أرشيف المقالات

من شروط الصلاة: النية

مدة قراءة المادة : 15 دقائق .
2من شروط الصلاة النية من موسوعة الإجماع
نية العمل الواجب: واتفق الفقهاء على أن نية نوع العمل الواجب لابد منها في الجملة، فلا بد أن يقصد الصلاة أو الحج أو الصيام[1].   وقد اتفق العلماء على أن العبادة المقصودة لنفسها، كالصلاة والصيام والحج لا تصح إلا بنية [2].   الجهر بالنية: الجهر بلفظ النية ليس مشروعا عند أحد من علماء المسلمين، ولا فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا فعله أحد من خلفائه و أصحابه وسلف الأمة وأئمتها، ومن ادعى أن ذلك دين الله وأنه واجب فإنه يجب تعريفه الشريعة واستتابته من هذا القول، فإن أصر على ذلك قتل[3].   أما الذي أنكر عليه إسراره بالنية فهو جاهل، فإن الجهر بالنية لا يجب ولا يستحب، لا في مذهب أبى حنيفة ولا أحد من أئمة المسلمين، بل كلهم متفقون على أنه لا يشرع الجهر بالنية، ومن جهر بالنية فهو مخطئ مخالف للسنة باتفاق أئمة الدين[4].   والجهر بالنية لا يجب ولا يستحب باتفاق المسلمين بل الجاهر بالنية مبتدع مخالف للشريعة إذا فعل ذلك معتقدا أنه من الشرع فهو جاهل ضال يستحق التعزير[5].   واتفق العلماء على أنه لا يسوغ الجهر بالنية، لا لإمام، ولا لمأموم، ولا لمنفرد، ولا يستحب تكريرها، وإنما النزاع بينهم في التكلم بها سرا هل: يكره أو يستحب؟[6].   وقال طائفة من أصحاب مالك وأحمد وغيرهم، بل لا يستحب التلفظ بالنية، لا سرا ولا جهرا، كما لا يجب باتفاق الأئمة، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لم يكونوا يتلفظون بالنية، لا سرا ولا جهرا، وهذا القول هو الصواب الذي جاءت به السنة[7].   وقد اتفق الأئمة على أن الجهر بالنية وتكريرها ليس بمشروع، بل من اعتاد ذلك، فإنه ينبغي له أن يؤدب تأديبا يمنعه عن ذلك التعبد بالبدع، وإيذاء الناس برفع صوته[8].   الجهر بالنية في الصلاة من البدع السيئة، ليس من البدع الحسنة، وهذا متفق عليه بين المسلمين، لم يقل أحد منهم أن الجهر بالنية مستحب، ولا هو بدعة حسنة، فمن قال ذلك فقد خالف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإجماع الأئمة الأربعة وغيرهم، وقائل هذا يستتاب فإن تاب وإلا عوقب بما يستحقه[9].   وأما الجهر بها فهو مكروه، منهي عنه، غير مشروع باتفاق المسلمين، وكذلك تكريرها أشد واشد، وسواء في ذلك الإمام والمأموم والمنفرد، فكل هؤلاء لا يشرع لأحد منهم أن يجهر بلفظ النية، ولا يكررها باتفاق المسلمين بل ينهون عن ذلك[10].   ولم يقل أحد من المسلمين أن صلاة الجاهر بالنية أفضل من صلاة الخافت بها، سواء كان إماما أو مأموما أو منفردا، وأما التلفظ بها سرا فلا يجب أيضا عند الأئمة الأربعة وسائر أئمة المسلمين، ولم يقل أحد من الأئمة إن التلفظ بالنية واجب، لا في طهارة ولا في صلاة، ولا صيام ولا حج، ولا يجب على المصلى أن يقول بلسانه: أصلى الصبح ولا أصلي الظهر ولا العصر ولا إماما ولا مأموما، ولا يقول بلسانه فرضا ولا نفلا، ولا غير ذلك، بل يكفى أن تكون نيته في قلبه، والله يعلم ما في القلوب وكذلك نية الغسل من الجنابة والوضوء يكفى فيه نية القلب[11].   واتفقوا على أنه لا يستحب الجهر بالنية، ولا تكرير التكلم بها، بل ذلك منهي عنه باتفاق الأئمة[12].    وأما الجهر بالنية وتكريرها فبدعة سيئة، ليست مستحبة باتفاق المسلمين؛ لأنها لم يكن يفعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا خلفاؤه الراشدون[13].    ولكن بعض المتأخرين من إتباع الأئمة زعم أن اللفظ بالنية واجب، ولم يقل إن الجهر بها واجب، ومع هذا فهذا القول خطأ صريح مخالف لإجماع المسلمين ولما علم بالاضطرار من دين الإسلام عند من يعلم سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسنة خلفائه، وكيف كان يصلى الصحابة والتابعون، فإن كل من يعلم ذلك يعلم أنهم لم يكونوا يتلفظون بالنية، ولا أمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، ولا علمه لأحد من الصحابة[14].   وإذا كان مستحضرا للنية إلى حين الصلاة أجزأ ذلك باتفاق العلماء، فإن النية لا يجب التلفظ بها باتفاق العلماء[15].   حكم صلاة المأموم إذا تبين أن الإمام كان محدثاً: ولو قدر أن الإمام صلى بلا وضوء متعمداً والمأموم لم يعلم حتى مات المأموم لم يطالب اللّه المأموم بذلك، ولم يكن عليه إثم باتفاق المسلمين[16].   أما المأموم إذا لم يعلم بحدث الإمام أو النجاسة التي عليه حتى قضيت الصلاة فلا إعادة عليه عند الشافعي، وكذلك عند مالك و أحمد إذا كان الإمام غير عالم، ويعيد وحده إذا كان محدثاً، وبذلك مضت سنة الخلفاء الراشدين فإنهم صلوا بالناس، ثم رأوا الجنابة بعد الصلاة فأعادوا، ولم يأمروا الناس بالإعادة واللّه أعلم[17].   الثالثة: في الإعادة فالمأموم لا إعادة عليه بالاتفاق مع صحة صلاته[18].   حكم صلاة المرائي: أحدهما: لا تصح الصلاة في الباطن، وإن صحت في الظاهر كحقن الدم، لأن مقصود الصلاة لم يحصل فهو شبيه صلاة المرائي، فإنه بالاتفاق لا يبرأ بها في الباطن، وهذا قول أبي عبدالله بن حامد، وأبي حامد الغزَّالي وغيرهما[19].   اشتراط النية للصلاة: وبالجملة فلا بد من النية في القلب بلا نزاع، وأما التلفظ بها سرًّا، فهل يكره أو يستحب؟ فيه نزاع بين المتأخرين[20].   محل النية: محل النية القلب دون اللسان باتفاق أئمة المسلمين في جميع العبادات: الصلاة والطهارة والزكاة والحج والصيام والعتق والجهاد وغير ذلك، ولو تكلم بلسانه بخلاف ما نوى في قلبه كان الاعتبار بما نوى بقلبه، لا باللفظ ولو تكلم بلسانه، ولم تحصل النية في قلبه لم يجزئ ذلك باتفاق أئمة المسلمين[21].   والنية محلها القلب باتفاق العلماء، فإن نوى بقلبه ولم يتكلم بلسانه أجزأته النية باتفاقهم[22].    الصلاة لا تجوز إلا بنية، لكن محل النية القلب باتفاق المسلمين، وهى القصد والإرادة، فإن نوى بقلبه خلاف ما نطق بلسانه كان الاعتبار بما قصد بقلبه، وتنازع العلماء هل يستحب أن يتكلم بما نواه؟ على قولين[23].   بل النية الواجبة في العبادات كالوضوء والغسل والصلاة والصيام والزكاة وغير ذلك محلها القلب باتفاق أئمة المسلمين[24].   و النية هي القصد والإرادة، والقصد والإرادة محلها القلب دون اللسان، باتفاق العقلاء[25].   نية الطهارة من وضوء أو غسل أو تيمم، والصلاة والصيام والحج والزكاة والكفارات وغير ذلك من العبادات لا تفتقر إلى نطق اللسان باتفاق أئمة الإسلام، بل النية محلها القلب دون اللسان باتفاقهم[26].   حكم صلاة من لم يتكلم بالنية: ولو لم يتكلم بالنية لصحت صلاته عند الأئمة الأربعة وغيرهم، ولم يخالف إلا بعض شذوذ المتأخرين[27].   والنية محلها القلب باتفاق العلماء، فإن نوى بقلبه ولم يتكلم بلسانه أجزأته النية باتفاقهم[28].   عدم وجوب التلفظ بالنية: وإذا كان مستحضرا للنية إلى حين الصلاة أجزأ ذلك باتفاق العلماء، فإن النية لا يجب التلفظ بها باتفاق العلماء[29].   إذا تلفظ بخلاف ما نوى: فلو لفظ بلسانه غلطا بخلاف ما نوى في قلبه كان الاعتبار بما نوى لا بما لفظ، ولم يذكر أحد في ذلك خلافا، إلا أن بعض متأخري أصحاب الشافعي - رحمه الله - خرج وجها في ذلك، وغلطه فيه أئمة أصحابه[30].    محل النية القلب دون اللسان باتفاق أئمة المسلمين في جميع العبادات:...
ولو تكلم بلسانه بخلاف ما نوى في قلبه كان الاعتبار بما نوى بقلبه، لا باللفظ ولو تكلم بلسانه ولم تحصل النية في قلبه لم يجزئ ذلك باتفاق أئمة المسلمين[31].   نية الطهارة من وضوء أو غسل أو تيمم والصلاة والصيام والحج والزكاة والكفارات وغير ذلك من العبادات لا تفتقر إلى نطق اللسان باتفاق أئمة الإسلام بل النية محلها القلب دون اللسان باتفاقهم[32].   الصلاة والعبادات المحضة بغير إخلاص: فلهذا كان الصحيح عندنا وعند أكثر العلماء أن هذه العبادة فاسدة لا يسقط الفرض بهذه النية وقلنا: إن عبادات المرائين الواجبة باطلة وإن السلطان إذا أخذ الزكاة من الممتنع من أدائها لم يجزه في الباطن على أصح الوجهين لكن لما كان غالب المسلمين يولد بين أبوين مسلمين يصيرون مسلمين إسلاما حكميا من غير أن يوجد منهم إيمان بالفعل ثم إذا بلغوا فمنهم من يرزق الإيمان الفعلي فيؤدي الفرائض ومنهم من يفعل ما يفعله بحكم العادة المحضة والمتابعة لأقاربه وأهل بلده ونحو ذلك: مثل أن يؤدي الزكاة لأن العادة أن السلطان يأخذ الكلف ولم يستشعر وجوبها عليه لا جملة ولا تفصيلا.
فلا فرق عنده بين الكلف المبتدعة وبين الزكاة المشروعة أو من يخرج من أهل مكة [كل] سنة إلى عرفات؛ لأن العادة جارية بذلك من غير استشعار أن هذا عبادة لله.
لا جملة ولا تفصيلا أو يقاتل الكفار لأن قومه قاتلوهم فقاتل تبعا لقومه ونحو ذلك.
فهؤلاء لا تصح عبادتهم بلا تردد بل نصوص الكتاب والسنة وإجماع الأمة قاضية بأن هذه الأعمال لا تسقط الفرض فلا يظن ظان أن قول من قال من الفقهاء: إن نية الإضافة ليست واجبة: أراد مثل هؤلاء وإنما اكتفى فيها بالنية الحكمية كما قدمناه.
ففرق بين من لم يرد الله بعمله لا جملة ولا تفصيلا وبين من أراده جملة وذهل عن إرادته بالعمل المعين تفصيلا.
فإن أحدا من الأمة لا يقول: إن الأول عابد لله ولا مؤد لما أمر به أصلا؛ وهذا ظاهر[33].


[1] مجموع الفتاوى: 26/29. [2] مجموع الفتاوى: 18/257. [3] مجموع الفتاوى: 22/236. [4] مجموع الفتاوى: 22/245،246. [5] مجموع الفتاوى: 22/218. [6] مجموع الفتاوى: 18/264. [7] مجموع الفتاوى: 22/246. [8] مجموع الفتاوى: 22/232. [9] مجموع الفتاوى: 22/233. [10] مجموع الفتاوى: 22/239. [11] مجموع الفتاوى: 22/219. [12] مجموع الفتاوى: 22/242. [13] مجموع الفتاوى: 22/235. [14] مجموع الفتاوى: 22/237. [15] مجموع الفتاوى: 22/228. [16] مجموع الفتاوى: 23/352. [17] مجموع الفتاوى: 23/369. [18] مجموع الفتاوى: 21/465. [19] مجموع الفتاوى: 22/612. [20] مجموع الفتاوى: 22/239. [21] مجموع الفتاوى: 22/217. [22] مجموع الفتاوى: 18/262. [23] مجموع الفتاوى: 22/242. [24] مجموع الفتاوى: 22/236. [25] مجموع الفتاوى: 22/236. [26] مجموع الفتاوى: 22/230. [27] مجموع الفتاوى: 22/242. [28] مجموع الفتاوى: 18/262. [29] مجموع الفتاوى: 22/228. [30] مجموع الفتاوى: 22/230. [31] مجموع الفتاوى: 22/217. [32] مجموع الفتاوى: 22/230. [33] مجموع الفتاوى: 26/31.



شارك الخبر

المرئيات-١