أرشيف المقالات

شرح البيقونية: الحديث الشاذ

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
2شرح البيقونية: الحديث الشاذ   وما يخالفْ ثقةٌ به المَلا *** فالشاذ،............ الملا: أي الجماعة، وقيل: أشراف القوم ووجوههم، والمقصود هنا: جماعة الرواة[1]. والشاذ في اللغة: هو الخروج أو المخالفة. وجاء في الحديث: "يد الله مع الجماعة ومن شذ شذَّ في النار"[2]. وفي الاصطلاح: ما رواه الثقة مخالفًا لمن هو أرجح منه حفظًا أو أكثر منه عددًا[3].   ولكن بعض العلماء قالوا: ينبغي أن نقول ما رواه المقبول. وقال الحافظ ابن حجر: "الشاذ ما رواه المقبول مخالفًا لمن هو أولى منه"[4].   وقال الشافعي: "ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة ما لا يرويه غيره، هذا ليس بشاذ، إنما الشاذ أن يروي الثقة حديثًا يخالف فيه الناس هذا الشاذ من الحديث"[5]. وضد الشاذ يسمى المحفوظ.   والمحفوظ: هو ما رواه الأرجح مخالفًا لثقة دونه[6].   أقسام الشاذ: الشذوذ قد يكون في: • المتن. • السند.   مثال الشاذ في المتن: ما روِي ابن ماجه في سننه؛ قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال ثنا معاوية بن هشام: ثنا سفيان عن أسامة بن زيد عن عثمان بن عمرو عن عروة عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف...)[7].   فإسناده رجاله ثقات، وظاهره الصحة، لكن أخطأ في متنه أسامة بن زيد، فرواه بلفظ: "...
على ميامن الصفوف"، بينما خالفه جماعة الثقات، فرووه بلفظ: "...
على الذين يصلون الصفوف"[8].   مثال الشذوذ في السند: ما رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه من طريق ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عوسجة عن ابن عباس رضي الله عنه أن رجلًا توفي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يدع وارثًا إلا مولى هو أعتقه...
الحديث[9]. وتابع ابن عيينة على وصلة ابن جريج وغيره[10].   وخالفهم حماد بن زيد[11] فرواه عن عمرو بن دينار عن عوسجة ولم يذكر ابن عباس. قال أبو حاتم: "المحفوظ حديث ابن عيينة"؛ ا هـ كلامه. فحماد بن زيد من أهل العدالة والضبط، ومع ذلك رجح أبو حاتم رواية من هم أكثر عددًا منه[12].


[1] "لسان العرب" (1/ 159). [2] أخرجه الترمذي (2167)، وابن أبي عاصم في "السنة" (8)، والحاكم في "المستدرك" (1/ 115) وصححه، عن ابن عمر رضي الله عنه. [3] انظر: "التقييد والإيضاح" (83)، "التدريب" (1/ 193). [4] "نزهة النظر – مع النكت" (ص78). [5] "معرفة علوم الحديث" ص (119). [6] "شرح البيقونية"؛ لابن عثيمين ص (106). [7] رواه ابن ماجه (1/ 321). [8] انظر: "علوم الحديث" ص (91)، و"مشكاة المصابيح" (1/ 342)، و"سنن البيهقي" (3/ 103). [9] رواه الترمذي (2106)، وابن ماجه (2741) والنسائي في "الكبرى" (5/ 194 – تحفة الأشراف) من طريق سفيان ابن عيينة عن عمرو بن دينار به. [10] رواه أبو داود (2905) من طريق ابن جريج عن عمرو بن دينار به. [11] رواه البيقهي (6/ 242). [12] "نزهة النظر" (90 – مع النكت).



شارك الخبر

ساهم - قرآن ١