أرشيف المقالات

حديث: إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
2حديث: إنا لم نردَّه عليك إلا أنَّا حُرم   عن الصعب بن جثامة الليثي رضي الله عنه أنه أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم حمارًا وحشيًّا، وهو بالأبواء أو بودان، فرده عليه، فلما رأى ما في وجهه قال: "إنَّا لم نرُدَّه عليك إلَّا أنَّا حُرُمٌ".
وفي لفظ لمسلم: "رِجل حمار".
وفي لفظ: "عجز حمار".   • قال البخاري: باب إذا أهدى للمحرم حمارًا وحشيًّا حيًّا لم يقبل[1]، وذكر الحديث.   • قال الحافظ: (كذا قيَّده في الترجمة بكونه حيًّا، وفيه إشارة إلى أن الرواية التي تدل على أنه كان مذبوحًا موهمة.   • قوله: (أنه أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم حمارًا وحشيًّا).   • قال الشافعي في "الأم": إن كان الصعب أهدى له حمارًا حيًّا، فليس للمحرم أن يذبح حمار وحش حي، وإن كان أهدى له لحمًا، فقد يحتمل أن يكون أنه صيد له)[2].   • قوله: (بالأبواء أو بودان) شك من الراوي. والأبواء جبل من عمل الفرع وبودان موضع بقرب الجحفة.   • قال الحافظ: (وهو أقرب إلى الجحفة من الأبواء، فإن من الأبواء إلى الجحفة للآتي من المدينة ثلاثة وعشرين ميلًا، ومن ودان إلى الجحفة ثمانية أميال.   • قوله: (فلما رأى ما في وجهه) في رواية شعيب: فلما عرف في وجهي ردَّه هديتي، وعند الترمذي فلما رأى ما في وجهه من الكراهية.   • قوله: (قال: "إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم")، في رواية: "لو لا أنا محرمون لقبلناه منك"، وعند الطبراني: "إنا لم نرده عليك كراهية له ولكنا حرم".   قال عياض: ضبطناه في الروايات لم نرده بفتح الدال، وأبى ذلك المحققون من أهل العربية، وقالوا: الصواب أنه بضم الدال؛ لأن المضاعف من المجزوم يراعى فيه الواو التي توجبها له ضمة الهاء بعدها، قال: وليس الفتح بغلط.   • قوله: (وفي لفظ لمسلم: "رِجل حمار")، في رواية له أيضًا عن ابن عباس قال: قدم زيد بن أرقم، فقال له عبدالله بن عباس يستذكره: كيف أخبرني عن لحم صيد أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حرام، قال: أهدي له عضو من لحم صيد فرده، وقال: "إنا لا ناكله، إنا حرم"، وقد جمع العلماء بين هذا الحديث وبين حديث أبي قتادة.   • قال الحافظ: جمع الجمهور بين ما اختلف من ذلك بأن أحاديث القبول محمولة على ما يصيده الحلال لنفسه، ثم يهدي منه للمحرم، وأحاديث الرد محمولة على ما صاده الحلال لأجل المحرم، قالوا: والسبب في الاقتصار على الإحرام عند الاعتذار للصعب - أن الصيد لا يحرم على المرء إذا صيد له إلا إذا كان محرمًا، فبيَّن الشرط الأصلي وسكت عما عداه، فلم يدل على نفيه، وقد بينه في الأحاديث الأُخَر، ويؤيد هذا الجمع حديث جابر مرفوعًا: "صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه، أو يصاد لكم"؛ أخرجه الترمذي والنسائي وابن خزيمة، وفي حديث الصعب الحكم بالعلامة لقوله: "فلما رأى ما في وجهي"، وفيه جواز رد الهدية لعلة، وفيه الاعتذار عن رد الهدية تطييبًا لقلب المهدي، وأن الهبة لا تدخل في الملك إلا بالقبول، وأن قدرته على تملكها لا تصيره مالكًا لها، وأن على المحرم أن يرسل ما في يده من الصيد الممتنع عليه اصطياده)[3]، والله أعلم.   • وقال ابن مفلح في "الفروع": وإن ملك صيدًا في الحل، فأدخله الحرم لزمه رفع يده وإرساله، فإن أتلفه أو تلف ضمنه كصيد الحل في حق المحرم، نقله الجماعة وعليه الأصحاب وفاقًا لأبي حنيفة، ويتوجه أنه لا يلزمه إرساله وله ذبحه، ونقل الملك فيه وفاقًا لمالك والشافعي؛ لأن الشارع إنما نهى عن تنفير صيد مكة، ولم يبين مثل هذا الحكم الخفي مع كثرة وقوعه والصحابة مختلفون، وقياسه على الإحرام فيه نظر؛ لأنه آكد لتحريمه ما لا يحرم)[4]؛ ا .هـ.


[1] صحيح البخاري: (3/ 16). [2] فتح الباري: (4/ 32). [3] فتح الباري: (4/ 33). [4] الفروع: (5/ 497).



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣