أرشيف المقالات

تفسير: (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون)

مدة قراءة المادة : 7 دقائق .
2تفسير قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ﴾ سورة البقرة - الآية: 14   إعراب مفردات الآية [1]: (الواو) عاطفة (إذا) ظرفيّة شرطيّة غير جازمة متعلقة بالجواب قالوا.
(لقوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ وفاعله (الذين) اسم موصول في محلّ نصب مفعول به (آمنوا) فعل ماض وفاعله (قالوا) مثل آمنوا.
(آمنّا) فعل ماض مبني على السكون و(نا) ضمير متّصل في محلّ رفع فاعل.
(الواو) عاطفة (إذا) سبق إعرابه (خلوا) فعل ماض مبني على الضمّ المقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين و(الواو) فاعل.
(إلى شياطين) جارّ ومجرور متعلّق ب (خلوا) و(هم) ضمير متّصل في محل جرّ مضاف إليه.
(قالوا) مثل آمنوا (إنّ) حرف مشبّه بالفعل للتوكيد و(نا) ضمير متّصل في محلّ نصب اسم إنّ (مع) ظرف مكان منصوب متعلّق بمحذوف خبر إنّ (الكاف) ضمير متّصل في محلّ جرّ مضاف إليه و(الميم) حرف لجمع الذكور.
إنّما نحن مستهزءون سبق إعراب نظيرها في الآية (11): إنما نحن مصلحون.اهـ.   روائع البيان والتفسير ﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا ﴾ قال أبو جعفر الطبري في تفسيرها ما نصه: "وهذه الآية نظيرة الآية الأخرى التي أخبر الله جلّ ثناؤه فيها عن المنافقين بخداعهم الله ورسولَه والمؤمنين، فقال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ ﴾.
ثم أكْذَبهم تعالى ذكره بقوله: ﴿ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ﴾، وأنهم بقيلهم ذلك يخُادعون الله والذين آمنوا.
وكذلك أخبر عنهم في هذه الآية أنهم يقولون - للمؤمنين المصدِّقين بالله وكتابه ورسوله - بألسنتهم: آمنا وصدَّقنا بمحمد وبما جاء به من عند الله، خِداعًا عن دمائهم وأموالهم وذَرَاريهم، ودرءًا لهم عنها [2]   ﴿ وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ ﴾: قال القرطبي في تأويلها بتصرف يسير: "قيل: المعنى وإذا خلوا من المؤمنين إلى شياطينهم، ف ﴿ إِلَى ﴾ على بابها.
والشياطين جمع شيطان على التكسير.ثم قال: واختلف المفسرون في المراد بالشياطين هنا، فقال ابن عباس والسدي[3]: هم رؤساء الكفر وقال جمع من المفسرين: هم الكهان.
ولفظ الشيطنة الذي معناه البعد عن الايمان والخير يعم جميع من ذكر.
والله أعلم.اهـ[4]   • وزاد ابن العثيمين في تفسيره لها بياناً شافياً فقال - رحمه الله -: قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ ﴾ ؛ ضُمِّن الفعل هنا معنى "رجعوا"؛ ولذلك عُدِّي بـ﴿ إِلَى ﴾، لكن عُدِّي بالفعل ﴿ خَلَوْا ﴾ ليكون المعنى: رجعوا خالِين بهم؛ والمراد بـ﴿ شَيَاطِينِهِمْ ﴾ كبراؤهم؛ وسمي كبراؤهم بـ "الشياطين" لظهور تمردهم؛ وقد قيل: إن "الشيطان" كل مارد؛ أي كل عاتٍ من الجن، أو الإنس، أو غيرهما: شيطان؛ وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الكلب الأسود بأنه شيطان؛ وليس معناه شيطان الجن؛ بل معناه: الشيطان في جنسه: لأن أعتى الكلاب، وأشدها قبحاً هي الكلاب السود؛ فلذلك قال صلى الله عليه وسلم: "الكلب الأسود شيطان"؛ ويقال للرجل العاتي: هذا شيطان بني فلان.
أي مَريدهم، وعاتيهم..
اهـ[5]   ﴿ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ﴾ قال السعدي - رحمه الله - في تفسيرها: "هذا من قولهم بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، وذلك أنهم إذا اجتمعوا بالمؤمنين، أظهروا أنهم على طريقتهم وأنهم معهم، فإذا خلوا إلى شياطينهم - أي: رؤسائهم وكبرائهم في الشر - قالوا: إنا معكم في الحقيقة، وإنما نحن مستهزءون بالمؤمنين بإظهارنا لهم، أنا على طريقتهم، فهذه حالهم الباطنة والظاهرة، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.
اهـ[6]


[1] انظر الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ) نشر: دار الرشيد مؤسسة الإيمان – دمشق( 1/55). [2] جامع البيان في تأويل القرآن لأبي جعفر الطبري، تحقيق أحمد محمد شاكر- الناشر: مؤسسة الرسالة (1 / 296 /348). [3] السدي إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة الإمام المفسر أبو محمد الحجازي ثم الكوفي الأعور.
السدي أحد موالي قريش حدث عن أنس بن مالك وابن عباس وعبد خير الهمداني ومصعب بن مسعد وأبي صالح باذام ومرة الطيب وأبي عبد الرحمن السلمي وعدد كثير حدث عنه شعبة وسفيان الثوري وزائدة وإسرائيل والحسن بن حي وأبو عوانة والمطلب بن زياد وأسباط بن نصر وأبو بكر بن عياش وآخرون وورد عنه أنه رأى أبا هريرة والحسن بن علي قال النسائي صالح الحديث وقال يحيى بن سعيد القطان لا بأس به وقال أحمد بن حنبل ثقة وقال مرة مقارب الحديث وقال يحيى بن معين ضعيف وقال أبو زرعة لين وقال أبو حاتم يكتب حديثه وقال ابن عدي هو عندي صدوق وقيل كان السدي عظيم اللحية جدا ,قال خليفة بن خياط مات إسماعيل السدي في سنة سبع وعشرين ومئة قلت أما السدي الصغير فهو محمد بن مروان الكوفي أحد المتروكين كان في زمن وكيع-نقلا عن سير أعلام النبلاء للذهبي بتصرف (5/265). [4] الجامع لأحكام القرآن للقرطبي- الناشر: دار الكتب المصرية – القاهرة (1/207). [5] تفسير العلامة محمد العثيمين -مصدر الكتاب: موقع العلامة العثيمين (3 /26). [6] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي- الناشر: مؤسسة الرسالة (1 /43). خَلَوْا



شارك الخبر

مشكاة أسفل ٣