أرشيف المقالات

واجب الدعوة

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
2واجب الدعوة
قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33]. يقول ابن القيم رحمه الله: مقام الدعوة إلى الله من أشرف مقامات التعبد"[1]. وقال سبحانه: ﴿ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الحج: 67]. وقال صلى الله عليه وسلم: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور مَن تَبِعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا)؛ (رواه مسلم).   وقال صلى الله عليه وسلم: (بلِّغوا عني ولو آية)؛ (رواه البخاري). وقال صلى الله عليه وسلم: (نَضَّر الله امرأً سمع مقالتي فبلَّغها، فرُبَّ حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه)؛ (رواه ابن ماجه وصححه الألباني). عن شجاع بن الوليد قال: كنت مع سفيان الثوري، فما يكاد لسانه يفتر عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ذاهبًا وراجعًا"[2].   الدعوة إلى الله واجب على مجموع الأمة: " فكل واحد من هذه الأمة يجب عليه أن يقوم من الدعوة بما يقدر عليه، إذا لم يقم به غيره، فما قام به غيره سقط عنه، وما عجَز لم يُطالب به"[3]. لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)؛ (رواه مسلم). وفي سورة العصر كفاية وغِنى لأصحاب المنهج الصحيح؛ قال تعالى: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3].
قال الشافعي:" لو فكر الناس في هذه السورة لكفتهم"[4].   ليس على الداعية غير البلاغ: قال الله لنبيِّه: ﴿ إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ ﴾ [الشورى: 48]، وقال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [الأعراف: 164]. الدعوة ليست مقتصرة على موعظة المنبر، فالإنكار على الفرد على خلوة به دعوة، وإدلال الناس على مجالس العلم دعوة، وتسهيل طرق الدعوة دعوة، ومن أعظم سبل الدعوة القدوة والسلوك القويم والأخلاق والعمل.   يَحكي أحد الثقات أنه حضر مجلسًا في المسجد للتعارف، فقام شيخ وقور يعرِّف نفسه وقد جاوز السبعين من عمره، فقال: اسمي فلان، أعمل في التجارة، وعمري الآن تسع سنوات، فاستغرب الناس، وقالوا في دهشة: تسع سنوات؟! قال: نعم؛ لأني أحسب عمري منذ تحركت لدين الله، وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر، أما قبل ذلك فإني أعتبر عمري ضائعًا، وكان هذا الرجل إذا وقف ليلقي موعظته، يقول: لا تُضيِّعوا أعماركم مثلي، واشتغلوا بالدعوة إلى الله عز وجل[5]. نسأل الله أن نكون من الداعين لكتابه العاملين بسنة نبيِّه.


[1] الإنسان بين علو الهمة وهبوطها؛ علي نايف الشحود ص372. [2] 30 طريقة لخدمة الدين؛ رضا صمدي ص11. [3] مجموع الفتاوى ج5 ص166. [4] مفتاح دار السعادة ج1 ص56. [5] 30 طريقة لخدمة الدين؛ رضا صمدي ص12.



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢