أرشيف المقالات

الاشتراط عند الإحرام

مدة قراءة المادة : 16 دقائق .
2الاشتراط عند الإحرام
لمريد نسك الحج والعمرة أن يشترط عند الإحرام فيقول إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني أو نحو ذلك فإذا حبس عن إتمام النسك تحلل ولاشيء عليه وقال بالاشتراط عمر [1] وعثمان [2] وابن مسعود[3] وعائشة [4] - رضى الله عنها - وروي عن علي [5]وعمار بن ياسر[6] وأم سلمة [7] - رضى الله عنها - قال الحافظ ابن حجر: لم يصح إنكاره (يعني الاشتراط) عن أحد من الصحابة - رضى الله عنها - إلا عن ابن عمر[8]- رضى الله عنه - وقال به بعض السلف[9] وهو القول القديم للشافعي وعلق القول به في الجديد على صحة الحديث[10] واختاره ابن المنذر من الشافعية[11] واستحبه الحنابلة[12] وابن حزم[13].   فعن عائشة؛ قَالَتْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ؛ فَقَالَ لَهَا لَعَلَّكِ أَرَدْتِ الْحَجَّ قَالَتْ وَاللَّهِ لَا أَجِدُنِي إِلَّا وَجِعَةً فَقَالَ لَهَا حُجِّي وَاشْتَرِطِي وَقُولِي اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي [14].   وعن ابن عباس (أَنَّ ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؛ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ إِنِّي امْرَأَةٌ ثَقِيلَةٌ وَإِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ فَمَا تَأْمُرُنِي قَالَ أَهِلِّي بِالْحَجِّ وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ تَحْبِسُنِي قَالَ فَأَدْرَكَتْ)[15].   واستحب الاشتراط للحاجة عند خوف المانع من إتمام النسك شيخ الإسلام ابن تيمية[16] وشيخنا الشيخ محمد العثيمين [17] لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يشترط ولم يأمر الصحابة - رضى الله عنها - بالاشتراط إنَّما أمر به ضباعة بنت الزبير؛ حينما أرادت الحج وهي مريضة.
والمنقول عن الصحابة - رضى الله عنها - الأمر بالاشتراط أمراً مطلقاً ولم يخصوه بالحاجة ولعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يشترط ولم يأمر الصحابة - رضى الله عنها - بالاشتراط لأنَّ الاشتراط من الأمور المباحة وليس مستحباً والله أعلم.


[1] رواه الإمام الشافعي في الأم(7/190) أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة قال قال لي عمر - رضى الله عنه - " يَا أَبَا أُمَيَّةَ حُجَّ وَاشْتَرِطْ فَإِنَّ لَك مَا شَرَطْت وَلِلَّهِ عَلَيْك مَا اشْتَرَطْت " إسناده صحيح وقال إسحاق بن راهويه - مسائل أحمد وإسحاق(5/2084) صح عن عمر - رضى الله عنه - وقال الحافظ في الفتح(4/9) صح القول بالاشتراط عن عمر - رضى الله عنه - وحسن إسناده القسطلاني في إرشاد الساري(4/335). [2] رواه ابن أبي شيبة(14958) حدثنا ابن مبارك ، عن هشام ، عن ابن سيرين ، قال : رَأَى عُثْمَانُ - رضى الله عنه - رَجُلًا " وَاقِفًا بِعَرَفَةَ فَقَالَ لَهُ: "اشْتَرَطْتَ؟" قَالَ: نَعَمْ مرسل رواته ثقات رواية ابن سيرين عن عثمان - رضى الله عنه - مرسلة قال الطحاوي في شرح مشكل الآثار(15/156) منقطع الإسناد لا يحتج أهل الحديث بمثله ورواه ابن أبي شيبة(14959) حدثنا الفضل بن دكين ، عن سعيد بن عبد الرحمن ، عن ابن سيرين ، عن عبد الله بن عتبة ، عن عثمان - رضى الله عنه - نحوه.
رواته ثقات سعيد بن عبد الرحمن الرقاشي أخو أبي حرة وثقه وكيع وأحمد وابن معين وبقية رواته ثقات وقال إسحاق بن راهويه - مسائل أحمد وإسحاق(5/2084) صح عن عثمان - رضى الله عنه - وقال الحافظ في الفتح(4/9) صح القول بالاشتراط عن عثمان - رضى الله عنه -. [3] أثر ابن مسعود - رضى الله عنه - رواه : 1- ابن أبي شيبة(14968) حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عميرة بن زياد ، عن عبد الله - رضى الله عنه - قال : "إِذَا حَجَجْتَ فَاشْتَرِطْهُ" رواته ثقات عميرة بن زياد وثقه العجلي وذكره ابن حبان في ثقاته وبقية رواته ثقات لكن يخشى من تدليس أبي إسحاق السبيعي. قال الحافظ في الفتح(4/9) صح القول بالاشتراط عن ابن مسعود - رضى الله عنه -. 2- قال البخاري في التاريخ الكبير(7/69) عميرة بن زياد قال قال لي ابن مسعود - رضى الله عنه - إذا أتيت الحج فاشترط.
قاله محمد بن يوسف عن سفيان عن أبى اسحاق، وقال محمد بن حوشب عن أبي بكر قال عن أبو اسحاق عن عمارة الأسدي عن ابن زياد قال خرجنا مع عبد الله - رضى الله عنه - وكان دليلنا وإمامنا إلى مكة فقال لنا نحوه " إسناده ضعيف فذكر أنَّ أبا إسحاق رواه عن عمارة الأسدي وعمارة لم أعرفه وأبو بكر بن عياش قال عنه الإمام أحمد كثير الخطأ جداً إذا حدث من حفظه وقال يعقوب بن شيبة في حديثه اضطراب فلا يحتج به عند المخالفة أيضا ولا أعلم هل روى عن أبي إسحاق قبل الاختلاط أو بعده ؟. ورواية سفيان الثوري عن أبي إسحاق أرجح لجلالته ولأنَّه روى عن أبي إسحاق قبل الاختلاط. ويحتمل أنَّ أبا إسحاق دلسه فاسقط عمارة الأسدي ويمكن أن يجاب بأنَّ الخطأ من أبي بكر بن عياش والله أعلم. 3- ذكره البخاري في التاريخ الكبير(7/69) معلقاً قال أبو نعيم عن عبد السلام عن ابى خالد عن المنهال عن عمارة بن مالك قال مر بي ابن مسعود - رضى الله عنه - وأنا ارتحل للعمرة فقال لى يا أبا محمد، نحوه.
معلق إسناده ضعيف أبو خالد الظاهر أنَّه يزيد بن عبدالرحمن الأسدي قال عنه الحافظ ابن حجر صدوق يخطئ كثيراً وكان يدلس وعبدالسلام بن حرب قال الحافظ ابن حجر : ثقة حافظ له مناكير ولم أقف على ترجمة باسم عمارة بن مالك ويروي المنهال بن عمرو عن عمار بن مالك ذكره ابن حبان في ثقاته والبخاري في تاريخه وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً فيحتمل أنَّ في السند تصحيفاً أو خطأ مطبعيا والله أعلم وتقدمت رواية المنهال تارة يجعله عن ابن مسعود - رضى الله عنه - وتارة عن عمار وتارة عن عباد بن عبد الله الاسدي - رضى الله عنه - [4] رواه الإمام الشافعي في الأم(7/190) خبرنا سفيان بن عيينة و ابن أبي شيبة(14953) حدثنا ابن فضيل ، يرويانه عن هشام بن عروة عن أبيه قال قالت لي عائشة - رضى الله عنها - يَا ابْنَ أُخْتِي هَلْ تَسْتَثْنِي إذَا حَجَجْت؟ قُلْت: مَاذَا أَقُولُ؟ قَالَتْ: قُلْ اللَّهُمَّ الْحَجَّ أَرَدْت، وَلَهُ عَمَدْت فَإِنْ يَسَّرْتَهُ فَهُوَ الْحَجُّ، وَإِنْ حَبَسَنِي حَابِسٌ فَهِيَ عُمْرَةٌ." إسناده صحيح قال الحافظ في الفتح(4/9) صح القول بالاشتراط عن عائشة - رضى الله عنه - وصحح إسناده القسطلاني في إرشاد الساري(4/335) ومعنى أثر عائشة - رضى الله عنها - كأثر علي - رضى الله عنه - إن فات الحج فهي عمرة والله أعلم. [5] رواه ابن أبي شيبة في مصنفه(14951) حدثنا ابن فضيل ، عن عطاء ، عن ميسرة ، عن علي -رضى الله عنه- أنَّه كان يقول : "اللَّهُمَّ حَجَّةً إِنْ تَيَسَّرَتْ، أَوْ عُمْرَةً إِنْ أَرَادَ الْعُمْرَةَ، وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ" إسناده ضعيف رواية محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب بعد اختلاط عطاء قال أبو حاتم ما روى عنه ابن فضيل ففيه غلط واضطراب رفع أشياء كان يرويه عن التابعين فرفعه إلى الصحابة - رضى الله عنه - ويروي عن علي - رضى الله عنه - ميسرة بن يعقوب أبو جميلة وميسرة أبو صالح وكلاهما كوفي يروي عنهما عطاء بن السائب ذكرهما البخاري في تاريخه وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيهما جرحاً ولا تعديلاً وذكرهما ابن حبان في ثقاته وذكرهما الذهبي في الكاشف وقال عن كل واحد منهما وثق.
وأشار إلى ضعفه البيهقي في المعرفة(4/249) بقوله روي عن علي وعمار. وقال الحافظ في الفتح(4/9) صح القول بالاشتراط عن علي - رضى الله عنه - فيحتمل أنَّه وقف على إسناد آخر له ويحتمل أنَّ هذا اجتهاد منه في الحكم على هذا السند والله أعلم [6] ذكره ابن أبي حاتم معلقاً في علل الحديث(858) سألت أبي عن حديث رواه أبو الأحوص وزهير عن أبي إسحق الهمداني عن المنهال قال عمار اذا أردت الحج فاشترط مرسل رواته ثقات. رواية منهال بن عمرو عن عمار - رضى الله عنه - مرسلة قال الذهبي : لا يحفظ له سماع من الصحابة - رضى الله عنه - وإنَّما روايته عن التابعين الكبار.
واختلف على المنهال فيه.و فيه عنعنة أبي إسحاق السبيعي وأشار أبو حاتم أنَّه ليس محفوظاً وقال ابن أبي حاتم في علله(858) رواه اسرائيل عن أبي اسحق عن المنهال قال قال عباد بن عبد الله الأسدي معلق إسناده ضعيف قال ابن أبي حاتم : قلت لأبي أيهما أصح قال علي - رضى الله عنه - ما يرويه إسرائيل أصح عباد بن عبدالله الاسدي الكوفي ترجم له في تهذيب التهذيب فقال روى عن علي -رضى الله عنه-.
وعنه المنهال بن عمرو.قال البخاري فيه نظر وذكره ابن حبان في الثقات. قلت [الحافظ ابن حجر]: وقال ابن سعد له أحاديث وقال علي بن المديني ضعيف الحديث وقال ابن الجوزي ضرب ابن حنبل على حديثه عن علي - رضى الله عنه - أنا الصديق الأكبر.
وقال هو منكر وقال ابن حزم هو مجهول. فما ذكره ابن أبي حاتم معلقاً عن عمار - رضى الله عنه - لا يصح وكذلك عن عباد بن عبد الله الأسدي ففيهما الاختلاف على أبي إسحاق السبيعي والمنهال بن عمرو وأشار إلى ضعفه البيهقي في المعرفة(4/249) بقوله روي عن علي وعمار وقال الحافظ في الفتح(4/9) صح القول بالاشتراط عن عمار - رضى الله عنه - وتقدم توجيه تصحيحه. [7] رواه البخاري في التاريخ الكبير(1/176) قال قال لي عبيد بن يعيش حدثنا يونس قال اخبرنا محمد بن إسحاق عن أبى بكر بن محمد بن عمر بن أبى سلمة عن أبيه قال كانت أم سلمة - رضى الله عنها - تَأْمُرُنَا إِذَا حَجَجْنَا بالاشتراط " إسناده ضعيف يونس هو ابن بكير ومحمد بن إسحاق مدلس ولم يصرح بالسماع.
وأبو بكر بن محمد بن عمر بن أبى سلمة ذكره البخاري في تاريخه وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً ومحمد بن عمر بن أبى سلمة ذكره ابن حبان في ثقاته وذكره البخاري ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً وقال أبو حاتم لا أعرفه وقال الحافظ في الفتح(4/9) صح القول بالاشتراط عن أم سلمة؛ وتقدم توجيه تصحيحه [8] فتح الباري(4/9). روى الترمذي(942) بإسناده عن عبدالله بن المبارك عن معمر ورواه النسائي(2769) بإسناده عن عبدالرزاق عن معمر ورواه النسائي(2770) بإسناده عن يونس يزيد يرويانه عن الزهري عن سالم بن عبدالله بن عمر عن أبيه عبدالله  أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ الِاشْتِرَاطَ فِي الْحَجِّ وَيَقُولُ مَا حَسْبُكُمْ سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ فَإِنْ حَبَسَ أَحَدَكُمْ حَابِسٌ فَلْيَأْتِ الْبَيْتَ فَلْيَطُفْ بِهِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ لِيَحْلِقْ أَوْ يُقَصِّرْ ثُمَّ لِيُحْلِلْ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ" وإسناده صحيح قال الترمذي حديث حسن صحيح وصححه الألباني في صحيح النسائي(2594). [9] انظر : الإشراف(3/187) و المحلى(7/114) والمغني(3/242). [10] انظر : الأم(7/190) والإشراف(3/187) والحاوي(4/359). [11] انظر : الإشراف(3/187). [12] انظر : المغني(3/242) والإنصاف(3/434). [13] انظر : المحلى(7/99). [14] رواه البخاري(5089) ومسلم(1207). [15] رواه مسلم(1208). [16] انظر : مجموع الفتاوى(26/106). [17] انظر : الشرح الممتع(7/80).



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣