أرشيف المقالات

الأدب قبل طلب العلم

مدة قراءة المادة : 25 دقائق .
2الأدب قبل طلب العلم
الحمد لله الكريم المنان، ذي الفضل والإحسان، الذي هدانا للإيمان، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ، الذي أرسله ربه شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، أما بعد: فيجب على طلاب العلم أن يتعلموا الأدب قبل أن يطلبوا العلم، فأقول وبالله تعالى التوفيق: معنى الأدب: الأدب: الأخذُ بمكارم الأخلاق؛ (فتح الباري - لابن حجر العسقلاني - جـ 10 - صـ 400).   منزلة الأدب: قال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: أدب المرء: عنوان سعادته وفلاحِه، وقلة أدبه: عنوان شقاوته وبوارِه، فما استُجلب خير الدنيا والآخرة بمثل الأدب، ولا استُجلب حرمانهما بمثل قلة الأدب؛ (مدارج السالكين - لابن القيم - جـ 2 - صـ 368).   نبينا صلى الله عليه وسلم ميزان الأدب: لقد مدح الله تعالى نبينا محمدًا قائلًا له: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]. روى أحمدُ عن سعد بن هشامٍ، قال: سألت عائشة فقلت: أخبريني عن خُلق رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقالت: (كان خُلقه القرآن)؛ (حديث صحيح) (مسند أحمد - جـ 42 - صـ 183).   قال سفيان بن عيينة: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الميزان الأكبر؛ فعليه تُعرَض الأشياء، على خُلقه وسيرته وهَديه، فما وافقها فهو الحق، وما خالفها فهو الباطل)؛ (الجامع لأخلاق الراوي - للخطيب البغدادي - جـ 1 - صـ 79).   الأدب وصيَّة ربِّ العالَمين: حثنا الله تعالى على التحلي بالأدب في كثير من آيات القرآن الكريم، وسوف نذكر بعضًا منها: (1) قال جل شأنه: ﴿ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ﴾ [النساء: 86].   (2) قال سبحانه: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63].   (3) قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 27، 28].   (4) قال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [الحجرات: 3].   (5) قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11].   (6) قال جل شأنه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 12].   نبينا صلى الله عليه وسلم القدوة في الأدب: قال الله تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]. قال عطيَّة العوفي؛ أي: إنك لعلى أدبٍ عظيمٍ؛ (تفسير ابن كثير - جـ 4 - صـ 188).   • قال سبحانه: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128]. قوله: ﴿ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ﴾ [التوبة: 128]؛ أي: يشق عليه الأمرُ الذي يشق عليكم؛ (تفسير السعدي - صـ 356).   قوله: ﴿ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ ﴾ [التوبة: 128]؛ أي: على هدايتكم ووصولِ النفع الدُّنيوي والأخروي إليكم؛ (تفسير ابن كثير - جـ 4 - صـ 241).   قوله: ﴿ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128]؛ أي: شديد الرأفة والرحمة بهم، أرحمُ بهم مِن والديهم؛ (تفسير السعدي - صـ 356).   قال الحُسين بن الفضل: لم يجمعِ اللهُ لأحدٍ من الأنبياء اسمينِ من أسمائه إلا للنبي محمدٍ صلى الله عليه وسلم؛ (تفسير القرطبي - جـ 8 - صـ 302).   (1) روى مسلم عن سعد بن هشامٍ، قال: قلت: يا أم المؤمنين، أنبئيني عن خُلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قالت: فإن خُلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن؛ (مسلم حديث: 747). روى الشيخانِ عن أبي سعيدٍ الخدري، قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم أشدَّ حياءً مِن العذراء في خِدرها، فإذا رأى شيئًا يكرهه عرَفْناه في وجهه)؛ (البخاري حديث: 6102 / مسلم حديث: 2320).   (2) روى الشيخانِ عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الحياءُ من الإيمان))؛ (البخاري حديث: 24 / مسلم حديث: 36). قال الإمام النووي - رحمه الله -: قال العلماء: حقيقةُ الحياء خُلق يبعث على ترك القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق؛ (رياض الصالحين - للنووي - صـ 176).   (3) روى البخاري - في الأدب المفرد - عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما بُعِثت لأتمم مكارمَ - وفي رواية: صالح - الأخلاق))؛ (حديث صحيح) (السلسلة الصحيحة - للألباني - جـ 1 - صـ 112 - حديث: 45).   (4) روى مسلمٌ عن علي بن أبي طالبٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه: ((اللهم أنت الملك، لا إله إلا أنت، أنت ربي، وأنا عبدك، ظلمتُ نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعًا؛ إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدِني لأحسن الأخلاق، لا يَهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها، لا يصرف عني سيئها إلا أنت))؛ (مسلم حديث: 771).   (5) روى البخاري عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشًا ولا متفحشًا، وكان يقول: ((إن مِن خياركم أحسنَكم أخلاقًا))؛ (البخاري حديث: 3559).   (6) روى الترمذي عن أبي الدرداء، قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من شيءٍ يوضع في الميزان أثقل من حسن الخُلق، وإن صاحب حسن الخُلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة))؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1629).   (7) روى الترمذي عن جابر بن عبدالله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من أحبِّكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنَكم أخلاقًا، وإن أبغضكم إليَّ وأبعدكم مني مجلسًا يوم القيامة الثرثارونَ والمتشدِّقون والمتفيهقون))، قالوا: يا رسول الله، قد علمنا "الثرثارون والمتشدقون"، فما المتفيهقون؟ قال: ((المتكبِّرون))؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1642). الثرثار: هو الكثير الكلام، المتشدق: الذي يتطاول على الناس في الكلام.   (8) روى أبو داود عن أبي أمامة الباهلي، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا زعيمٌ ببيتٍ في ربض الجنة لمن ترك المِراء وإن كان محقًّا، وببيتٍ في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا، وببيتٍ في أعلى الجنة لمن حسُن خُلقه))؛ (حديث حسن) (صحيح أبي داود للألباني، حديث: 4015). • زعيم: ضامن. • ربَض الجنة: ما حولها من الخارج. • المِراء: هو الطعن في كلام الغير؛ لإظهار خلل فيه، لغير غرض سوى تحقير قائله، والخلل إما أن يكون في اللفظ أو المعنى، أو في قصد المتكلم؛ (إحياء علوم الدين جـ 3 صـ 186: صـ 187).   (9) روى الترمذي عن أبي هريرة، قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثرِ ما يدخل الناسَ الجنة، فقال: ((تقوى الله، وحُسن الخُلق))؛ (حديث حسن) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1630).   الأدب قبل العلم عند السلف الصالح: سوف نذكر بعض أقوال سلفنا الصالح في ضرورة تقديم تعلُّم الأدب قبل طلب العلم: (1) قال سفيان الثوري: كان الرجلُ إذا أراد أن يكتب الحديث تأدَّب وتعبَّد قبل ذلك بعشرين سنةً؛ (حلية الأولياء - لأبي نعيم الأصبهاني - جـ 6 - صـ 361).   (2) قال ابن المبارك: قال لي مخلد بن الحسين: نحن إلى كثيرٍ من الأدب أحوجُ منا إلى كثيرٍ من الحديث؛ (الجامع لأخلاق الراوي - للخطيب البغدادي - جـ 1 - صـ 80).   (3) قال عبدالله بن المبارك: إذا وُصف لي رجلٌ له علم الأولين والآخرين لا أتأسَّف على فَوت لقائه، وإذا سمعت رجلًا له أدب النفس أتمنى لقاءه، وأتأسَّف على فَوته؛ (الآداب الشرعية - محمد بن مفلح الحنبلي - جـ 3 - صـ 552).   (4) قال عبدالله بن المبارك: مَن تهاوَن بالأدب عُوقب بحرمان السُّنن، ومَن تهاون بالسُّنن عوقب بحرمان الفرائض، ومَن تهاون بالفرائض عوقب بحرمان المعرفة؛ (الجامع لأخلاق الراوي - للخطيب البغدادي - جـ 1 - صـ 80).   (5) قال محمد بن سيرين - في وصف حال التابعين -: كانوا يتعلمون الهَدْيَ كما يتعلمون العلم؛ (الجامع لأخلاق الراوي - للخطيب البغدادي - جـ 1 - صـ 79).   (6) قال مالك بن أنسٍ لفتًى من قريشٍ: يا بن أخي، تعلَّمِ الأدب قبل أن تتعلَّمَ العلم؛ (حلية الأولياء - لأبي نعيم الأصبهاني - جـ 6 - صـ 330).   (7) قال مالك بن أنسٍ أيضًا: حقٌّ على مَن طلب العلم أن يكون له وقارٌ وسكينة وخشية، وأن يكون متبعًا لأثر مَن مضى قبله؛ (الجامع لأخلاق الراوي - للخطيب البغدادي - جـ 1 - صـ 156).   (8) قال مالك بن أنسٍ: كان ابن سيرين قد مرض وتخلَّف عن الحج، فكان يأمر مَن يحج أن ينظر إلى هَدْيِ القاسم بن محمدٍ، ولبوسِه، وناحيته، فيبلغونه ذلك، فيقتدي بالقاسم؛ (سير أعلام النبلاء - للذهبي - جـ 5 صـ 57).   (9) قال ابن وهبٍ: ما نقَلْنا مِن أدب مالكٍ أكثرُ مما تعلمنا مِن علمه؛ (سير أعلام النبلاء - للذهبي - جـ 8 صـ 113).   (10) قال إسماعيل بن عُليَّة: كان يجتمعُ في مجلس أحمدَ نحوُ خمسة آلافٍ - أو يزيدون، نحو خمسمائةٍ - يكتبون، والباقون يتعلمون منه حُسن الأدب، والسَّمْت؛ (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ 11صـ: 316).   (11) كان أصحاب عبدالله بن مسعود يرحَلون إليه فينظرون إلى سَمْته (حسن الهيئة) وهَدْيه (السكينة والوقار) فيتشبَّهون به؛ (غريب الحديث - للقاسم بن سلام - جـ 1 - صـ 384).   (12) قال عباس العنبري: كانوا يكتبون قيام عليِّ بن المديني (شيخ البخاري) وقعوده ولباسه، وكل شيء يقول ويفعل، أو نحو هذا؛ (تاريخ بغداد - للخطيب البغدادي - جـ 13 - صـ 421).   (13) قال الحسَن البَصري: كان الرجلُ لَيخرُج في أدب نفسِه السنتين، ثم السنتين؛ (فصل الخطاب في الزهد ــ محمد عويضة - جـ 9 - صـ 284).   (14) قال إبراهيم النَّخَعي: كانوا إذا أتوا الرجل ليأخذوا عنه نظروا إلى سَمْته، وإلى صلاته، وإلى حاله، ثم يأخذون عنه؛ (الجامع لأخلاق الراوي - للخطيب البغدادي - جـ 1 - صـ 28).   (15) قال إبراهيم النَّخَعي: كنا إذا أردنا أن نأخذَ عن شيخٍ سألناه عن مطعَمه ومشرَبه، ومدخَله ومخرَجه، فإن كان على استواءٍ أخذنا عنه، وإلا لم نأتِه؛ (الكامل في ضعفاء الرجال - للجرجاني - جـ 1 - صـ 2 60).   (16) قال الخطيبُ البغدادي: الواجب أن يكون طلبةُ الحديث أكملَ الناس أدبًا، وأشد الخَلْق تواضعًا، وأعظمهم نزاهةً وتديُّنًا، وأقلَّهم طيشًا وغضبًا؛ لدوام قرعِ أسماعهم بالأخبار المشتملة على محاسن أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم وآدابه، وسيرة السلف الأخيار مِن أهل بيته وأصحابه، وطرائق المحدِّثين، ومآثر الماضين، فيأخذوا بأجملها وأحسنها، ويَصدِفوا (يبتعدوا) عن أرذلِها وأدونها؛ (الجامع لأخلاق الراوي - للخطيب البغدادي - جـ 1 - صـ 78).   (14) قال بعض الحكماء: الأدب في العمل علامةُ قَبول العمل؛ (مدارج السالكين - لابن القيم - جـ 2 - صـ 360).   صورٌ مِن أدب العلماء: (1) قال طاوسُ بن كيسان: مِن السنَّة أن يوقَّر العالِمُ؛ (جامع بيان العلم - لابن عبدالبر - جـ 1 - صـ 519).   (2) قال الحسَن البَصري: رُئِي ابن عباسٍ يأخذ برِكاب أُبيِّ بن كعبٍ، فقيل له: أنت ابن عم رسول الله تأخذ بركاب رجلٍ من الأنصار؟! فقال: إنه ينبغي للحَبْر أن يُعظَّم ويُشرَّف؛ (الجامع لأخلاق الراوي - للخطيب البغدادي - جـ 1 - صـ 108).   (3) قال عامرٌ الشَّعبي: أمسَك ابن عباسٍ بركاب زيد بن ثابتٍ، فقال: أتُمسِك لي وأنت ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: إنَّا هكذا نصنَع بالعلماء؛ (الجامع لأخلاق الراوي - للخطيب البغدادي - جـ 1 - صـ 108).   (4) قال عبدالله بن عباس: زيدُ بن ثابت مِن الراسخين في العلم؛ (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ 2صـ 437).   (5) قال عبدُالرحمن بن زيد بن أسلَمَ: كان يحيى بن سعيدٍ يجالس ربيعة بن أبي عبدالرحمن التيمي، فإذا غاب ربيعة حدَّثهم يحيى أحسنَ الحديث - وكان كثير الحديث - فإذا حضر ربيعة كف يحيى؛ إجلالًا لربيعة، وليس ربيعةُ أسنَّ منه، وهو فيما هو فيه، وكان كل واحدٍ منهما مبجِّلًا لصاحبه؛ (سير أعلام النبلاء - للذهبي - جـ 6 - صـ: 92).   (6) قال عبيدالله بن عمر: كان يحيى بن سعيدٍ يحدِّثنا فيسحُّ علينا مثل اللؤلؤ، فإذا طلع ربيعةُ الرأي قطع يحيى حديثه؛ إجلالًا لربيعة وإعظامًا له؛ (الجامع لأخلاق الراوي - للخطيب البغدادي - جـ 1 - صـ 320).   (7) قال محمد بن رافعٍ: كنتُ مع أحمد وإسحاق عند عبدالرزاق، فجاءنا يوم الفطر، فخرجنا مع عبدالرزاق إلى المصلَّى، ومعنا ناس كثير، فلما رجعنا دعانا عبدالرزاق إلى الغداء، ثم قال لأحمدَ وإسحاق: رأيتُ اليوم منكما عجبًا، لم تكبِّرَا! فقال أحمد وإسحاق: يا أبا بكرٍ، كنا ننتظر هل تكبِّر، فنكبِّر، فلما رأيناك لم تكبِّر، أمسكنا، قال: وأنا كنت أنظر إليكما، هل تكبِّران، فأكبِّر؛ (سير أعلام النبلاء - للذهبي - جـ 9 - صـ 566).   (8) قال الثوري: عن أبيه، سمع أبا وائلٍ سُئل: أنت أكبرُ أو الربيع بن خثيمٍ؟ قال: أنا أكبر منه سنًّا، وهو أكبر مني عقلًا؛ (سير أعلام النبلاء - للذهبي - جـ 4 - صـ: 163).   (9) قال شُعبة بن الحجَّاج: حدثني سيد الفقهاء أيوب السَّختيانيُّ؛ (الجامع لأخلاق الراوي - للخطيب البغدادي - جـ 2 - صـ 86).   (10) قال حاشد بن إسماعيل: كنت بالبَصرة، فسمعتُ قدوم محمد بن إسماعيل، فلما قدم قال بندار: اليوم دخَل سيِّدُ الفقهاء؛ (سير أعلام النبلاء - للذهبي - جـ 12 - صـ 422).   (11) جاء مسلِم بن الحجَّاج إلى البخاريِّ فقال: دَعْني أُقبِّل رِجليك يا أستاذ الأستاذين، وسيد المحدِّثين، وطبيب الحديث في علله؛ (سير أعلام النبلاء للذهبي - جـ 12 صـ 432).   (12) لما دخَل عز الدين بن عبدالسلام مصر، بالغ الشيخ زكي الدين المنذري في الأدب معه، وامتنع مِن الإفتاء لأجله، وقال: كنا نُفتي قبل حضوره، وأما بعد حضوره فمنصبُ الفتيا متعيِّن فيه؛ (حسن المحاضرة - للسيوطي جـ 1 - صـ: 315).   التحذير مِن الطعن في العلماء: روى البخاريُّ عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله قال: مَن عادى لي وليًّا، فقد آذنتُه (أعلمتُه) بالحرب))؛ (البخاري حديث: 6502).   قوله: (مَن عادى لي وليًّا)، المراد بولي الله: هو العالمُ بالله، المواظب على طاعته، المخلص في عبادته. قوله: (عادى لي وليًّا)؛ أي: اتخذه عدوًّا؛ (فتح الباري - لابن حجر العسقلاني - جـ 11صـ 343).   روى البخاري عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن لم يرحم صغيرنا، ويعرِفْ حقَّ كبيرنا - فليس منا))؛ (حديث صحيح) (صحيح الأدب المفرد للألباني - صـ 142).   العلماء العاملون هم ورثةُ الأنبياء، وصفوة الأولياء: • قال الإمام الشافعي: إن لم يكُنِ الفقهاءُ العاملون أولياءَ الله، فليس لله وليٌّ؛ (سير أعلام النبلاء - للذهبي - جـ 10 - صـ 53). • قال ابن المبارك: مَن استخفَّ بالعلماء، ذهبت آخرتُه؛ (سير أعلام النبلاء للذهبي - جـ 8 صـ 408).   • قال أبو جعفرٍ الطحاوي: علماءُ السلف من السابقين، ومَن بعدهم من التابعين - أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر - لا يُذكَرون إلا بالجميل، ومَن ذكرهم بسُوءٍ فهو على غير السبيل؛ (شرح العقيدة الطحاوية - جـ 1 - صـ 503).   • قال الحافظ الإمام ابن عساكر -: اعلم يا أخي وفقك الله وإيانا، وهداك سبيل الخير وهدانا: أن لحومَ العلماء مسمومة، وعادة الله في هَتْك منتقصهم معلومة؛ لأن الوقيعةَ فيهم بما هم منه براءٌ أمره عظيم، والتناول لأعراضهم بالزور والافتراء مرتع وخيم، والاختلاق على مَن اختاره الله منهم لنَعْش العلم خُلُق ذميم؛ (تبيين كذب المفتري - لابن عساكر - صـ 29).   • وقال أيضًا: كل مَن أطلق لسانه في العلماء بالثَّلْب (الطعن)، ابتلاه الله عز وجل قبل موته بموت القَلْب؛ ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63]؛ (تبيين كذب المفتري - لابن عساكر - صـ 425).   وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله رب العالمين. وصلى الله على سيدنا محمدٍ، وعلى إخوانه من النبيين والمرسَلين، وعلى من اتبع النور الذي أنزل معه إلى يوم الدِّين.



شارك الخبر

مشكاة أسفل ٣