أرشيف المقالات

تفسير سورة ص للناشئين (الآيات 1 - 42)

مدة قراءة المادة : 12 دقائق .
2تفسير سورة ص للناشئين (الآيات 1 - 42)   معاني مفردات الآيات الكريمة من (1) إلى (16) من سورة «ص»: ﴿ ص ﴾: حرف يحلف الله سبحانه وتعالى به. ﴿ في عزَّة ﴾: في استكبار عن الحق. ﴿ وشقاق ﴾: وخلاف وعداوة لله ولرسوله عليه السلام . ﴿ فنادوا ﴾: فاستغاثوا عندما نزل العذاب بهم طالبين النجاة. ﴿ ولات حين مناص ﴾: وليس الوقت وقت فرار وخلاص ونجاة. ﴿ الملأ منهم ﴾: أشراف قريش. ﴿ أن امشوا ﴾: سيروا على طريقتكم ولا تتبعوا محمدًا. ﴿ شيء يراد ﴾: أمر مدبر. ﴿ في الملة الآخرة ﴾: في دين قريش الذي أدركوا عليه آباءهم المشركين. ﴿ إن هذا إلا اختلاق ﴾: ما هذا الذي يقوله إلا كذب وافتراء منه. ﴿ فليرتقوا في الأسباب ﴾: فليصعدوا في المعارج إلى السماء إن كانوا يستطيعون ذلك. ﴿ جند ما ﴾: هم مجتمع حقير لا قيمة له. ﴿ هنالك مهزوم ﴾: بمكة يوم فتحها أو يوم غزوة «بدر».
﴿ من الأحزاب ﴾: من الكفار المختلفين في اتجاهاتهم وأهوائهم. ﴿ ذو الأوتاد ﴾: ذو الملك الثابت أو الأهرامات والمباني العظيمة كالأوتاد. ﴿ الأيكة ﴾: الشجر الكثيف الملتف، هم قوم «شعيب» عليه السلام . ﴿ ما لها من فواق ﴾: ليس لها توقف. ﴿ عجِّل لنا قطَّنا قبل يوم الحساب ﴾: أسرع بإعطائنا نصيبًا من العذاب الذي توعدتنا به قبل أن يجيء يوم القيامة.   مضمون الآيات الكريمة من (1) إلى (16) من سورة «ص»: تبدأ الآيات بالقسم بالحرف «ص» وبالقرآن ذي الذكر والبيان على أن القرآن حق، وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم رسول يوحى إليه من ربه، وأن الحساب في الآخرة واقع، وإن كان حال المشركين يدل على خلاف ذلك، فهم مستكبرون عن الحق يخالفون الله ورسوله، ويعادونهما ولم يتعظوا بما حدث للأمم السابقة من إهلاك وتعذيب، ومما أثار عجب هؤلاء الكافرين أن الرسول جاء منهم، مع أن هذا هو الأمر الطبيعي المعقول المقبول، واتهموه بالسحر والكذب؛ عنادًا وحسدًا له، وأخذتهم العزَّة بالإثم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا إلى عبادة إلهٍ واحد، وترك عبادة الأصنام التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم. 1- ثم توبِّخهم الآيات بأنهم لا يملكون خزائن رحمة الله، ولا يملكون السموات والأرض وما بينهما، حتى يعطوا النبوَّة من يريدون ويمنعوها عمَّن لا يحبُّون، ولكن الله وحده هو الذي يفعل ذلك. 2- ثم تبيِّن لهم أنهم مجتمع حقير مهزوم، وقد كذَّبت الأمم قبلهم رسلهم، وتحزَّبوا ضد هؤلاء الرسل، فوجب عليهم العقاب، وهؤلاء الكافرون لا ينتظرون إلا نفخة البعث التي لا تتكرر ولا تتوقف إلا وقتًا قصيرًا فيعرضون للحساب، ولكنهم يتعجلون نزول العذاب بهم قبل يوم الحساب؛ استهزاءً وسخرية بما يتوعدهم به الله ورسوله.   دروس مستفادة من الآيات الكريمة من (1) إلى (16) من سورة «ص»: 1- إذا أراد الله أن يعطي النعمة لأحد فلا مانع لإرادته، ومن هذه النعم نعمة النبوَّة التي خُتمت «بمحمد» صلى الله عليه وسلم . 2- من حكمة الله سبحانه وتعالى أنه جعل الرسل بشرًا؛ حتى تكون حياتهم العمليَّة قدوة للبشر فلا يكون لإنسان عذر في عدم تنفيذ منهج الله.   معاني مفردات الآيات الكريمة من (17) إلى (26) من سورة «ص»: ﴿ ذا الأيد ﴾: صاحب القوة في الدين والعبادة. ﴿ إنه أوَّاب ﴾: إنه كثير التوبة إلى الله سبحانه وتعالى والرجوع إلى طاعته. ﴿ بالعشي ﴾: وقت المساء. ﴿ والإشراق ﴾: وقت الصباح. ﴿ محشورة ﴾: مجموعة. ﴿ شددنا ملكه ﴾: قويناه، وثبتناه بالنصر على أعدائه. ﴿ وآتيناه الحكمة ﴾: وأعطيناه النبوَّة وكمال العلم. ﴿ وفصل الخطاب ﴾: علم فصل الخصومات والمنازعات. ﴿ نبأ الخصم ﴾: خبر المتنازعين. ﴿ إذ تسوروا المحراب ﴾: حين دخلوا على داود من فوق السور مكان عبادته. ﴿ بغى بعضنا على بعض ﴾: تعدَّى بعضنا على بعض. ﴿ ولا تشطط ﴾: ولا تظلم. ﴿ سواء الصراط ﴾: الطريق الحق الواضح. ﴿ أكفلنيها ﴾: اتركها لأمتلكها. ﴿ وعزَّني في الخطاب ﴾: وغلبني في القول، ولم أستطع الرد عليه. ﴿ بسؤال نعجتك إلى نعاجه ﴾: حين أراد انتزاع نعجتكم منك؛ ليكمل ما عنده مائة. ﴿ الخلطاء ﴾: الشركاء. ﴿ لزلفى ﴾: لقربة ومكانة عالية. ﴿ حسن مآب ﴾: حسن مرجع في الآخرة (الجنة). ﴿ خليفةً في الأرض ﴾: لتحكم بين الناس وتصلحهم.   مضمون الآيات الكريمة من (17) إلى (26) من سورة «ص»: توضِّح هذه القصص آثار رحمة الله سبحانه وتعالى بالرسل قبل محمد صلى الله عليه وسلم وما أفاضه عليهم من نعمة وفضل، وما أعطاهم من ملك وسلطان ومال وجاه ورعاية وإنعام، وفي ذلك ردَّ على عجب كفار مكة من اختيار الله لمحمد من دون رؤساء قريش وكبرائها. 1- كذلك تصوِّر هذه القصص رعاية الله الدائمة لرسله وتعليمهم وتوجيههم وعتابهم على أقل الأشياء التي لا تعتبر أخطاء إذا صدرت من غيرهم؛ لأنهم مقربون من ربهم، ولهم مكانتهم العظيمة عنده، وهم قدوة للناس، ولكنهم بشر من البشر يختبرهم الله ويبتليهم؛ ليغفر لهم ويكرمهم، وفي هذا ما يطمئن قلب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى رعاية ربه له وحمايته. فتذكر الآيات قصة داود الذي كان صاحب قوة وصبر على عبادة ربه، وكان يقسِّم وقته بين العبادة والجهاد والحكم بين الناس، وكان حسن الصوت وهو يسبِّح بحمد ربه فسخَّر الله سبحانه وتعالى له الجبال تسبِّح معه في الصباح والمساء، كما سخَّر له الطير تجتمع إليه وتسبِّح معه، وقد قوَّى الله ملكه وأعطاه النبوَّة والحكمة في القضاء بين الناس، وقد تعجَّل في الحكم لشخص دون سماع الشخص الآخر، وقد استغفر داود ربه، وكان كثير الرجوع إليه بالطاعة والتوبة، فغفر الله له وأكرمه وأعلى قدره في الدنيا والآخرة.   دروس مستفادة من الآيات الكريمة من (17) إلى (26) من سورة «ص»: رعاية الله سبحانه وتعالى الدائمة لرسله وتوجيههم وتربيتهم؛ حتى يكونوا على أكمل صفات البشر، وكان الله سبحانه وتعالى يبتليهم؛ ليكونوا قدوة وعظة واعتبارًا، ثم يغفر لهم ويكرمهم في الدنيا والآخرة.   معاني مفردات الآيات الكريمة من (27) إلى (42) من سورة «ص»: ﴿ أواب ﴾: كثير الرجوع إلى الله بالتوبة والطاعة. ﴿ الصافنات ﴾: الخيل الواقفة على ثلاث قوائم وطرف حافر الرابعة. ﴿ الجياد ﴾: السريعة الجري. ﴿ أحببت حب الخير ﴾: أي فضلت حب الخيل. ﴿ حتى توارت بالحجاب ﴾: حتى غربت الشمس. ﴿ فطفق مسحًا بالسوق والأعناق ﴾: فأخذ يقطع أرجلها ورقابها (أي: يذبحها ويقطعها تقربًا إلى الله سبحانه وتعالى وإطعامًا للفقراء). ﴿ فتنا سليمان ﴾: ابتليناه وامتحنَّاه. ﴿ أناب ﴾: رجع إلى الله سبحانه وتعالى بالتوبة. ﴿ الوهاب ﴾: كثير العطاء. ﴿ رخاءٌ حيث أصاب ﴾: منقادة حيث أراد. ﴿ كل بناءٍ وغوَّاص ﴾: منهم من يستخدمه للبناء، ومنهم من يستخدمه للغوص في البحار. ﴿ وآخرين مقرَّنين في الأصفاد ﴾: وآخرين من الشياطين مقيدين بالسلاسل والقيود. ﴿ وإن له عندنا لزلفى ﴾: وإن لسليمان عند الله لمكانة عالية في الدنيا. ﴿ وحسن مآب ﴾: ومرجع حسن في الآخرة. ﴿ بنصبٍ وعذاب ﴾: بتعب ومشقَّة. ﴿ اركض برجلك ﴾: اضرب الأرض برجلك. ﴿ هذا مغتسلٌ باردٌ وشراب ﴾: وقال الله له: هذا الذي نبع ماء تغتسل به وتشرب منه.   مضمون الآيات الكريمة من (27) إلى (42) من سورة «ص»: ثم بيَّنت الآيات أن أمر الكون كله قائم على الحق والعدل، وأن الله لن يسوِّي بين المصلحين والمفسدين في الأرض، وأن هذا القرآن الكريم إنما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، وفيه الخير والبركة؛ ليتدبَّر الناس آياته، وليتعظ بها أصحاب العقول السليمة. 1- ثم ذكرت قصة سليمان عليه السلام الذي كان نعمة أنعم الله بها على أبيه داود، وأن الله سبحانه وتعالى قد أنعم عليه بنعم كثيرة، وقد كان - أيضًا - كثير الطاعة والعبادة، وأنه في أحد الأيام عرض عليه بعد منتصف النهار الخيول الجيدة القوية سريعة الجري، فانشغل بحبها قليلاً عن ذكر الله سبحانه وتعالى حتى غربت الشمس، فأراد أن يتقرَّب إلى ربه مستغفرًا مما فعله، فذبح هذه الخيول وقطع أرجلها، وأطعم بها الفقراء (وقد كان ذلك حلالاً في ملتهم)، وقد اختبره الله وابتلاه ببعض الأمراض، فصبر وطلب من ربه المغفرة، وأن يعطيه الله ملكًا عظيمًا؛ لأنه سبحانه وتعالى واسع العطاء، فسخر سبحانه وتعالى له الريح، وجعلها خاضعة لأمره - الذي هو من أمر الله سبحانه وتعالى وبإرادته - كما سخَّر له الشياطين.   دروس مستفادة من الآيات الكريمة من (27) إلى (42) من سورة «ص»: 1- الإنسان يبتلى في الحياة على قدر إيمانه؛ لذلك كان الأنبياء أعظم الناس ابتلاءً ثمَّ الصالحون ثمَّ الأفضل فالأفضل. 2- كما يختبر الله سبحانه وتعالى عباده بالفقر والمرض وغيرهما، يختبرهم كذلك بالغنى والصحة وغيرهما، والمؤمن من يشكر الله في السرَّاءِ والضرَّاءِ.



شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن