أرشيف المقالات

الصبر في الإسلام

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
2الصبر في الإسلام   قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 153]، إذا كان الله معك فمَنْ ترجو، وممَّن تخاف، وبمن تستعين غيره؟
إن الصبر من معالم العظمة، ومن دلائل هيمنة النفس على ما حولها، وقد كان (الصبور) من أسماء الله الحسنى؛ فهو سبحانه وتعالى لا يتعجَّل، فتجد العبد الضعيف يقترف الذنوب، ويهمل بعض الواجبات المكلَّف بها، وربنا الكريم الرحيم، لا يستعجل عليه العذاب وما مرَّ طاغيةٌ مثل فرعون؛ حيث قال: ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ [النازعات: 24]، ومع ذلك أرسل الله عز وجل له موسى عليه السلام وأخاه؛ قال تعالى: ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه: 43، 44].   وللصبر أنواع ثلاثة: ♦ صبر على طاعة الله عز وجل. ♦ صبر عن معصية الله عز وجل. ♦ صبر على أقدار الله المؤلمة.   وإذا علم المسلم أن هذه الدنيا إنما هي أيام وساعات، وليست بدارِ قرارٍ تخلَّق بخُلُق الحلم والصبر والمصابرة على الطاعات واجتناب المحرَّمات؛ وأنه خُلِقَ لغايةٍ عظيمة؛ ألا وهي عبادة الله عز وجل؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56].   وإليك بعض النماذج للذين صبروا، ونالوا الأجر العظيم، وفازوا بجنَّات النعيم: إبراهيم عليه السلام لما صبر على دعوة قومه، وألقوه في النار؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [النحل: 120].   ونبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم لما أُوذي ونال من الأذى في سبيل الدعوة إلى الله، وصبر على ذلك رفع الله من شأنه؛ قال تعالى: ﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾ [الشرح: 4]، قال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: 21].   وأيوب عليه السلام لما مرض وصبر أثنى الله عز وجل عليه بقوله تعالى: ﴿ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص: 44].   ومؤمنو آل فرعون، لما أسلموا وباشـرت قلوبهم للإيمان هدَّدَهم، وتوعَّدهم فرعون بالقتل والتعذيب وصبروا على ذلك؛ قال تعالى: ﴿ قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴾ [طه: 72].   صبر المرأة التي تصـرع؛ عن عطاء بن أبي رباح قال: "قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة، قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء أتَتْ النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إني أصـرع، وإني أتكشف، فادع الله لي، قال: ((إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك))، فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشف، فادع الله لي ألَّا أتكشف، فدعا لها"[1].   ونذكر من الصابرين من الأئمة والعلماء: الإمام أحمد رحمه الله تعالى، لما صبر في زمن المحنة نال الرفعة، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، والبخاري، والشافعي..
وغيرهم كثير من العلماء والصالحين.   إن الصبر ضـروريٌّ للمرء المسلم في شؤون حياته سواءً في طلب الرزق أو رعاية الأولاد والقيام على شؤونهم، وعلى جميع الناس باختلافهم.


[1] رواه البخاري ومسلم.



شارك الخبر

مشكاة أسفل ١