أرشيف المقالات

شرح حديث أبي هريرة: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
2شرح حديث أبي هريرة: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه   عَنْ أبي هُريرةَ - رَضْيَ اللهُ عَنْه - قال: فالرَّسول الله صلَّي اللهُ عليه وسلَّم: «مِنْ حُسْنِ إسْلامِ المرءِ ترْكُه ما لا يعنِيه».
حديثٌ حسَنٌ؛ رواه التِّرمذيُّ وغيرُه.   قال العلَّامةُ ابنُ عثيمين - رحمه الله -: إسلامُ المرءِ هو استسلامُه لله عزَّ وجلَّ ظاهرًا وباطنًا.
فأمَّا باطنًا فاستسلامُ العبدِ لرَبِّه بإصلاحِ عقيدتِه وإصلاح قلبه، وذلك بأن يكون مؤمنًا بكل ما يجبُ الإيمان به على ما سبق في حديثِ جبريل.   وأمَّا الاستسلامُ ظاهرًا فهو إصلاح عمله الظاهر، كأقواله بلسانه وأفعاله بجوارحه.
والناس يختلفون في الإسلام اختلافًا ظاهرًا كثيرًا، كما إن الناس يختلفون في أشكالهم وصورهم، منهم الطويل ومنهم القصير، ومنهم الضخم ومنهم من دون ذلك، ومنهم القبيح ومنهم الجميل، فيختلفون اختلافًا ظاهرًا.
فكذلك أيضا يختلفون في إسلامهم لله عزَّ وجلَّ حتى قال الله في كتابه: ﴿ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ﴾ [الحديد: من الآية 10].   وإذا كان الناس يختلفون في الإسلام، فإنَّ مما يزيد في حسن إسلام المرء أن يدع ما لا يعنيه ولا يهمه لا في دينه ولا في دنياه.
فالإنسان المسلم إذا أراد إن يجعل إسلامه حسنًا فليدع ما لا يعنيه، فالشيء الذي لا يهمه يتركه.
فمثلا: إذا كان هناك عمل وترددت هل تفعل أو لا تفعل؟ انظر هل هو من الأمور الهامة في دينك ودنياك فافعله، وإلا فاتركه، والسلامة أسلم.   كذلك أيضا أن لا تدخل في شؤون الناس إذا كان هذا لا يهمك، وهذا خلاف ما يفعله بعض الناس اليوم، من حرصه علي اطلاعه علي أعراض الناس وأحوالهم، ويجد اثنان يتكلمان فيحاول أن يتقرب منهما حتى يسمع ما يقولان، ويجد شخصًا جاء من جهة من الجهات فتراه يبحث وربما يبادر الشخص نفسه ويقول له: من أين جئت؟ وماذا قال لك فلان؟ وماذا قلت له؟ وما أشبه ذلك في أمور لا تعنيه ولا تهمه.
فالأمور التي لا تعنيك اتركها، فإنَّ هذا من حسن إسلامك، وهو أيضا فيه راحة للإنسان، فكون الإنسان لا يهمه إلا نفسه هذا هو الراحة، أما الذي يتتبع أحوال الناس ماذا قيل؟ وماذا حدث لهم؟...
فإنَّه سوف يتعب تعبًا عظيمًا، ويفوِّت على نفسه خيرًا كثيرًا، مع أنَّه لا يستفيد شيئًا، فاجعل دأبك دأب نفسك، وهمك هم نفسك، وانظر إلى ما ينفعك فافعله، والذي لا ينفعك اتركه، وليس من حسن إسلامك أن تبحث عن أشياء لا تهمك.   ولو أننا مشينا على هذا وصار الإنسان دأبه دأب نفسه ولا ينظر إلا إلى فعله، لحصل خيرًا كثيرًا.
أما بعض الناس تجده مشغولًا بشؤون غيره فيما لا فائدة له فيه، فيضيع أوقاته ويشغل قلبه ويشتت فكره، وتضيع عليه مصالح كثيرة.
أما بعض الناس تجده مشغولًا بشؤون غيره فيما لا فائدة له فيه، فيضيّع أوقاته ويشغل قلبه ويشتت فكره، وتضيع عليه مصالح كثيرة.
وتجد الرجل الدؤوب الذي ليس له هم إلا نفسه وما يعنيه، تجده ينتج ويثمر ويحصل، ويكون في راحة فكرية وقلبية وبدنية، ولذا يعدُّ هذا الحديث من جوامع كلم النبي صلي الله عليه وسلم فإذا أردت شيئًا فعلًا أو تركًا انظر هل يهمك أو لا؟! إن كان لا يهمك اتركه ولا تتعرض له واسترح منه، وأرح قلبك وفكرك وعقلك وبدنك، وإن كان يهمُّك فاشتغل به بحسبه، فعلي كل حال كل إنسان عاقل كما جاء في الحديث السابق: «الكيِّسُ من دان نفسَه وعمِل لما بعد الموتِ».
فكل إنسان عاقل يحرص على أن يعمل لما بعد الموت، ويحاسب نفسه على أعمالها.
والله الموفق.



شارك الخبر

ساهم - قرآن ١