أرشيف المقالات

الإيمان بالقدر وآثاره

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
2الإيمان بالقدر وآثاره   الإيمان بالقدر هو الركن السادس من أركان الإيمان؛ قال صلى الله عليه وسلم: (أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره)[1].   والسادس الإيمان بالأقدار فأيقنن بها ولا تمار فكل شيء بقضاء وقدر والكل في أم الكتاب مستطر[2]   معنى القدر في اللغة: القدر: القضاء والحكم، وتدبير الأمر، ومقدار الشيء[3].
معنى القدر في الاصطلاح: ما سبق به العلم وجرى به القلم مما هو كائن إلى الأبد، وأن الله تعالى قدر مقادير الخلائق، وما يكون من الأشياء قبل أن تكون في الأزل، وعلِم سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده تعالى، وعلى الصفة التي يريدها سبحانه[4].   معنى القدر عند المفسرين: لا يصح إيمان العبد إلا بإيمانه بالقدر خيره وشره، والإيمان بالقدر هو أن يؤمن العبد أن الله عز وجل خلق الأشياء كلها، وقدرها وكتبها قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وعرشه على الماء)[5].
قال بعض العلماء: القدر سر من أسرار الله، لم يُطلع الله عليه أحدًا، لا ملكًا مقربًا، ولا نبيًّا مرسلًا، إلا ما أوحاه الله عز وجل إلى رسله، أو وقع فعلم به الناس؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 34].
والله تعالى أعلم بما الناس عاملون، فهو خالقهم وخالق أعمالهم، وأنعم عليهم بالعقل، وآتاهم من الإرادات والقدرة التي تقع بها أعمالهم، وبعث إليهم الرسل مبشرين ومنذرين، أمرهم ونهاهم، ورهَّبهم ورغَّبهم، وجعل عليهم حفظة كاتبين يكتبون أعمالهم، فيترتب جزاؤهم على عملهم الواقع بإرادتهم وقدرتهم، فمن أحسن فله الثواب، ومن أساء استحق العقاب، ولا يظلم ربك أحدًا[6].   والأسباب تنفع، إذا لم يعارضها القضاء والقدر، فإذا جاء القضاء والقدر، تلاشى كل سبب، وبطلت كل وسيلة، ظنها الإنسان تنجيه[7].
والإيمان بالقدر له أربعة أركان، يجب الإيمان بها جميعًا، وهي: الأول: الإيمان بعلم الله تعالى. الثاني: الإيمان بكتابة الله في اللوح المحفوظ لكل ما هو كائن إلى يوم القيامة. الثالث: الإيمان بمشيئة الله النافذة وقدرته التامة. الرابع: خلقه تبارك وتعالى لكل موجود، ولا شريك له في خلقه[8].
الآثار الإيمانية للإيمان بالقدر: 1) الإيمان بالقدر يجعل الإنسان راضيًا مطمئنًّا، فلن يصيبه إلا ما كتب الله له؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51].
2) لا يندم ولا يتحسر على ما فاته من رزقٍ في الدنيا، ولا يفرح ولا يتفاخر بما أعطاه الله عز وجل؛ لأن الله تعالى هو الذي قضى وقدر.
3) تعلق القلب بالله عز وجل وحده؛ لأن الله تعالى بيده الضر والنفع.


[1] سبق تخريجه: ص51. [2] معارج القبول 3 /917. [3] انظر: القاموس المحيط 460، تاج العروس 13/ 370 . [4] انظر: القضاء والقدر 21. [5] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام 4/ 2044، حديث رقم (2653). [6] انظر: القول المفيد على كتاب التوحيد 2 /413. [7] تفسير السعدي، 660. [8] انظر: القضاء والقدر 26.



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣