أرشيف المقالات

منزلة أشهر الأحاديث المروية في فضائل سورة ( يس ) في ميزان أئمة النقد

مدة قراءة المادة : 19 دقائق .
2منزلة أشهر الأحاديث المروية في فضائل سورة (يس) في ميزان أئمة النقد
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.   أما بعد: فهذا بحث مختصر غير مستوعب في بيان درجة أشهر الأحاديث المروية في فضائل سورة ﴿يس﴾ في ميزان أئمة النقد.   والسبب في نشر هذا البحث تبصير المسلمين وتنبيههم؛ حتى لا يغتروا في العمل بهذه الأحاديث معتقدين صحتها، ومن ثَمَّ تركها والتحذير منها لإغلاق باب البدع، والخرافات والاعتقادات الباطلة التي تحتوي على هذه الأحاديث، سائلاً المولى أن ينفع به المسلمين، إنه سميع قريب مجيب.   1) عن معقل بن يسار مرفوعًا: "اقرؤوا يس على موتاكم ".
تخريجه: أخرجه أبو داود في "سننه "(3121)، وابن ماجه (1448)، وأحمد في "مسنده "(20316)، وابن حبان في "صحيحه "(3002)، والحاكم (1565)، وابن أبي شيبة (474)، والطيالسي (931)، والطبراني في "معجم الكبير "(510)، والبيهقي في سننه (10913) و"شعب الإيمان "(2457)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة "(1074-1075)، والبغوي في "تفسيره "(130) والمنذري في "الترغيب والترهيب "(2262) عن أبي عثمان - وليس بالنهدي - عن أبيه عن معقل بن يسار به.   وأورده القرطبي في "تفسيره "(515) بدون إسناد عن معقل بن يسار. درجته: ضعيف جدًّا.   قال الشيخ الألباني في "الإرواء "(3151) وقال الحاكم: "أوقفه يحيى بن سعيد وغيره عن سليمان التيمي والقول فيه قول ابن المبارك إذ الزيادة من الثقة مقبولة "، ووافقه الذهبي.
قلت: هو كما قالا: أن القول فيه قول ابن المبارك ولكن للحديث علة أخرى قادحة أفصح عنها الذهبي نفسه في "الميزان "فقال في ترجمة أبي عثمان هذا: (عن أبيه عن أنس لا يعرف قال ابن المديني: لم يرو عنه غير سليمان التيمي، قلت: أما النهدي فثقة إمام "، قلت: وتمام كلام ابن المديني: "وهو مجهول "، وأما ابن حبان، فذكره في "الثقات "(2 / 326) على قاعدته في تعديل المجهولين! ثم إن في الحديث علة أخرى وهي الاضطراب فبعض الرواة يقول: "عن أبي عثمان عن أبيه عن معقل "وبعضهم: عن أبي عثمان عن معقل لا يقول: "عن أبيه" وأبوه غير معروف أيضًا! فهذه ثلاث علل: 1- جهالة أبي عثمان. 2- جهالة أبيه. 3- الاضطراب.
وقد أعله بذلك ابن القطان كما في "التلخيص" (153) وقال: "ونقل أبو بكر بن العربي عن الدارقطني أنه قال: هذا حديث ضعيف الإسناد مجهول المتن ولا يصح في الباب حديث ".   وقال ابن حجر: أعله ابن القطان بالاضطراب وبالوقف وبجهالة حال رواية أبي عثمان وأبيه ويسمى بالنهدي، ونقل ابن العربي عن الدارقطني أنه حديث ضعيف الإسناد مجهول المتن، وقال: لا يصح في الباب حديث [1].   قلت: وفيه علة أخرى وهو الراوي المبهم بين أبي عثمان وأبيه؛ حيث قال: عن رجل عن أبيه؛ كما في إحدى روايات أحمد (20315)، ولكن الطبراني أسقط الإبهام في روايته، والحديث بهذه العلة ضعفه الشوكاني (4509) والقرطبي (515) وابن كثير (157) في تفاسيرهم.   2- عن علي - رضي الله عنه - مرفوعًا: "اقرؤوا يس فإن فيها عشر بركات، ما قرأها جائع إلا شبع، وما قرأها عار إلا اكتسى، وما قرأها أعزب إلا تزوج، وما قرأها خائف إلا أمن، وما قرأها محزون إلا فرح، وما قرأها مسافر إلا أعين على سفره، وما قرأها رجل ضلت له ضالة إلا وجدها، وما قرئت على ميت إلا خفف عنه، وما قرأها عطشان إلا روي، وما قرأها مريض إلا برئ".   تخريجه: أورده: علي بن حسام الدين المتقي الهندي في "كنز العمال "(2685)، والفتني في "تذكرة الموضوعات" (80)، والشوكاني في "الفوائد المجموعة "(332). درجة الحديث: موضوع. في سنده مسعدة بن اليسع الباهلي البصري وهو كذَّاب. قال أحمد: ليس بشيء، خرقنا حديثه، وتركنا حديثه منذ دهر. قال أبو حاتم: هو ذاهب، منكر الحديث لا يشتغل به [2]. وكذبه أبو داود وغيره من المحدثين وكذا الفتني والشوكاني.   3- "إن في القرآن سورة تشفع لقارئها وتستغفر لمستمعها: ألا وهي سورة يس".
قلت: الراوي والسند غير معروف.

تخريجه: ذكره أبو مسعود في تفسيره (7183) وكذا الزمخشري في تفسيره (11056) بدون إسناد.
درجة الحديث: باطل.

4- عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن في القرآن لسورة تدعى العظيمة عند الله، يدعى صاحبها الشريف عند الله يشفع صاحبها يوم القيامة في أكثر من ربيعة ومضر وهي سورة يس".

تخريج الحديث: أخرجه أبو نصر السجزي في "الإبانة" كما في "الدر المنثور" (740) للسيوطي، و"روح المعاني" للألوسي (22209).

درجة الحديث: حسنه السجزي كما نقله عنه السيوطي في تفسيره، وقال علي بن حسام الدين المتقي الهندي في "كنز العمال" (18232362): وليس في إسناده إلا مقبول ثقة عن الحكيم عن محمد بن علي (الباقر) مرسلاً.

قلت: وإسناد محمد الباقر ضعيف بسببين: 1) لأنه مرسل.
2) في سنده أصرم بن حوشب ضعَّفه الأئمة.
  5) أخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن حسان بن عطية أن رسول الله قال سورة يس تدعى في التوراة المعمة تعم صاحبها بخير الدنيا والآخرة وتكابد عنه بلوى الدنيا والآخرة وتدفع عنه أهاويل الدنيا والآخرة وتدعى المدافعة القاضية تدفع عن صاحبها كل سوء وتقضي له كل حاجة الخبر وتعقبه البيهقي فقال: تفرد به محمد بن عبدالرحمن بن أبي بكر الجدعاني عن سليمان بن دفاع وهو منكر.   تخريجه: أورده القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن "عن عائشة (515)، وخطيب البغدادي رواه عن أنس كما في " "الدر المنثور "للسيوطي (738)، وابن الضريس وابن مردويه والخطيب والبيهقي عن أبي بكر الصديق كما في "فتح القدير "(4509)، للشوكاني، وسعيد بن منصورعن حسان بن عطية كما في "روح المعاني "(22209) للألوسي، والعقيلي في "الضعفاء "(2143637) عن على بن المبارك الصنعاني قال حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال حدثني محمد بن عبدالرحمن بن أبى بكر الجدعاني، قال: حدثنا سليمان بن مرقاع الجندعي، عن مجاهد، عن عائشة به مرفوعًا.

درجة الحديث: منكر موضوع، وأسبابه كالآتي: • أما طريق أبي بكر - رضي الله عنه - إسناده لا يصح وهو ضعيف، قاله القرطبي في تفسيره.

• طريق عائشة -رضي الله عنها- تفرد به عبدالرحمن بن أبي بكر الجدعاني عن سليمان بن رافع الجندي وهو منكر، قاله البيهقي.

وقال العقيلي: عبدالرحمن بن أبي بكر الجدعاني وسليمان بن رافع الجنديكلاهما منكران ولا يتابع عليهما ولا يعرفان إلا به.   قال الشوكاني في "فتح القدير" (4509): وهذا الحديث هو الذي تقدمت الإشارة إلى ضعف إسناده ولا يبعد أن يكون موضوعًا؛ فهذه الألفاظ كلها منكرة بعيدة عن كلام من أوتي جوامع الكلم.

وقال في "الفوائد المجموعة" (ص301، ح12): وهو موضوع اتهم بوضعه محمد بن عبد بن عامر السمرقندي وقد رواه العقيلي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه مرفوعًا، وفي إسناده محمد بن عبدالرحمن بن أبي بكر الجدعاني وهو متروك، وقد أخرجه البيهقي في الشُّعَب من طريقه وفي إسناده مجاهيل وضعفاء.

قلت: يكفي دليلاً على وضعه الاضطراب الشديد من الرواة في روايته، تارة يروونه عن أبي بكر، تارة عن عائشة، تارة عن أنس، وتارة عن حسان بن عطية.

6) عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: "ان الله تبارك وتعالى قرأ طه ويس قبل أن يخلق السموات والأرض بألفي عام، فلما سمعت الملائكة القرآن قالت: طوبى لأمة ينزل عليها هذا، وطوبى لأجواف تحمل هذا وطوبى لألسنة تتكلم بهذا.

تخريجه: أخرجه الدارمي في "سننه" (2456)، والطبراني في "الأوسط" (51334876)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (24762450)، وابن خزيمة في "التوحيد" عن طريق إبراهيم بن المنذر الحزامي، قال: حدثنا إبراهيم بن المهاجر بن مسمار، قال: حدثنا عمر بن حفص بن ذكوان، عن مولى الحرقة، عن أبي هريرة به.

درجة الحديث: ضعيف جدًّا وفيه علتان: الأولى: فيه إبراهيم بن المهاجر بن مسمار، قال البخاري: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: منكر الحديث وليس بالمتروك؛ (تاريخ الكبير: 1327) والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2133).

والثانية: قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد تفرَّد به إبراهيم بن المنذر.   قلت: وهو صَدوق تكلم فيه.
وضعف الحديث العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء "(1121، ح5)، والألباني في "الصحيحة "(1248).

7- عن أُبَي بن كعب - رضي الله عنه.
"إن لكل شيء قلبًا، وقلب القرآن يس، وأيما مسلم قرأها يريد بها وجه الله؛ غفر الله له وأعطي من الأجر كأنما قرأ القرآن اثنتين وعشرين مرة، وأيما مسلم قرئ عنده إذا نزل به ملك الموت سورة يس، نزل بكل حرف منها عشرة أملاك، يقومون بين يديه صفوفًا يصلون عليه، ويستغفرون له، ويشهدون غسله، ويشيعون جنازته، ويصلون عليه، ويشهدون دفنه، وأيما مسلم قرأ يس وهو في سكرات الموت، لم يقبض ملك الموت روحه حتى يجيئه رضوان بشربة من الجنة، فيشربها وهو على فراشه، فيقبض روحه وهو ريان ويمكث في قبره وهو ريان، ولا يحتاج إلى حوض من حياض الأنبياء، حتى يدخل الجنة وهو ريان".
تخريجه: أخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" (21301036) عن أبي محمد عبدالرحمن بن محمد الأدفوي ثنا أبو الطيب أحمد بن سليمان الجريري إجازة أبنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري حدثني زكريا بن يحيى ثنا شبابة ثنا مخلد بن عبدالواحد عن علي بن زيد بن جدعان وعطاء بن أبي ميمونة عن زر بن حبيش عن أبي بن كعب به مرفوعًا.

وكذا أورده البيضاوي في "تفسيره" (1433)، والزمخشري في "الكشاف" (11056)، والنسفي في "تفسيره"(416).
درجة الحديث: موضوع.
قال القاضي زكريا في حاشيته: إنه موضوع [3].   8- عن أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن لكل شيء قلبًا، وقلب القرآن يس، ومن قرأ يس كتب الله له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات)).

قال الترمذي: هذا حديث غريب وفيه هارون أبو محمد شيخ مجهول، قال أبو بكر بن العربي: حديثها ضعيف.
أخرجه: الترمذي (2887) من طريق قتيبة وسفيان بن وكيع، قالا: حدثنا حميد بن عبدالرحمن الرؤاسي عن الحسن بن صالح عن هارون أبي محمد عن مقاتل بن حيان عن قتادة عن أنس به والدارمي (3416) عن محمد بن سعيد ثنا حميد بن عبدالرحمن عن الحسن بن صالح عن هارون أبي محمد عن مقاتل بن حيان عن قتادة عن أنس، وعبدالرزاق في "مصنفه" (6009) عن معمر قال: سمعت رجلاً يحدث أن لكل شيء قلبًا، وقضاعي في "مسند الشهاب" (1035) عن أبي محمد عبدالرحمن بن عمر النحاس ثنا أحمد بن إبراهيم بن جامع ثنا علي بن عبدالعزيز ثنا قتيبة بن سعيد ثنا حميد بن عبدالرحمن عن حسن بن صالح عن هارون أبي محمد عن مقاتل بن حيان عن قتادة عن أنس، والمزي في "تهذيب الكمال" (الترجمة: 6533) عن هارون أبو محمد روى عن مقاتل بن حيان وابن حجر في "تهذيب التهذيب" (1115) بسند الترمذي "الإتقان في علوم القرآن" (24115920)، وعلي بن حسام الدين المتقي الهندي في "كنز العمال (2624)، و"كشف الخفا "(709)، والمنذري في "التغيب والترهيب"(2263).
درجته: موضوع.
انظر "صحيح الجامع" (1935)، و"مشكاة المصابيح" (2147)، و"ضعيف الترغيب والترهيب" (885)، والضعيفة" (169)، وضعيف الترمذي" (543).
9- عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من داوم على قراءة يس كل ليلة، ثم مات، مات شهيدًا.
تخريجه: أخرجه الطبراني في "الأوسط" (7018) عن محمد بن نصر نا محمد بن حفص الأوصابي نا سعيد بن موسى الأزدي ثنا رباح بن زيد الصنعاني عن معمر عن الزهري عن أنس، و"الصغير "(1010) عن محمد بن موسى القطان الهمداني ببغداد مموس حدثنا محمد بن حفص الأنصاري الحمصي حدثنا سعيد بن موسى الأزدي الحمصي حدثنا رباح بن زيد الصنعاني عن معمر عن الزهري عن أنس، والخطيب البغدادي في "تاريخ" (3245) عن محمد بن موسى به، وابن مردويه؛ كما في الدر المنثور (738).

وأورده أيضًا الهيثمي والسيوطي في "الد المنثور" (738)، و"الإتقان في علوم القرآن" (24115922)، والشوكاني في "فتح القدير "(4509). درجته: ضعيف جدًّا.
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن الزهري إلا معمر ولا عن معمر إلا رباح ولا عن رباح إلا سعيد بن موسى تفرد به بن حفص [4].   قال السيوطي: سنده ضعيف [5].
قال الهيثمي: وفيه سعيد بن موسى الأزدي وهو كذَّاب [6].


[1] فيض القدير للمناوي (2671344). [2] التاريخ الكبير للبخاري (826). [3] كشف الخفا (3213). [4] المعجم الأوسط (7116). [5] الدر المنثور (738). [6] مجمع الزوائد (721811298).



شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢