أرشيف المقالات

الوقف على المقابر

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
2الوَقْفُ على المقابرِ   وهذا أيضاً يَدْخُلُ في الصَّدَقاتِ الجاريةِ للمُسْلِمِ بعدَ موتهِ. فإذا وَقَفَ شيئاً من مالهِ على ما يُشْرَعُ فِعْلُهُ في الْمقابرِ جازَ الوقف، وحَصَلَ الثوابُ للواقفِ إنْ شاءَ اللهُ، وذلكَ كالوَقْفِ على آلاتِ الدَّفنِ، وأُجرةِ الْحَفَّارينَ، ونحو ذلك.
وأمَّا الوقفُ على الأُمورِ الْمُحَرَّمةِ: كالشركِ، والبدعِ، فلا يَصِحُّ، كالوقفِ على البناءِ على القُبُورِ، وسُتورِها، وتبخيرِها، وخَدَمَةِ الأَضْرِحَةِ الذين يُرَغِّبونَ الناسَ في الغُلُوِّ في الأمواتِ، والوقف على قراءةِ القُرآنِ على أرواحِ الأمواتِ، ووقفِ الكُتُبِ على الْمَشاهدِ، ووقف المدارسِ بجانب القُبُورِ[1]...
إلخ.
قال الإمامُ ابنُ القيِّمِ رحمه اللهُ: (فإنَّ الوقفَ لا يَصحُّ إلاَّ في قُرْبةٍ وطاعةٍ للهِ ورسولهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فلا يَصحُّ الوَقْفُ على مَشْهَدٍ، ولا قَبْرٍ يُسْرَجُ عليهِ، ويُعَظَّمُ، ويُنذرُ لَهُ، ويُحَجُّ إليهِ، ويُعْبَدُ من دُونِ اللهِ، ويُتخذُ وَثَنَاً من دُونهِ، وهذا مما لا يُخالِفُ فيهِ أَحَدٌ من أئمَّةِ الإسلامِ ومَنِ اتَّبَعَ سبيلَهُم)[2].
وقال أيضاً: (إنهم -أي السلف- لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أوقافٌ على مَنْ يَقْرَأُ ويُهدي إلى الْمَوْتى، ولا كانوا يَعْرِفُونَ ذلكَ البتَّةَ)[3].
وقال الإمامُ ابنُ تيميةَ رحمه اللهُ: (وأمَّا بناءُ الْمَشاهِدِ على القُبُورِ والوَقْفُ عليها فبدعةٌ، لم يكنْ على عهدِ الصحابةِ ولا التابعينَ ولا تابعيهِم، بلْ ولا على عَهْدِ الأربعةِ، وقد اتفقَ الأئمةُ على أنه لا يُشْرَعُ بناءُ هذهِ المشاهدِ على القُبُورِ، ولا الإعانةِ على ذلكَ بوقفٍ ولا غيرهِ)[4].
وقال أيضاً: (الوَقْفُ على التُّرَبِ بدعَةٌ)[5].
وقال صديق حسن خان رحمه الله: (والوقفُ على القُبُورِ لرفع سُمْكِهَا، أو تزيينها، أو فعلِ ما يَجْلِبُ على زائرِها فتنة، باطلة)[6].
وقال مُفْتي الدِّيارِ السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه اللهُ: (إنَّ الوَقْفَ على القُبُورِ غير صحيح، لأنَّ مِنْ شرطِ صِحَّةِ الوقفِ أنْ يكون على جهَةِ برٍّ وقُرْبةٍ، والغلوّ في القبور، والبناء عليها، وإقامة الزيارات، والحفلات عندها، من البدع الْمَنْهي عنها، بل هو من وسائلِ الشركِ الْمُحرَّمةِ، وقد ثبتَ في الأحاديثِ الصحيحةِ النهي عن الغُلُوِّ في القُبورِ، والبناء عليها، واتخاذها أعياداً)[7].
وقال أيضاً: (الوقفُ على التنويرِ على القُبُورِ لا يَصِحُّ)[8].
والله أعلم، وصلَّى الله وسلَّمَ على نبيِّنا محمد وآله وصحبه.


[1] جاء في ترجمة الرافضي (علي بن علي بن روزبهار بن باكير أبو المظفر الكاتب البغدادي.
وكان شيعيَّاً، وقَفَ كتبه بمشهد موسى بن جعفر، وشرط أن لا تُعار)
الوافي بالوفيات 21/ 221 لخليل الصفدي. وقال أحمد بن خلكان: (وبنى شرف الملك أبو سعد محمد بن منصور الخوارزمي مستوفي مملكة السلطان ملك شاه السلجوقي على قبر الإمام أبي حنيفة مشهداً وقبَّة، وبنى عنده مدرسة كبيرة للحنفية..
وكان بناء المشهد والقبة في سنة تسع وخمسين وأربعمائة)
وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان 5/ 414. (وفي ترجمة الوزير مجد الدين البهنسي المتوفى سنة 628 أنه جعل كتبه وقفاً بتربته بسفح قاسيون، وأجرى عليها أوقافاً جيِّدة) الترب والمدافن الخاصة في الإسلام ص114 مجلة المجمع العلمي العربي. [2] زاد المعاد في هدي خير العباد صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ 3/ 507. [3] الروح 2/ 498. [4] مجموع الفتاوى 31/11. [5] الفروع 3/ 432 لابن مفلح. [6] الروضة الندية 2/ 157. [7] مجموع فتاويه 9/ 61 رقم 2282. [8] المصدر السابق 9/ 61 رقم 2283.



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢