر: زاد المعاد (2/ 223).



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢