أرشيف المقالات

(كتاب الصيام) من بلوغ المرام

مدة قراءة المادة : 20 دقائق .
2مختصر الكلام على بلوغ المرام (بابُ كتاب الصيام)   صوم رمضان أحد أركان الإسلام، والأصل في وجوبه الكتاب والسنة والإجماع، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 183، 184] الآيات، والصيام في اللغة: الإمساك، وفي الشرع: الإمساك في النهار عن الأكل والشرب والجماع وغيرها مما ورد في الشرع.   618- عنْ أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَقَدَّمُوا رمضانَ بصوم يومٍ ولا يومينِ إلا رجلٌ كان يصومُ صوماً فليَصمهُ" مُتّفقٌ عليه.   • الحديث دليل على تحريم صوم يوم أو يومين قبل رمضان، قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم، كرهوا أن يتعجل الرجل الصيام قبل دخول رمضان لمعنى رمضان، (قوله: إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه) أي إلا من اعتاد صوم أيامٍ معلومة ووافق ذلك آخر شعبان فلا بأس به.   619- وعن عمّارِ بن ياسرٍ - رضي الله عنهما - قال: "من صام اليوْمَ الذي يُشكُّ فيه فقد عصى أَبا القاسم - صلى الله عليه وسلم -" ذكره البخاري تعليقاً ووصلهُ الخمسة وصَحَحَّه ابنُ خزيمة وابنُ حِبَّانَ.   • الحديث دليل على تحريم صوم يوم الشك، وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو نحوه، وفي حديث ابن عباس: (فإن حال بينكم سحاب فأكملوا العدَّة ثلاثين، ولا تستقبلوا الشهر استقبالاً) أخرجه أحمد وأصحاب السنن.   620- وعنْ ابنِ عُمُر - رضي الله عنهما - قال: سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا رأيتموهُ فصُوموا وإذا رأَيتموهُ فأَفِطروا، فإن غُمَّ عليكمْ فاقْدرُوا لـه" متّفقٌ عليه.   ولمسلمٌ: "فإن أُغْمِيَ عليكم فاقُدُرُوا لـه ثلاثين" وللبخاري " فأَكْملوا العِدة ثلاثين".   621- ولهُ في حديث أَبي هُريرةَ - رضي الله عنه -: "فأَكْمِلُوا عِدّةَ شعْبان ثلاثين".   • الحديث دليل على وجوب صوم رمضان لرؤية هلاله، وإفطار أول يوم من شوال لرؤية هلاله، والمراد من الرؤية ما يثبت به الحكم الشرعي (قوله: فإن غم عليكم فاقدروا له) أي أفطروا يوم الثلاثين واحسبوا تمام الشهر لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (فأكملوا عدة شعبان ثلاثين) وأولى ما يفسر الحديث بالحديث.   622- وَعَنْ ابْن عُمَرَ - رضي الله عنهما - قال: "تراءَى النّاسُ الهِلالَ فأَخبَرتُ النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّي رأَيْتُهُ فصامَ وأَمَرَ النّاس بصيامِهِ" رواهُ أبو داود، وصَحَّحَهُ الحَاكِمُ وابْنُ حِبَّانَ.   • الحديث دليل على العمل بخبر الواحد العدل في الصوم.   623- وعن ابنِ عَبّاسٍ - رضي الله عنهما - أَنَّ أَعرابياً جاءَ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنِّي رَأَيْتُ الهِلال، فقال: "أَتشهدُ أَنْ لا إله إلا الله؟" قال: نعم، قال: "أَتَشْهَدُ أنَّ محمداً رسول الله؟" قال: نعمْ، قال: "فَأَذِّنْ في النَّاس يا بلالُ أَنْ يَصُوموا غداً" رواهُ الخمسةُ وصحَّحَهُ ابن خزيمةَ وابن حِبَّانَ ورجَّح النسائي إرساله.   • الحديث دليل أيضاً على قبول خبر الواحد في الصوم، وعلى أن الأصل في المسلمين العدالة، قال في الاختيارات: تختلف المطالع باتفاق أهل المعرفة بهذا، فإن اتفقت لزم الصوم وإلا فلا، وهو الأصح للشافعية، وقول في مذهب أحمد انتهى.   624- وعن حَفْصةَ أُمِّ المُؤمنين - رضي الله عنها - أَنَّ النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "منْ لَمْ يُبَيّت الصِّيامَ قَبْلَ الفجر فلا صِيامَ لـهُ" رواهُ الخمْسةُ ومَالَ التِّرمذيُّ والنسائي إلى ترجيح وَقْفِهِ، وصحَّحَهُ مرفوعاً ابنُ خزيمةَ وابنُ حِبَّانَ.   وللدارقطني: "لا صِيامَ لمن لَم يَفْرِضْهُ منَ الليل".   • الحديث دليل على أنه لا يصح الصيام إلا بتبييت النية: وهو أن ينوي الصيام في أي جزء من الليل، ويجزئ لرمضان نية واحدة إذا نوى صوم جميع الشهر، وهو مذهب مالك واختاره الشيخ تقي الدين ابن تيمية، ورواية عن الإمام أحمد.   625- وعنْ عائشة - رضي الله عنها - قالت: دخل عليَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذات يومٍ فقال: "هلْ عندكمْ شيءٌ؟" قُلنا: لا، قال: "فإني إذا صائمٌ" ثمَّ أَتانا يوْماً آخر، فقلنا أُهديَ لنا حَيْسٌ، فقال: "أرِينِيهِ فَلَقد أَصبحْتُ صائماً" فَأَكل، رواهُ مسلمٌ.   • الحديث دليل على صحة النفل بغير نية من الليل، وفيه أنه لا يلزمه إتمام صوم التطوع، قال ابن عمر: لا بأس به ما لم يكن نذراً أو قضاء رمضان.   626- وعن سهِل بنِ سَعْدٍ - رضي الله عنه - أَنْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يزالُ الناسُ بخيرٍ ما عجّلوا الْفِطْر" مُتّفَقٌ عَلَيْهِ.   627- وللتِّرْمذي مِنْ حديث أَبي هُريْرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "قالَ الله عَزَّ وجلَّ: أَحبُّ عِبادي إليَّ أَعْجَلُهُمْ فطْراً".   • الحديث دليل على استحباب تعجيل الإفطار إذا تحقق غروب الشمس بالرؤية أو بإخبار من يجوز العمل بقوله، وعند أحمد: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور) زاد أبو داود: (لأن اليهود والنصارى يؤخرون الإفطار إلى اشتباك النجوم) قال في شرح المصابيح: ثم صار في ملتنا شعاراً لأهل البدعة وسمة لهم.   628- وعنْ أَنس بنِ مَالكٍ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "تَسَحَّرُوا فإن في السَّحُورِ بركةً" مُتّفقٌ عَلَيه.   • الحديث دليل على استحباب السحور لما فيه من اتباع السنَّةِ ومخالفة أهل الكتاب، والتقوّي به على العبادة وغير ذلك.   629- وعَنْ سليمان بنِ عامر الضَّبِّيِّ - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أَفْطَر أَحَدُكُمْ فَلْيُفطِر على تمرٍ، فإن لَم يجدْ فَلْيُفطِر على ماءٍ فإِنّهُ طَهُورٌ" رواهُ الخمسة وصحَّحَه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم.   • الحديث دليل على استحباب الإفطار بما ذكر لما فيه من الحلاوة و الرطوبة، وعند الترمذي والنسائي من حديث أنس: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم يكن فعلى تمرات فإن لم يكن حسا حسوات من ماء".   630- وعنْ أَبي هُريرةَ - رضي الله عنه - قال: نَهى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الوِصَال، فقال رجلٌ من المسلمين: فإنك تواصلُ يا رسُولَ الله؟ فقال: "وأيُّكُمْ مِثْلي؟ إني أَبيتُ يُطْعمني ربِّي وَيسْقيني" فلمّا أَبوا أَن يَنْتَهُوا عن الوصال وَاَصَلَ بهم يوْماً ثمَّ يوماً ثمَّ رأَوُا الهلال، فقال: "لوْ تأَخّرَ الهلالُ لزدتُكُمْ" كالمُنَكِّل لهُم حين أَبوْا أَن يَنْتهُوا، مُتّفَقٌ علَيه.   • الحديث دليل على كراهة الوصال لأنه من خصائصه - صلى الله عليه وسلم -، وفي حديث أبي سعيد عند البخاري: (فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر).   631- وعَنْهُ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ بهِ والجهْلَ فَلَيْسَ للَّهِ حَاجةٌ في أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشرابَهُ" رواهُ البُخاريُّ وأبو دود واللفظ له.   • الحديث دليل على تأكيد تحريم الكذب والسفه على الصائم وأن الله لا يقبل صيامه.   632- وعَنْ عائشةَ - رضي الله عنها - قالتْ: "كانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّلُ وَهُو صائمٌ ويُباشرُ وهُوَ صائمٌ، ولكنه أَمْلَكَكُمْ لإرْبِهِ" مُتّفقٌ عليه واللفظٌ لمسلم، وزاد في روايةٍ "في رَمَضَان".   قال العلماء: معنى الحديث أنه ينبغي لكم الاحتراز من القبلة ولا تتوهموا أنكم مثل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في استباحتها لأنه يملك نفسه، والحديث دليل على جواز القبلة لمن لا تحرك شهوته.   633- وعن ابنِ عَبّاسٍ - رضي الله عنهما -: "أَنَّ النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - احْتجمَ وهُوَ مُحْرمٌ واحْتَجَمَ وهُو صَائمٌ" رَوَاه البُخاريُّ.   • الحديث دليل على أن الحجامة لا يفطر بها الصائم، وهو مذهب الأكثر من الأئمة.   634- وعَنْ شدَّاد بن أَوْسٍ - رضي الله عنه - أَنَّ النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَتى على رجُلٍ بالبقيع وهُو يحتجم في رمضان فقال: "أَفْطرَ الحاجِمُ والمحجومُ" رواهُ الخمسةُ إلا التّرْمذي، وصَحَّحَهُ أَحْمَدُ وابْنُ خُزَيْمَةَ وابْنُ حِبَّانَ.   • الحديث دليل على أن الحجامة تفطر الصائم من حاجم ومحجوم، وقيل إنه منسوخ لأن حديث ابن عباس متأخر.   635- وعَنْ أَنَس بن مالك - رضي الله عنه - قال: "أَوَّلُ ما كُرِهَتْ الحِجَامةُ للصائمِ: أَنَّ جعَفْر بن أبي طالب احْتجمَ وَهُوَ صائمٌ فَمَرّ بهِ النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أَفَطَر هذان" ثمَّ رخّص النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدُ في الحِجَامةِ للصائمِ، وكان أنس يحتجِمُ وهُو صائم".
رواه الدارقطني وقواه.   قال العلماء: ويجمع بين الأحاديث بأن الحجامة مكروهة في حق من كان يضعف بها، وتزداد الكراهة إذا كان الضعف يبلغ إلى حد يكون سبباً للإفطار، ولا تكره في حق من لا يضعف بها، وعلى كل حال تجنب الحجامة للصائم أولى.   636- وعن عائشةَ - رضي الله عنها - "أنّ النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - اكتحل في رمضانَ وهُو صائمٌ" رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف وقال الترمذيُّ: لا يصح في هذا البابِ شيءٌ.   قال الترمذي: واختلف أهل العلم في الكحل للصائم، فكرهه بعضهم وهو قول سفيان وابن المبارك وأحمد وإسحاق، ورخص بعض أهل العلم في الكحل للصائم وهو قول الشافعي انتهى، قال في الاختيارات: ولا يفطر الصائم بالاكتحال والحقنة وما يفطر في إحليله ومداواة المأمومة والجائفة وهو قول بعض أهل العلم، ويفطر بإخراج الدم بالحجامة وهو مذهب أحمد، وبالفصد والتشريط وهو وجه لنا، وبإرعاف نفسه، وهو قول الأوزاعي، ويفطر الحاجم إن مصّ القارورة انتهى.   637- وعنْ أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ نَسِيَ وهُو صَائمٌ فَأَكلَ أَوْ شَرِبَ فليُتِمَّ صَوْمَهُ فإنّما أَطعمهُ اللَّهُ وسقاهُ" مُتّفقٌ عليه وللحاكم من أفطر في رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة وهو صحيح.   • الحديث دليل على أن من أفطر ناسياً أنه يتم صومه ولا قضاء عليه ولا كفارة وهو قول الجمهور.   638- وعَنْ أَبي هُريرة - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ ذَرَعَهُ القيءُ فلا قضاءَ عليه، ومن اسْتقاءَ فعليه القضاءُ" رواهُ الخمسة، وأَعَلَّهُ أَحْمَدُ وقَوَّاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.   • الحديث دليل على أنه لا يفطر بالقيء الغالب عليه، وعلى أن من تعمد القيء يفطر.   639- وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خَرَج عامَ الْفتحِ إلى مكّة في رمضان فصام حتّى بَلَغَ كُراع الْغميم فَصَام النّاسُ، ثمَّ دعا بقَدَحٍ منْ ماءٍ فَرَفَعهُ حتى نَظَرَ الناسُ إليهِ فشربَ ثم قيل لـهُ بَعْدَ ذلك إنَّ بعضَ الناسِ قدْ صامَ؟ فقال: "أُولئكَ العُصاةُ، أُولئكَ الْعُصاةُ".
وفي لفظ "فقيلَ لـهُ إنَّ النّاس قدْ شقَّ عَلَيْهمُ الصِّيام وإنما ينْتظرون فيما فعلتَ، فدعا بقدح منْ ماءٍ بعد العصر فشرب" رواهُ مسلمٌ.   • الحديث دليل على أن المسافر له أن يصوم وله أن يفطر، وأن له الإفطار وإن صام أكثر النهار، وفيه أن الفطر لمن يشق عليه الصيام أفضل كما في الحديث الآخر: (ليس من البر الصيام في السفر).   640- وعنْ حمزةَ بنِ عَمْرو الأسلمي - رضي الله عنه - أنّهُ قال: يا رسول الله أَجدُ فيَّ قوَّةً على الصِّيام في السَّفر فَهَلْ عليَّ جُناحٌ؟ فقال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "هي رُخْصةٌ من الله فمنْ أَخَذ بها فحَسنٌ، ومَنْ أَحَبَّ أَنْ يصوم فلا جناحَ عليه" رواهُ مُسلمٌ وأصله في المتفق عليه من حديث عائشة أن حمزة ابن عمرو سأل.   • الحديث دليل على أن المسافر مخير بين الإفطار والصيام إذا قوي عليه، وعند أبي داود: "أنه قال: يا رسول الله إني صاحب ظهر أعالجه أسافر عليه وأكريه وإنه ربما صادفني هذا الشهر يعني رمضان وأنا أجد القوة وأجدني أن أصوم أهون علي من أن أؤخره فيكون ديناً علي فقال: أي ذلك شئت يا حمزة".   641- وعن ابن عبّاس - رضي الله عنهما - قال: "رُخِّصَ للشيخ الكبير أَن يُفطرَ ويُطعِمَ عَنْ كُلِّ يوْم مسْكيناً ولا قضاء عَلَيْه" رواهُ الدراقُطنيُّ والحَاكِمُ وصَحَّحَاهُ.   قال ابن عباس في قوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ واحد ﴿ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا ﴾ قال زاد مسكيناً آخر ﴿ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ﴾ [البقرة: 184]، قال: وليست منسوخة إلا أنه رخص للشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصيام، وفي المسألة خلاف بين السلف والجمهور، على أن الإطعام لازم في حق من لم يطق الصيام لكبر، منسوخ في غيره.
وعن أنس ابن مالك الكعبي - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن الله عز وجل وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة وعن الحبلى والمرضع الصوم) رواه الخمسة قال الترمذي: العمل على هذا عند أهل العلم، وقال بعض أهل العلم الحامل والمرضع يفطران ويقضيان ويطعمان، وبه يقول سفيان ومالك والشافعي وأحمد، وقال بعضهم: يفطران ويطعمان ولا قضاء عليهما، وإن شاءتا قضتا ولا إطعام عليهما، وبه يقول إسحاق انتهى.
قال في مختصر المقنع: وإن أفطرت حامل أو مرضع خوفاً على أنفسهما قضتاه فقط، وعلى ولديهما قضتا وأطعمتا لكل يوم مسكيناً.   642- وعَنْ أَبي هُريرة - رضي الله عنه - قال: جاءَ رجُلٌ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: هَلَكْتُ يا رسول الله قال: "وما أَهْلَكك؟" قال: وقعْتُ على امرأَتي في رمضان فقال: "هلْ تَجدُ ما تَعتقُ رقبة؟" قال: لا، قال: "فهل تَسْتَطيعُ أَن تَصومَ شهرين مُتتابعين؟" قال: لا، قال: "فهل تَجدُ ما تُطعمُ ستِّين مسْكيناً؟" قال: لا، ثمَّ جلس فأُتي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بعَرَقٍ فيه تمرٌ فقال: "تَصَدَّقْ بهذا" فقال: أَعلى أَفْقَر مِنّا؟ فما بيْنَ لابَتَيها أَهل بيت أَحْوج إليه منّا فَضَحك النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حتى بدتْ أَنيابُهُ، ثم قالَ: "اذهب فأَطعِمهُ أَهلَك" رواهُ السبّعة واللفظ لمسلم.   • الحديث دليل على وجوب الكفارة على من جامع في نهار رمضان عامداً، وهو حديث جليل كثير الفوائد، جمعها بعضهم ألف فائدة في مجلدين.   643- وعَنْ عائشة وأُمِّ سلَمة - رضي الله عنهما - "أَنَّ النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يُصبحُ جُنُباً منْ جماع ثم يغتسل ويصُوم" مُتّفقٌ عَلَيْهِ، وزادَ مُسْلمٌ في حديث أُمِّ سَلَمَةَ "ولا يقْضي".   • الحديث دليل على صحة صوم من أدركه الفجر وهو جنب قبل أن يغتسل، وهو قول الجمهور.   644- وعنْ عائشة - رضي الله عنها - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من مات وعليه صيامٌ صامَ عَنْهُ وليّهُ" متّفقٌ عليه.   • الحديث دليل على مشروعية صيام الحي عن الميت، وأنه إذا مات وعليه صوم و اجب أجزأ عنه صيام وليه، قال النووي: اختلف العلماء فيمن مات وعليه صوم واجب من رمضان أو قضاء أو نذر أو غيره هل يقضى عنه؟ وللشافعي في المسألة قولان مشهوران: أشهرهما لا يصام عنه ولا يصح عن ميت صوم أصلاً، والثاني يستحب لوليه أن يصوم عنه ويبرأ به الميت ولا يحتاج إلى إطعام، وهذا القول هو الصحيح المختار الذي نعتقده، وهو الذي صححه محققو أصحابنا الجامعون بين الفقه والحديث لهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة انتهى، والله أعلم.



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣