أرشيف المقالات

تفسير: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر)

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
2تفسير قوله تعالى ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ (سورة البقرة: الآية 34)   إعراب مفردات الآية [1]: الواو استئنافيّة ﴿ إذ قلنا للملائكة ﴾ سبق إعراب نظيرها ﴿ اسجدوا ﴾ فعل أمر وفاعله.
﴿ لآدم ﴾ جار ومجرور متعلّق ب (اسجدوا)، وعلامة الجرّ الفتحة لامتناعه من الصرف للعلميّة والعجمة الفاء استئنافيّة ﴿ سجدوا ﴾ فعل ماض وفاعله ﴿ إلا ﴾ أداة استثناء ﴿ إبليس ﴾ مستثنى ب ﴿ إلا ﴾ منصوب ممتنع من التنوين للعلمية والعجمة.
﴿ أبى ﴾ فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي إبليس الواو عاطفة ﴿ استكبر ﴾ فعل ماض والفاعل ضمير مستتر تقديره هو الواو اعتراضيّة أو حاليّة (كان) فعل ماض ناقص واسمه ضمير مستتر تقديره هو ﴿ من الكافرين ﴾ جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر كان، وعلامة الجرّ الياء.
اهـ   روائع البيان والتفسير: ﴿ وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ﴾: قال الشنقيطي - رحمه الله: لم يبين هنا هل قال لهم ذلك قبل خلق آدم أو بعد خلقه؟ وقد صرح في سورة «الحجر» و «ص» بأنه قال لهم ذلك قبل خلق آدم.
فقال في «الحجر»: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴾ [الحجر: 28، 29]، وقال في سورة «ص»: ﴿ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴾ [ص: 71، 72]..[2]   ﴿ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ ﴾ قال السعدي في تفسير ها: ثم أمرهم تعالى بالسجود لآدم؛ إكراما له وتعظيما؛ وعبودية لله تعالى، فامتثلوا أمر الله؛ وبادروا كلهم بالسجود، ﴿ إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ ﴾ [البقرة: 34] امتنع عن السجود؛ واستكبر عن أمر الله وعلى آدم، قال: ﴿ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا ﴾ [الإسراء: 61] وهذا الإباء منه والاستكبار؛ نتيجة الكفر الذي هو منطو عليه؛ فتبينت حينئذ عداوته لله ولآدم وكفره واستكباره.اهـ[3]   ﴿ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ قال ابن العثيمين -رحمه الله- في تفسيرها: زعم بعض العلماء أن المراد: كان من الكافرين في علم الله بناءً على أن ﴿ كان ﴾ فعل ماضٍ؛ والماضي يدل على شيء سابق؛ لكن هناك تخريجاً أحسن من هذا: أن نقول: إن "كان" تأتي أحياناً مسلوبة الزمان، ويراد بها تحقق اتصاف الموصوف بهذه الصفة؛ ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وكان الله غفوراً رحيماً ﴾ [النساء: 96]، وقوله تعالى: ﴿ وكان الله عزيزاً حكيماً ﴾ [النساء: 158]، وقوله تعالى: ﴿ وكان الله سميعاً بصيراً ﴾ [النساء: 134]، وما أشبهها؛ هذه ليس المعنى أنه كان فيما مضى؛ بل لا يزال؛ فتكون ﴿ كان ﴾ هنا مسلوبة الزمان، ويراد بها تحقيق اتصاف الموصوف بما دلت عليه الجملة؛ وهذا هو الأقرب، وليس فيه تأويل؛ ويُجرى الكلام على ظاهره..
اهـ[4].


[1] انظر الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبدالرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ) نشر: دار الرشيد مؤسسة الإيمان - دمشق( 1/102 ). [2] أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشنقيطي الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت - لبنان (1 / 33 ). [3] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبدالرحمن بن ناصر السعدي- الناشر: مؤسسة الرسالة ( 1/48 ). [4] تفسير العلامة محمد العثيمين - مصدر الكتاب: موقع العلامة العثيمين (3 / 83).



شارك الخبر

ساهم - قرآن ١