أرشيف المقالات

طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم في اتباع سنته

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
2طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم في اتباع سنته   عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى)) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: ((مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى))[1].   وعَنْه رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ))[2].
  بيان غريب الحديث: ♦ ((أَبَى)): أي امتنع وترك الطاعة التي يستوجب بها الجنة؛ لأنَّ من ترك التسبب إلى شيء لا يوجد بغيره، فقد أباه، والإباء أشد الامتناع.   أهم ما يستفاد من الحديثين: ♦ وجوب طاعة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فيما أمر ونهى، والتمسك بهديه.   ♦ طاعته صلى الله عليه وسلم هي اتباع ما جاءت به سنته بنقل العدول الثقات؛ إذْ لا سبيل إلى معرفة ما أوجبه علينا أو ندبنا إليه إلا عن طريق ذلك، فمن قبل السنة فقد أطاعه صلى الله عليه وسلم، ومن ردَّها فقد أبى وعصاه.   لذا نجد الإمام البخاري جعل حديثَي أبي هريرة رضي الله عنه في كتاب الاعتصام بالسنة، مبوبًا عليه: باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال العلامة العيني رحمه الله (885هـ): (مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: من أطاعني؛ لأنَّ من أطاعه يعمل بسنته)[3].   وللعلامة الطيبي (743هـ) تعليق أظهر من ذلك؛ إذْ قال رحمه الله: (التقدير: من أطاعني وتمسك بالكتاب والسنة دخل الجنة، ومن اتَّبع هواه، وزل عن الصواب، وضل عن الطريق المستقيم، فقد دخل النار، فوضع ((أبى)) موضعه وضعًا للسبب موضع المسبب، ويشد هذا التأويل إيراد محيي السُّنة هذا الحديث في باب الاعتصام بالكتاب والسنة، والتصريح بذكر الطاعة، فإنَّ المطيع هو الذي يعتصم بالكتاب والسنة، ويجتنب الأهواء والبدع)[4].   وما بعد الحقِّ إلا الضلال، وما بعد العلم إلا الجهل، وما بعد ردِّ السنة إلا المروق من الدين، نسأل الله العافية.


[1] صحيح البخاري (7280). [2] أخرجه: البخاري (7288)، واللفظ له، ومسلم (1337). [3] عمدة القاري 25 /27. [4] مرقاة المفاتيح 1 /225، قلت: فانظر يا رعاك الله بعين إنصافك، وجميل أوصافك، كيف كان تبجيل الأئمة لهذا الإمام، وكيف أَوْلَوْا فقهه اهتمامهم البالغ، وعنايتهم الفائقة، فتراهم يقولون: وذهب البخاريُّ، واختار البخاريُّ، واستنبط البخاريُّ، وجعل البخاريُّ، كل ذلك اعتمادًا على تراجمه التي وضعها على الأحاديث، وعلى المواضع التي جعل الأحاديث فيها، فكان تبويبه واستدلاله والمواضع التي جعل الحديث فيها كالسِّحر في خفائه، فتنت صنعته العلماء، وذهبت بلبِّهم تأملًا وتعجبًا واستحسانًا وخضوعًا، فلله دره من إمامٍ جهبذ!



شارك الخبر

مشكاة أسفل ١