أرشيف المقالات

مشروع حفظ الوحيين والهيئة العالمية للتدبر...

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
2مشروع حفظ الوحيين والهيئة العالمية للتدبر بحاجة إلى مشروع ثالث، فمَن له؟
يعتبر مشروعُ حفظِ الوحيين من مفاخرِ زماننا ومناقب أيامنا؛ فقد أعادَ للذاكرة جزءًا من مجد الأمَّةِ المفقود، وغرسَ في الأذهان من خلال واقعٍ ملموس الثقةَ في جيلِ هذه الأمة، بأنَّ لديه القدرة على أنْ يُعيدَ للأمةِ مجدها إذا وجد من يتبناه ويستغل موهبته، وبمثلِ ذلك أو قريبٍ منه ما تقومُ به "الهيئةُ العالمية للتدبُّر" من إعادةِ النظر في التعامُل مع القرآن، وإعادة روحه ليبثَّ روحَ الحياةِ في الأمة.   من وِجْهةِ نظري فإنَّ هذين المشروعَيْن يعدان من أجملِ وأروع ما قدمتْهُ الصحوةُ والدعوةُ في الفترة الماضية للشباب خاصةً وللأمَّةِ عامة، فجزى الله القائمين عليهما والراعين والمهتمين خيرًا. ومشاريعُ النهوضِ بالأمَّةِ أكبرُ من أن تحصرَ في مؤسسةٍ أو هيئة، فضلاً عن شخصٍ أو منطقة؛ إذ الأمةُ نهضتُها كليةٌ، ومشاريعُها يجبُ أن تشملَ جميعَ الجوانب، ولكن كل مشروعٍ يُعَدُّ لبنةً مُهمة، وأهميته بحسبِ تأثيره ونفعه وقربه من تحقيق العبودية لله - سبحانه وتعالى.   والمشروعان المذكوران (حفظ الوحيين، والتدبر) من أهمِّ المشاريع النهضوية للأمَّةِ؛ إذ يقومان على الاهتِمامِ بمنهج هذه الأمة ودستورها وأصل حضارتها، مع الاعترافِ مني ويجب أن يكونَ من أهلهما أن ما يقومان به يعَدُّ جزءًا مما يستحقُّه هذا المنهج وذلك الدستور الرباني العظيم، ولا يعني الكل فهناك أجزاء تحتاجُ إلى من يعطيها حقَّها ويقوم بأمرِها، نسأل الله أن يقيضَ لها ويأذن بذلك في القريبِ العاجل.   ومِن تِلْكم المشاريع النهضويَّة التي لا غنى للأمةِ عنها في طريق سيرها نحو التمكين والسيادة والعزة - مشروعُ العنايةِ بأعمالِ القلوب وتقْوية الصِّلةِ بين العبد وربِّه، وإحياء فقهِ القلوب وقوة الإيمان في النُّفوس، وعَلاقة هذا المشروعِ بالمشروعَيْن المذكورين وصلته بهما قوية؛ إذ من أهمِّ أهداف النصوصِ القرآنية والنبوية: تزكيةُ النفوسِ وإصلاح القلوب، ولا أظنُّ أن يختلفَ اثنان مِن ذَوي الاهتِمامِ بالنصوص حول أهميةِ العنايةِ بأعمالِ القلوب وارْتباطها بالنصوص. ولذلك لا بدَّ مِن مشروعٍ ثالثٍ يُرافقُ المشروعَيْن؛ وهو مشروعُ العنايةِ بأعمال القلوب، فمَن له؟ ولا أظنني بحاجةٍ إلى الحديثِ عن أهمية أعمال القلوب، أو الحديثِ عن الوضعِ المأساوي لقلوب الدعاة - فضلاً عن غيرِهم - ولا على تأكيدِ النصوصِ الشرعيَّة على الاهتمامِ بالقلوب - بقدرِ ما أنا بحاجةٍ إلى البحثِ عن همة عالية تستشعرُ هذه الأهميةَ وذلك التأكيد، فتقوم بخطواتٍ عملية، سواء بتكوينِ عمل مؤسسي - وهو الأولى بتبنِّي فكرة العناية بأعمال القلوب - أو بنَشْرِ ثقافةِ العناية بأعمال القلوب، وتكثيف الحديثِ عنها، حتى تصبحَ على الأقلِّ برامجَ فرْدِيةً في أفرادِ الأمَّة.   ولأنَّنا في زمنِ العمل المؤسسي ولدينا تجربةٌ ناجحة متمثِّلة في الهيئةِ العالمية للتدبُّرِ، فإنَّ قيامَ عمل مؤسسي يتولَّى هذا الأمرَ يُعَدُّ مطلبًا ملحًّا، ولا يَستكثر البعضُ على القلوبِ أن تكونَ لها مؤسسةٌ؛ فهي أكبر من ذلك. فلو أنَّ لدينا عملاً مؤسسيًّا متمثِّلاً في مشروعٍ يعملُ في مجالِ العناية بأعمالِ القلوب بطريقةٍ سنية أصيلةٍ، فلنفترض لذلك مقدماتٍ أو قل نضع دردشات: التسمية: مشروع العناية بأعمال القلوب.   الرؤية: أن يكونَ المشروعُ مرجعًا عالميًّا رائدًا متميزًا في العنايةِ بأعمال القلوب وتزكية النفوس.
الرسالة: مشروعٌ تربوي إسلامي عالمي يعني بأعمالِ القلوب، ويعملُ على إحياءِ فقه القلوبِ في الأمَّةِ بأصول شرعية وطرُق صحيحةٍ، ويسهم في عودةِ الأمة إلى دينِها، وتقْوية صلتِها بخالقِها - سبحانه وتعالى.

الشِّعار: "قلوبُنا موضعُ نظرِ ربِّنا"، أو "النصوص لإصلاحِ النفوس".   هذه بذرةُ فكرةٍ، فمَن يتولَّى سقايتَها، أو يدلُّ مَن يستطيع سقايتها؛ فالدَّالُّ على الخيرِ كفاعلِه، أو ينشر بذرَها بين الملأ لعلَّها تجدُ مَن يأخذها بحقها. ومن يجد في نفسِه القدرةَ أو يعرف من يصلح لذلك فلا يتردَّد، فإنَّ التأخيرَ يومًا واحدًا يحتاجُ إلى جهدِ سنواتٍ في عمومِ الأمة. أسألُ اللهَ بمنِّه وكرَمِه أن يقيضَ للأمَّةِ من يصلحُ به حالَها، وأن يباركَ في جهودِ الدعاةِ والمخلصين الحريصين على إحياءِ الأمَّة مِن غفلتِها، واللهَ أرجو أن يُباركَ في كلِّ جهدٍ دعوي، وأن يكتبَ لهذه الفكرةِ القَبولَ والانتشارَ، وأن يصلحَ نياتِنا ويدلنا على ما يقرِّبنا منه - سبحانه وتعالى - وصلَّى الله على النبيِّ المربِّي وعلى آله وصحبه وسلم، والحمدُ لله ربِّ العالمين.



شارك الخبر

ساهم - قرآن ١