أرشيف المقالات

تفسير سورة الأنبياء للناشئين (الآيات 36 - 92)

مدة قراءة المادة : 17 دقائق .
2تفسير سورة الأنبياء للناشئين ( الآيات 36 - 92 )   معاني المفردات من (36) إلى (47) من سورة «الأنبياء»: ﴿ إن يتخذونك إلا هزوًا ﴾: أي محل استهزاء. ﴿ من عجل ﴾: استعجال. ﴿ آياتي ﴾: انتقامي. ﴿ لا يكفُّون ﴾: لا يمنعون. ﴿ بغتة ﴾: فجأة. ﴿ فتبهتهم ﴾: فتدهشهم. ﴿ ينظرون ﴾: يؤخرون. ﴿ فحاق ﴾: فأحاط. ﴿ يكلؤكم ﴾: يحرسكم. ﴿ من الرحمن ﴾: من انتقامه. ﴿ يصحبون ﴾: ينصرون. ﴿ هؤلاء ﴾: المشركين. ﴿ أفلا يرون ﴾: أفلا ينظرون. ﴿ ننقصها من أطرافها ﴾: بتسليط المسلمين عليها. ﴿ أفهم الغالبون ﴾: إنهم مغلوبون. ﴿ أنذركم ﴾: أخوفكم. ﴿ بالوحي ﴾: بوحي من الله. ﴿ نفحة ﴾: دفعة قليلة. ﴿ ونضع الموازين القسط ﴾: ونقيم الموازين العادلة. ﴿ مثقال حبة ﴾: وزن أقل شيء. ﴿ وكفى بنا حاسبين ﴾: يعني لا يفوتنا شيء.   مضمون الآيات الكريمة من (36) إلى (47) من سورة «الأنبياء»: 1 - في هذه الآيات عودة إلى الحديث عن الكفار الذين يواجهون الرسول صلى الله عليه وسلم بالسخرية والاستهزاء.
وهم يستعجلون العذاب إنكارًا واستهزاءً، والعذاب قريب منهم وهم لا يشعرون.   2 - ثم تعرض مشهدًا من مشاهد القيامة حين يعجز الكافرون عن منع النار من أن تحرق وجوههم وأبدانهم، وحين لا يجدون ناصرًا، وحين تأتيهم الساعة فجأة فلا يستطيعون ردَّها، ولن يمهلوا للعمل مرة أخرى.   3 - ثم تلفت الأنظار إلى ما أصاب المستهزئين بالرسل من قبل وكيف أصابهم العذاب والهلاك، وتقرر أنه ليس للكافرين من الله من عاصم، ومع ذلك فهم معرضون منصرفون عن ذكر ربهم، وهذه الآلهة التي يعبدونها من دون الله عاجزة لا تستطيع أن تمنع عنهم العذاب.   4 - ثم توجِّه الآيات القلوب إلى تأمل قدَّرة الله عز وجل وهي تنقص الأرض من أطرافها وتطوي رقعتها، وتعزّ من كان ذليلاً، وتذل من كان عزيزًا.   5 - ثم تطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول لهؤلاء المعاندين المستهزئين من المشركين: إنما أنا مبلغ عن الله ما خوفتكم به من العذاب، وما حذرتكم من العقاب، كل ذلك بوحي من الله عز وجل وليس من عند نفسي، ولكن لا يفيد هذا الإنذار من أعمى الله بصيرته، وختم على قلبه.   6 - ثم توضِّح الآيات أن هؤلاء المكذِّبين إذا مسَّهم أقل شيء من عذاب الله فسوف يعترفون بذنوبهم، ويندمون حيث لا ينفع الندم حينما يضع الله عز وجل الموازين بالعدل لجميع الأعمال يوم القيامة.   دروس مستفادة من الآيات الكريمة من (36) إلى (47) من سورة «الأنبياء»: 1 - سخافة عقول الكفار؛ لأنهم يعبدون ما لا ينفع ولا يضر، وهم مع ذلك يستهزئون بالحق. 2 - الله عز وجل يمهل الظالمين حتى إذا أخذهم لم يفلتهم. 3 - المتاع الزائد والترف المفرط يفسد القلب ويبلد الحس، وينتهي إلى عمى البصيرة دون تأمل آيات الله. 4 - من عدل الله عز وجل وفضله ورحمته: أنه لا ينقص من إحسان المحسنين شيئًا، بل يزيدهم ويضاعف أجرهم، ولا يزيد على إساءة المسيئين وإنما يجزى بالمثل.   معاني المفردات من (48) إلى (92) من سورة «الأنبياء»: ﴿ الفرقان ﴾: التوراة. ﴿ وضياء وذكرًا ﴾: هدًى وموعظة. ﴿ يخشون ربهم ﴾: يخافونه. ﴿ الساعة ﴾: القيامة. ﴿ مشفقون ﴾: خائفون. ﴿ وهذا ﴾: القرآن. ﴿ مبارك ﴾: كثير النفع. ﴿ أفأنتم له منكرون ﴾: هل أنتم مكذبون. ﴿ رشده ﴾: هداه. ﴿ التماثيل ﴾: الأصنام. ﴿ عاكفون ﴾: مقيمون لعبادتها. ﴿ مبين ﴾: ظاهر. ﴿ فطرهن ﴾: خلقهن. ﴿ وتالله ﴾: والله. ﴿ لأكيدن أصنامكم ﴾: لأكسرنها. ﴿ بعد أن تولوا مدبرين ﴾: بعد أن تذهبوا عنها. ﴿ جذاذًا ﴾: قطعًا. ﴿ لهم ﴾: للأصنام. ﴿ إليه ﴾: إلى الصنم الكبير. ﴿ يذكرهم ﴾: يعيبهم. ﴿ قالوا ﴾: نمرود وقومه. ﴿ فأتوا به ﴾: أحضروه. ﴿ على أعين الناس ﴾: أمامهم. ﴿ يشهدون ﴾: يعرفوا جرمه. ﴿ كبيرهم هذا ﴾: الصنم. ﴿ الظالمون ﴾: بالشرك. ﴿ نكسوا على رؤوسهم ﴾: رجعوا إلى الباطل. ﴿ أفٍ ﴾: كلمة غضب. ﴿ نافلة ﴾: زيادة عمًّا سأل. ﴿ الخيرات ﴾: الأعمال الصالحة. ﴿ حكمًا ﴾: نبوَّة. ﴿ من القرية ﴾: سدوم. ﴿ الخبائث ﴾: الأعمال القبيحة. ﴿ قوم سوء ﴾: أهل فساد. ﴿ فاسقين ﴾: خارجين عن طاعة الله. ﴿ في رحمتنا ﴾: في الجنة. ﴿ نادى ﴾: دعا. ﴿ وأهله ﴾: المؤمنين به. ﴿ من الكرب العظيم ﴾: من الطوفان. ﴿ في الحرث ﴾: في الزرع. ﴿ نفشت فيه ﴾: انتشرت فيه. ﴿ شاهدين ﴾: عالمين. ﴿ ففهمناها ﴾: الحكم في القضية. ﴿ وكلاًّ ﴾: من داود وسليمان. ﴿ وسخرنا ﴾: وذللنا. ﴿ صنعة لبوس ﴾: عمل الدروع وتلبس في الحرب. ﴿ لتحصنكم ﴾: لتحميكم. ﴿ من بأسكم ﴾: من حرب عدوّكم. ﴿ فهل أنتم شاكرون ﴾: فاشكروا الله. ﴿ ولسليمان الريح ﴾: أي سخرنا له. ﴿ عاصفة ﴾: شديدة الهبوب. ﴿ بأمره ﴾: بأمر سليمان. ﴿ إلى الأرض ﴾: الشام. ﴿ يغوصون له ﴾: في البحار لاستخراج نفائسها. ﴿ دون ذلك ﴾: غير ذلك. ﴿ لهم حافظين ﴾: راعين مراقبين. ﴿ نادى ربه ﴾: دعا ربه. ﴿ مسَّني الضر ﴾: أصابني المرض. ﴿ فكشفنا ما به من ضر ﴾: بالشفاء. ﴿ وذكرى للعابدين ﴾: ليصبروا فيثابوا. ﴿ ذا الكفل ﴾: نبي من الأنبياء. ﴿ ذا النون ﴾: صاحب الحوت. ﴿ مغاضبًا ﴾: غضبان. ﴿ لن نقدر عليه ﴾: لن نضيق. ﴿ في الظلمات ﴾: ظلمة الليل والبحر وبطن الحوت. ﴿ لا تذرني فردًا ﴾: لا تتركني وحيدًا بلا وارث. ﴿ رغبًا ورهبًا ﴾: رجاء في الثواب وخوفًا من العقاب. ﴿ خاشعين ﴾: خاضعين. ﴿ أحصنت فرجها ﴾: صانت عرضها. ﴿ فنفخنا فيها من روحنا ﴾: أجرينا فيها الروح من جهة جبريل عليه السلام. ﴿ آية ﴾: علامة من المعجزات. ﴿ أمتكم ﴾: أمة الإسلام. ﴿ أمة واحدة ﴾: ملة واحدة. مضمون الآيات الكريمة من (48) إلى (92) من سورة «الأنبياء»: 1 - تتناول هذه الآيات قصص بعض الرسل، وتتحدث بشيء من التفصيل عن قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه الذين يعبدون الأصنام مبينة قوة حجته وبراعته في إفحام خصومه، ثم تتابع الحديث عن الرسل الكرام فتتحدث عن «إسحاق، ويعقوب، ولوط، ونوح، وداود، وسليمان، وأيوب، وإسماعيل، وإدريس، وذي الكفل، وذي النون، وزكريا، وعيسى» - عليهم السلام - بإيجاز مع بيان الأهوال والشدائد التي تعرضوا لها، وتذكر جهادهم، وصبرهم، وتضحيتهم في تبليغ الدعوة لإسعاد البشرية، وتختم ببيان رسالة محمد صلى الله عليه وسلم المبعوث رحمة للعالمين.   2 - وقد بدأت بالإشارة إلى موسى وهارون - عليهما السلام - وقد أنزل الله عليهما التوراة فرقانًا بين الحق والباطل.   3 - ثم فصلت قصة إبراهيم عليه السلام منذ هداه الله - وقد كان ذلك قبل موسى وهارون - حينما دعا قومه الذين كانوا يعبدون الأصنام إلى عبادة الله الواحد، وترك هذه التماثيل التي لا تنفع من يعبدها، ولا تضر من يتركها، ولكنهم واجهوه بالعناد والإصرار على ما هم عليه مستهزئين به ويدعونه، يوضح لهم صفات الإله الحق رب السموات والأرض، ويتوعدهم بأنه سيكيد هذه الأصنام بعد أن ينصرفوا عنها محتفلين بعيدهم واضعين عندها القرابين، وفعلاً حقق ما توعدهم به فكسر الأصنام وجعلها قطعًا صغيرة ولم يترك إلا كبير الأصنام، فلما عاد القوم ورأوا هذا المنظر تذكروا إبراهيم وما هددهم به، ولما سألوه في استنكار عما فعل بآلهتهم أجابهم في تهكم وسخرية منهم: ﴿ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ ﴾، عندما عجزوا عن المجادلة بالحجة والمنطق استخدموا معه العنف والشدة فجمعوا نارًا عظيمة وألقوه فيها نصرة لآلهتهم، وصدرت كلمة الله: ﴿ يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾.   4 - ونجى الله نبيه إبراهيم وأحبط كيد النمرود (ملك الآراميين بالعراق) وأهلكه هو والملأ من قومه بعذاب من عنده، وهاجر إبراهيم إلى أرض الشام هو وابن أخيه لوط، وعوضه الله عن وطنه وطنًا خيرًا منه، وعن أهله أهلاً خيرًا منهم، فرزقه بابنه إسحاق وحفيده يعقوب، وجعل من ذريته أمة عظيمة العدد، ومن نسله أئمة يهدون الناس بأمر الله.   5 - ثم تحدَّثت الآيات عن لوط الذي أعطاه الله الحكم والعلم، ونجاه من القرية التي كان أهلها يعملون الخبائث والمنكرات، خارجين عن طاعة الله.   6 - كذلك نوح عليه السلام بعد عودته لقومه وإصرارهم على الكفر ينادي ربه، فيستجيب الله له وينجيه وأهله من الطوفان والطغيان، وينصره من هؤلاء الذين كذبوا بالله وآياته، ويغرقهم أجمعين.   7 - ثم تفصل الآيات بعض الشيء في حلقة من قصة داود وسليمان - عليهما السلام - حينما دخل رجلان على داود أحدهما صاحب حقل أو حديقة عنب والآخر صاحب غنم.
فقال صاحب الحقل: إن غنم هذا قد انطلقت ليلاً في حقلي فرعته وأفسدته ولم تبق منه شيئًا.
فحكم داود لصاحب الحقل أن يأخذ غنم خصمه في مقابل زرعه الذي فسد.
ومر صاحب الغنم بسليمان فأخبره بما حكم به داود، فدخل سليمان على أبيه وقال: يا نبي الله إن القضاء غير ما قضيت، فقال: كيف؟ قال: ادفع الغنم إلى صاحب الحرث لينتفع بها، وادفع الحرث إلى صاحب الغنم ليقوم عليه حتى يعود كما كان، ثم يعيد كل منهما إلى صاحبه ما تحت يده، فيأخذ صاحب الحرث حرثه، ويأخذ صاحب الغنم غنمه.
فقال داود: القضاء ما قضيت.
ونفذ حكم سليمان، وكان ذلك اجتهادًا منهما، والله عز وجل حاضر حكمهما، فألهم سليمان حكمًا أحكم وأدق، وفهمه ذلك الحكم وهو أصوب.
ومن فضل الله عليهما مع الحكم والعلم والنبوة: أنه سخر الجبال مع داود والطير.
الجميع يسبحون ربهم، وعلمه كذلك صناعة الدروع التي تحمي الجنود من حرب أعدائهم وأسلحتهم، أما سليمان فقد سخَّر الله له الريح الشديدة كما سخر له الجن.   8 - وبعد الإشارة إلى الابتلاء بالنعمة ونجاح داود وسليمان في هذا الامتحان بشكرهما ربهما، وصبرهما لهذا الابتلاء واستغفارهما من الفتنة تشير الآيات إلى الابتلاء بالضرَّاء والشدة في قصة أيوب عليه السلام وبخاصة في ذلك بصبره وضراعته لله، فقد دعا أيوب ربه، واستجاب الله دعاءه.   9 - ثم تشير إلى إسماعيل وإدريس وذي الكفل فتصفهم بأنهم من الصابرين ومن الصالحين.   10 - ثم تذكر قصة يونس عليه السلام وهو ذو النون أي صاحب الحوت، وهذه القصة تفصل في سورة «الصافات».   11 - ثم تشير إلى قصة زكريا ويحيى - عليهما السلام - وكيف استجاب الله عز وجل لزكريا عندما دعاه ضارعًا غليه ألا يتركه وحيدًا منفردًا من غير وارث، فوهبه يحيى، وأصلح له زوجه، ثم وصفتهم الآيات بأنهم كانوا يسارعون في فعل الخيرات، ويدعون ربهم رغبة في رضوانه، وخوفًا من غضبه وعقابه.   12 - ثم تذكر مريم بمناسبة ذكر ابنها عيسى عليه السلام بوصفها بالطهارة والنقاء والإحصان حيث لم يباشرها أحد مباشرة جنسية لا بزواج ولا بغيره، وهي معجزة فريدة في تاريخ البشرية وعلامة بارزة من العلامات الناطقة بقدرة الله عز وجل تلك القدرة التي تخلق «النواميس» (القوانين الكونية) ولا تحبس نفسها داخل هذه «النواميس».   دروس مستفادة من الآيات الكريمة من (48) إلى (92) من سورة «الأنبياء»: 1 - المتجبرون في كل زمان ومكان إذا عجزوا عن الحجَّة والدليل، لجؤوا إلى القوة والعنف لتأييد رأيهم، وهزيمة خصومهم.   2 - يبتلي الله عباده الصالحين والدَّاعين إليه بألوان من الابتلاءات، وينجح المؤمنون دائمًا في كل ابتلاء.   3 - رحمة الله عز وجل هي المأوى والملاذ يدخل الله فيه من يشاء، فإذا هو آمن مرحوم.   4 - اتجه داود في حكمه إلى مجرَّد التعريض لصاحب الحرث، وهذا عدل فحسب، ولكن حكم سليمان تضمن مع العدل البناء والتعمير، هو فتح من الله وإلهام يهبه من يشاء.   5 - من أدب الدعاء ألا يقترح الإنسان شيئًا على ربه تأدبًا معه وتوقيرًا ولا يضيق صدره بالبلاء، وأن يدعو الله بأسمائه وصفاته مظهرًا لله ضعفه وقلة حيلته.   6 - السيدة مريم من الطاهرات العفيفات، وقد كذب اليهود الذين اتهموها بالزنا زورًا وبهتانًا.   7 - أمة الأنبياء أمة واحدة وملتها ملة واحدة، تدين بعقيدة واحدة وتنهج نهجًا واحدًا هو الاتجاه إلى الله دون سواه.



شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن