أرشيف المقالات

المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في الذكر

مدة قراءة المادة : 12 دقائق .
2المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في الذكر
((عَنْ زُرَارَةَ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، أَرَادَ أَنْ يَغْزُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَ عَقَارًا لَهُ بِهَا فَيَجْعَلُهُ فِي السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ [1] ويُجَاهِدُ الرُّومَ حَتَّى يَمُوتَ.
فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ لَقِيَ أُنَاسًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَنَهَوْهُ عَنْ ذَلِكَ، وَأَخْبَرُوهُ أَنَّ رَهْطًا سِتَّةً أَرَادُوا ذَلِكَ فِي حَيَاةِ نَبِيّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ نَبِيُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَالَ: ((أَلَيْسَ لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ؟))، فَلَمَّا حَدَّثُوهُ بِذَلِكَ رَاجَعَ امْرَأَتَهُ وَقَدْ كَانَ طَلَّقَهَا وَأَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا [2]، فَأَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، فَسَأَلَهُ عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ بِوِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَ: مَنْ؟ قَالَ: عَائِشَةُ رضي الله عنها.
فَأْتِهَا فَاسْأَلهَا ثُمَّ ائْتِنِي فَأَخْبِرْنِي بِرَدِّهَا عَلَيْكَ [3]، فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهَا، فَأَتَيْتُ عَلَى حَكِيمِ بْنِ أَفْلَحِ فَاسْتَلْحَقْتُهُ إِلَيْهَا [4] فَقَالَ: مَا أَنَا بِقَارِبِهَا [5] لأَنِّي نَهَيْتُهَا أَنْ تَقُولَ فِي هَاتَيْنِ الشِّيَعتَيْنِ [6] شَيْئاً فَأَبَتْ فِيهِمَا إِلَّا مُضِيًّا [7]، قَالَ: فَأَقْسَمْتُ عَلَيْهِ، فَجَاءَ فَانْطَلَقَنا إِلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها.
فَاسْتَأْذَنَّا عَلَيْهَا.
فَأَذِنَتْ لَنَا فَدَخَلْنَا عَلَيْهَا فَقَالَتْ: أَحَكِيمٌ؟ (فَعَرَفَتْهُ)، فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَتْ: مَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: سَعْدُ بْنُ هِشَامٍ.
قَالَتْ: مَنْ هِشَامٌ؟ قَالَ: ابْنُ عَامِرٍ.
فَتَرَحَّمَتْ عَلَيْهِ.
وَقَالَتْ خَيْرًا.
(قَالَ قَتَادَةُ: وَكَانَ أُصِيبَ يَوْمَ أُحُدٍ) فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ؟ قَالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ: بَلَى.
قَالَتْ: (( فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ الْقُرْآنُ [8]، قَالَ: فَهَمَمْتُ أَنْ أَقُومَ وَلَا أَسْأَلُ أَحَدًا عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أَمُوتَ، ثُمَّ بَدَا لِي، فَقُلْتُ: أَنْبِئِينِي عَنْ قِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
فَقَالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ﴾؟ قُلْتُ: بَلَى.
قَالَتْ: فَإِنَّ اللَّهَ - عز وجل - افْتَرَضَ قِيَامَ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ فَقَامَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ حَوْلًا وَأَمْسَكَ خَاتِمَتَهَا [9] اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا فِي السَّمَاءِ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ التَّخْفِيفَ فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ.
قَالَ: قُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئِينِي عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - .
فَقَالَتْ: كُنَّا نَعُدُّ لَهُ سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ، فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ [10] مَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَتَسَوَّكُ وَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لَا يَجْلِسُ فِيهَا إِلَّا فِي الثَّامِنَةِ، فَيَذْكُرُ اللَّهَ، وَيَحْمَدُهُ، وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يَنْهَضُ وَلَا يُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي التَّاسِعَةَ ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَذْكُرُ اللَّهَ، وَيَحْمَدُهُ، وَيَدْعُوهُ ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَاً يُسْمِعُنَا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ، وَهُوَ قَاعِدٌ.
فَتِلْكَ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يَا بُنَيَّ.
فَلَمَّا سَنَّ [11] نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَخَذَ اللَّحْمَ [12] أَوْتَرَ بِسَبْعٍ وَصَنَعَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِثْلَ صَنِيعِهِ الْأَوَّلِ فَتِلْكَ تِسْعٌ يَا بُنَيِّ، وَكَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَحَبَّ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهَا، وَكَانَ إِذَا غَلَبَهُ نَوْمٌ أَوْ وَجَعٌ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً.
وَلَا أَعْلَمُ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِي لَيْلَةٍ، وَلَا صَلَّى لَيْلَةً إِلَى الصُّبْحِ، وَلَا صَامَ شَهْرًا كَامِلًا غَيْرَ رَمَضَانَ، قَالَ: فَانْطَلَقْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فَحَدَّثْتُهُ بِحَدِيثِهَا، فَقَالَ: صَدَقَتْ، لَوْ كُنْتُ أَقْرَبُهَا أَوْ أَدْخُلُ عَلَيْهَا لَأَتَيْتُهَا حَتَّى تُشَافِهَنِي بِهِ.
قَالَ: قُلْتُ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهَا [13] مَا حَدَّثْتُكَ حَدِيثَهَا)
)
[14].   • عَنْ أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - قال: كَانَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ: ((الحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلاَ مُوَدَّعٍ وَلاَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، رَبَّنَا))[15].   • عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: أَمْلَى عَلَيَّ المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ - فِي كِتَابٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ [16] كُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ: ((لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ [17] مِنْكَ الجَدُّ))[18].   • عَنْ عَائِشَةَ أم المؤمنين - رضي الله عنها - قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَأَى مَا يُحِبُّ قَالَ: ((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ))، وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ قَالَ: ((الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ))[19].   • عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَقْفَلَهُ [20] مِنْ عُسْفَانَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَقَدْ أَرْدَفَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ، فَعَثَرَتْ نَاقَتُهُ، فَصُرِعَا جَمِيعًا، فَاقْتَحَمَ أَبُو طَلْحَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: ((عَلَيْكَ المَرْأَةَ))، فَقَلَبَ ثَوْبًا عَلَى وَجْهِهِ، وَأَتَاهَا، فَأَلْقَاهُ عَلَيْهَا، وَأَصْلَحَ لَهُمَا مَرْكَبَهُمَا، فَرَكِبَا وَاكْتَنَفْنَا [21] رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا أَشْرَفْنَا عَلَى المَدِينَةِ قَالَ: ((آيِبُونَ [22]، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ)) فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى دَخَلَ المَدِينَةَ)
)
[23].   • عن ربيعة بن كعب الأسلمي - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ أَبِيتُ عِنْدَ بَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأُعْطِيهِ وَضُوءَهُ فَأَسْمَعُهُ الْهَوِيَّ مِنَ اللَّيْلِ [24] يَقُولُ: ((سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ)) وَأَسْمَعُهُ الْهَوِيَّ مِنَ اللَّيْلِ يَقُولُ: ((الْحَمْدُ لله رب العالمين))[25].   • عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ: ((لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ))[26].   • عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: مَا صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلاَةً بَعْدَ أَنْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ: ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالفَتْحُ ﴾ إِلَّا يَقُولُ فِيهَا: ((سُبْحَانَكَ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي))[27].  


[1] الكراع: اسم للخيل. [2] رجعتها: بفتح الراء وكسرها، والفتح أفصح عند الأكثرين، وقال الأزهري: الكسر أفصح. [3] بردها عليك: أي: بجوابها لك. [4] فاستلحقته إليها: أي: طلبت منه مرافقته إياي في الذهاب إليها. [5] ما أنا بقاربها: يعني لا أريد قربها. [6] الشيعتين: الشيعتان الفرقتان، والمراد تلك الحروب التي جرت، يريد شيعة عليّ وأصحاب الجمل. [7] فأبت فيهما إلا مضياً: أي: فامتنعت من غير المضي، وهو الذاهب، مصدر مضى يمضي، قال تعالى: ﴿ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا ﴾ [يس: 67]. [8] فإن خلق نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان القرآن: معناه العمل به والوقوف عند حدوده والتأدب بآدابه والاعتبار بأمثاله وقصصه وتدبره وحسن تلاوته. [9] وأمسك الله خاتمتها: تعني أنها متأخرة النزول عما قبلها، وهي قوله تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ ﴾ [المزمل: 20]. [10] فيبعثه الله: أي: يوقظه، لأن النوم أخو الموت. [11] فلما سن: هكذا هو في معظم الأصول: سن، وفي بعضها: أسن، وهذا هو المشهور في اللغة. [12] وأخذه اللحم: وفي بعض النسخ: وأخذ اللحم، وهما متقاربان، والظاهر أن معناه كثر لحمه. [13] لو علمت أنك لا تدخل عليها: قال القاضي عياض: هو على طريق العتب له في ترك الدخول عليها، ومكافأته على ذلك بأن يحرمه الفائدة حتى يضطر إلى الدخول عليها. [14] مسلم (746). [15] البخاري - الفتح 9(5458). [16] دبر: خلف كل صلاة وبعدها. [17] الجد: غنى. [18] البخاري - الفتح2(844). [19] ابن ماجة (3803) واللفظ له، وفي الزوائد: إسناده صحيح، والحاكم في ((المستدرك)) (1/499)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وصححه وأقره الذهبي، والبغوي في ((شرح السنة)) (5/180) وقال محققه: حسن بشواهده. [20] مقفلة: وقت رجوعه. [21] اكتنفنا: أي أحطنا به. [22] آيبون: راجعون إلى الله عن ذنوبنا وخطايانا، وراجعون عائدون إلى منازلنا. [23] البخاري - الفتح 6(3085). [24] الهوى من الليل: يعني الحين الطويل من الليل. [25] الترمذي (3416)، وقال: هذا حديث حسن صحيح. [26] مسلم (2730). [27] البخاري - الفتح 8(4967) واللفظ له، ومسلم (484).



شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢