أرشيف المقالات

نحن وهم وقاموس الشتائم

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
2نحن وهم وقاموس الشتائم   يَستغرب المراقِبُ للأفلام الغربيَّة كثرةَ ترديدهم للشتائم القَذِرة والكلمات البَذيئة للغاية، كبارًا وصِغارًا من الجنسينِ؛ لأتْفَه الأسباب، وعند أدنى درَجات الشعور بالغضَب والاستياء، وقد لا يَنتبِه بعضُ المشاهدين لِما تحتويه كلماتهم مِن سوءٍ بالِغ؛ بسبَب الترجمة التي تَقوم بالتخفيف مِن حدَّة المعاني الدَّقيقة للكلمات، وتلطفها في أغلب الأحيان.   هي ظاهِرةٌ عندهم، سُهولة الشَّتم تعبِّر عن واقِع حياتِهم وممارساتِهم اليوميَّة، وللأسف فإنَّ أفلامنا ومسلسلاتنا العربيَّة أيضًا لا تَخلو مِن المَسبَّات والشتائم، ولكنَّها ليست بنَفْس الكَمِّ ولا النوعيَّة الثقيلة التي في ترسانتهم، على الأقل على مستوى ما يَظهر منها في الإعلام المفتوح، فلربَّما نحن أفضل مِنهم في هذه الناحية، ولكنَّ أغرب ما في شتائمنا أنَّها عادةً لا تَقتصر على الشَّخص المشتوم، بل تتعدَّاه إلى ذَويه وأقربائه، الذين يَطولُهم الأذى والظُّلم عن قَصْدٍ أو غيرِ قصد؛ بسبب الطَّبيعة المركَّبة لعِبارات الشتائم عندنا كما اعتادَتْها الألسنة، وهم بريئون مِن أعماله التي جلبَتْ له الشتائم براءةَ الذِّئبِ مِن دمِ يوسفَ عليه السلام.   تُمثِّل الشتائمُ بعضًا مِن الجانب الثَّقافي والتراثي القاتم والمَقيت في قواميس كلِّ شُعوب الأرض، وكثرةُ استخدامها ومقدار ما تحتويه من بَذاءةٍ وقلَّة أدَب - مقياسٌ للحالة النفسيَّة للفرد، وتعبيرٌ عن بيئته الاجتماعيَّة الحاضنة الحاليَّة، أو تلك التي نَشأ وترعرَع فيها، ومقدار ما بداخله مِن كَبْتٍ وشعور بالنَّقص أو الغطرسة والرعونة، إضافة لعصبيَّتِه الزائدة واندفاعِه عوضًا عن جهله وضعْفِ وازعه الدِّيني والأخلاقي.   وآثارها السيِّئة على صاحبها وعلى الآخرين لا تُحصى؛ أبرَزُها تقليلُ قدْرِ وهَيْبة المتفوِّه بها في أعْيُن السامعين، خصوصًا إن كان صاحب شأن أو منصب، وإذْكاءُ نارِ الغضب والحِقْد عند المشتومين بتَحقيرهم بهذا الشَّكل الفجِّ العنيف، وقَتْلُ روح الحِوار والتفاهم معهم.   أما آثارها النفسيَّة على صِغار السنِّ، فهي شديدة إن مُورِستْ في حقِّ الآخرين على مرأى ومَسْمَع منهم، أمَّا أن تمارَس عليهم مِن قِبَل الكبار، فهذه واحدةٌ مِن الخطايا التي يجِبُ تجنُّبها بقَدْر المستطاع، خصوصًا إن تضمَّنتْ هذه الشتائمُ كلماتٍ نابية تصِفهم بالغَباء، أو أُخرى فيها بَذاءة وفُجور.



شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن