إذا تسابق اثنان واتفقا على شرط
مدة
قراءة المادة :
8 دقائق
.
2إذا تسابق اثنان واتفقا على شرط
صورة المسألة: أن يتسابق اثنان على عوض ويتفقا على شرط: أن يطعم السابق العوض أصحابه أو غيرهم، فهل يصح أو لا؟ محل خلاف بين العلماء. اختيار ابن تيمية: اختار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - جواز ذلك، خلافاً للمشهور من مذهب الحنابلة [1]. أقوال العلماء في المسألة: القول الأول: يفسد الشرط والعقد. وهذا مذهب الشافعي [2]، وأحد الوجهين عند الحنابلة [3]. القول الثاني: يفسد الشرط دون العقد. وهو وجه ثانٍ عند الحنابلة [4]، ونسب للحنفية [5]. القول الثالث: يصح العقد والشرط. وهو مذهب المالكية [6]، وقياس مذهب الحنفية [7]، واختيار ابن تيمية. أدلة القول الأول: 1- قالوا: لأنه تمليك بشرط يمنع كمال التصرف، فصار كما لو باعه شيئاً بشرط أن لا يبيعه [8]. ونوقش: أ- أن ذلك يلزم منه منع المحلل على مذهبكم، وأنتم لا تسلمون بذلك. ب- لا نسلم منع هذا الشرط في البيع، بل هو جائز. 2- قالوا: يفسد العقد؛ لأنه بذل العوض لهذا الغرض، فإذا لم يحصل له غرضه لا يلزمه العوض [9]. أدلة القول الثاني: 1- قالوا: شرط ينافي مقتضى العقد فيبطل الشرط دون العقد، إذ لا مفسد للعقد. 2- أنه عوض على عمل، فلا يستحقه غير العامل، كالعوض في رد الآبق [10]. 3- قالوا: ولا يفسد لأنه عقد لا تقف صحته على تسمية بدل، فلم يفسد بالشرط الفاسد كالنكاح [11]. 4- أنه عقد صحيح تم بأركانه وشروطه، فإذا أسقطنا الشرط الفاسد بقي العقد صحيحاً [12]. أدلة القول الثالث: 1- أنه مما يعين على الرمي، وما كان كذلك جاز [13]. 2- أنه تبرع به بطيب نفس منه، ولم يجبره أحد على ذلك، وكان بوسعه ترك العقد، وما كان برضا فيجوز. 3- أنه موافق لمقصود الشارع في الرمي ونحوه من تشجيع الراميين، والحضور على هذه الأعمال ومكافأة الجميع. 4- أن الأصل في الشروط الصحة ما لم يرد دليل على البطلان. الترجيح: والراجح - والله أعلم - هو القول الثالث: 1- لقوة أدلته وظهورها. 2- ضعف أدلة المخالفين. 3- موافقته لمقصود الشارع في مشروعية السبق. 4- موافقته للأصل والقاعدة في الشروط والعقود من الأصل فيها الصحة والإباحة، ولزوم الوفاء بها.
والله أعلم.
[1] انظر: الاختيارات: (160)، المستدرك: (4/ 58)، الفروع: (4/ 463)، المبدع: (5/ 128-129)، الإنصاف: (6/ 94)، حاشية ابن قاسم: (5/ 355). [2] انظر: الأم: (8/ 395)، تحفة المحتاج: (9/ 401)، نهاية المحتاج: (8/ 167)، أسنى المطالب: (4/ 231)، مغني المحتاج: (4/ 397)، تحفة الحبيب: (2/ 351). [3] انظر: الفروع: (4/ 463)، المبدع: (5/ 128-129). [4] انظر: الفروع: (4/ 463)، المبدع: (5/ 128-129). [5] وممن نسبه لهم: ابن قدامة وابن القيم، ولم أعثر عليه في كتبهم بعد البحث الطويل.
انظر: المغني: (8/ 410)، الفروسية: (379)، وقياس مذهبهم كما سيأتي خلاف ذلك. [6] انظر: أحكام القرآن لابن العربي: (3/ 40)، البروق: (3/ 3)، حاشية الخرشي: (3/ 55)، الفواكه الدواني: (2/ 350)، حاشية الصاوي: (2/ 325)، منح الجليل: (3/ 236)، حاشية الدسوقي: (2/ 209)، التاج والإكليل: (4/ 609). [7] إذ الضابط عندهم: أن ما شابه القمار حرم، وما خرج عن شبه القمار فالقياس جوازه.
انظر: تبيين الحقائق: (6/ 227)، البحر الرائق: (6/ 554)، حاشية ابن عابدين: (6/ 805). [8] انظر: مغني المحتاج: (4/ 397)، تحفة الحبيب: (2/ 351). [9] انظر: المغني: (13/ 410)، المبدع: (5/ 128-129). [10] انظر: المغني: (13/ 410). [11] انظر: المغني: (13/ 410). [12] انظر: المغني: (13/ 410). [13] انظر: الاختيارات: (160)، الفروع: (4/ 463)، الإنصاف: (6/ 94).