أرشيف المقالات

خواطر وكلمات داعية (2)

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
2خواطر وكلمات داعية (2)
محبة الرسول صلى الله عليه وسلم: إن المحبة في الدين لا تعادلها محبة دنيوية أبدًا؛ لأنه محبة في الله ولله، ومن أحب بصدق وجد حلاوة الإيمان في قلبه؛ فعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، قال: ((ثلاث مَن كنَّ فيه وجد بهنَّ حلاوة الإيمان: أن يكون اللَّه ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه اللَّه منه كما يكره أنْ يُقْذَفَ في النَّار))؛ متفق عَلَيْهِ.
وأعظم المحبة للبشر هي محبة نبينا صلى الله عليه وسلم، فإن صدق المحب في محبته إياه ومحبته حقٌّ، فقد أحبه الله القائل: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31].   وتحتاج محبته إلى تضحية وإنكار للذات، والسمع والطاعة، وحسن الاتباع، وترك الابتداع، فمن أبى فقد هان عليه دينُه وكذب في محبة نبيِّه، وأحب نفسه وهواه، وهذا هو الباطل وليس بعد الحق إلا الضلال، وإن قال غير ذلك.   الزواج ميثاق غليظ: أتعجب من الكثير من المتزوجين حديثًا يظن البعض أن الزواج تجربة قابلة للتعديل والتبديل؛ كالتجارب في المعامل، وليس عِشرة عمرٍ وميثاقًا غليظًا؛ كما قال تعالى: ﴿ وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ [النساء: 20، 21].   فتفتر العاطفة بعد أول مولود وعند أبسط مشكلة تعصف بالزواج والعش السعيد، نرى فعل ورد فعل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فأين هؤلاء من وصية نبيهم صلى الله عليه وسلم، وفيها الدواء لكل مشاكل الزواج؟! ناهيك عن عظيم الجزاء والثواب بالصبر، فقال: "لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ".   عظمة الشريعة الربانية: مهما وضعت قريحة البشر من قوانين من أجل الإنسان، فلن تسموَ وتترقى به كشريعة الإسلام التي شرعها ربُّ العباد، وجعلها الشريعة الخاتمة إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها، ولهذا قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85].   ومن يسع للاستقامة والصلاح في غير شريعة الله - الكتاب والسنة - فلن يفلح أبدًا؛ لقول الحبيب المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى في خطبة الوداع يوم عرفة: "تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابَ اللَّهِ، وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ»، قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ: «اللَّهُمَّ اشْهَدِ اللَّهُمَّ اشْهَدْ"؛ مسلم.   وقد أفلح مَن عمِل وطبَّق الشريعة، وقال: ربي الله وديني الإسلام، وهذا من فضل الله على من يشاء من عباده.   كل ابن آدم خطاء: كل البشر يقعون في الذنوب والخطايا والعصمة للأنبياء، ولا نبي بعد خاتم الأنبياء الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وليس فينا مسلم أو مسلمة إلا وله من الذنوب ما لا يعلمه إلا الله تعالى، ولو سمعت أن رجلًا أو امرأة يقول أو يدَّعي أنه لم يرتكب ذنبًا، فاعلم أنه مخطئ؛ لأن النبي يقول: «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون»؛ صحيح الجامع، (١٥).   ولنتذكر قوله تعالى قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35].   فكن أخي المسلم، أختي المسلمة من هؤلاء الصفوة؛ ليغفر الله لك، ولا تكن ممن آمن بلسانه وخالَف ذلك بجوارحه.   كيف أصبحت؟ سئل ابن تيمية رحمه الله: كيف أصبحتَ؟ قال: بين نعمتين لا أدري أيتهما أفضل، ذنوب قد سترها الله فلم يستطع أن يعايرني بها أحدٌ مِن خَلْقه، ومودة ألقاها في قلوب العباد لا يبلغها عملي، وسئل الشافعي رحمه الله في مرض وفاته: كيف أصبحتَ؟ قال: أصبحتُ من الدنيا راحلًا، وللإخوان مفارقًا، ولسوء عملي ملاقيًا، ولكأس المنية شاربًا، وعلى الله واردًا، ولا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأُهنيها، أم إلى النار فأُعزيها؟   أحبتي في الله، أليس غريبًا أننا أصبحنا نعيش أيام رمضان ولياليه العطرة الحافلة بالذكر والدعاء والاستغفار، والصلاة والصدقة والقيام، وزيارة الأحبة وصلة الرحم، وما أشبه ذلك، ونحن في غفلة والأيام تمر ولا تعود، وليسأل كل واحد منا كيف أصبح في رمضان؟ وهو أدرى بحقيقة نفسه التي بين جنبيه والله حسيبُه!



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢