أرشيف المقالات

الخوف من النفاق

مدة قراءة المادة : 9 دقائق .
2الخوف من النفاق
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا) [1].   وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَجْتَمِعُونَ فِي الْمَسَاجِدِ لَيْسَ فِيهِمْ مُؤْمِنٌ[2].   وقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يخافون على أنفسهم النِّفاق أيَّما خوفٍ.   قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: « أَدْرَكْتُ ثَلاَثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ: إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ »[3].   وكان من دعائهم: اللهم إني أعوذ بك من خشوع النِّفاق.   وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: [تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ خُشُوعِ النِّفَاقِ, قِيلَ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ, وَمَا خُشُوعُ النِّفَاقِ؟ قَالَ أَنْ تَرَى الْجَسَدَ خَاشِعًا، وَالْقَلْبَ لَيْسَ بِخَاشِعٍ ][4].   وعن جبير بن نفير قال دخلت على أبي الدرداء رضي الله عنه منزله بحمص فإذا هو قائم يصلي في مسجده، فلما جلس يتشهد جعل يتعوذ بالله من النفاق، فلما انصرف قلت له: غفر الله لك يا أبا الدرداء، أما أنت والنفاق، ما شأنك وشأن النفاق؟! فقال: [اللهم غفرًا، (ثلاثًا) لا يأمن البلاء من يأمن البلاء، والله إن الرجل ليفتن عن ساعة واحدة فيقلب عن دينه][5].   وقال أيضًا: [وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَمِنَ عَبْدٌ عَلَى إِيْمَانِهِ إِلاَّ سُلِبَهُ أَوِ انْتُزِعَ مِنْهُ فَيَفْقِدُهُ, وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا الإِيْمَانُ إِلاَّ كَالقَمِيْصِ يَتَقَمَّصُهُ مَرَّةً, وَيَضَعُهُ أُخرَى ][6].   وقال أَبو أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيَّ، يَقُوْلُ: [لَيَأْتِيَنَّ عَلَى الرَّجُلِ أَحَايِيْنُ، وَمَا فِي جِلْدِهِ مَوْضِعُ إِبْرَةٍ مِنَ النِّفَاقِ، وَإِنَّهُ لَيَأْتِي عَلَيْهِ أَحَايِيْنُ، وَمَا فِيْهِ مَوْضِعُ إِبْرَةٍ مِنْ إيمان ][7].   وقال عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: [كَانَ النِّفَاقُ غَرِيبًا فِي الْإِيمَانِ، وَيُوشِكُ أَنْ يَكُونَ الْإِيمَانُ غَرِيبًا فِي النِّفَاقِ][8].   وقال الحسن البصري: [إِنَّ الْقَوْمَ لَمَّا رَأَوْا هَذَا النِّفَاقَ يَغُولُ الْإِيمَانَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ هَمٌّ غَيْرَ النِّفَاقِ ][9].   وعَنِ الْمُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ البصري يَحْلِفُ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ بِاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ [مَا مَضَى مُؤْمِنٌ قَطُّ وَلَا بَقِيَ إِلَّا هُوَ مِنَ النِّفَاقِ مُشْفِقٌ وَلَا مَضَى مُنَافِقٌ قَطُّ وَلَا بَقِيَ إِلَّا هُوَ مِنَ النِّفَاقِ آمِنٌ ]، وَكَانَ يَقُولُ: [مَنْ لَمْ يَخَفِ النِّفَاقَ فَهُوَ مُنَافِقٌ ][10].   وقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: [لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَخْوَفَ عَلَى مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 8]] [11].   وقال بِلَالَ بْنَ سَعْدٍ: [لَا تَكُنْ وَلِيًّا لِلهِ عز وجل فِي الْعَلَانِيَةِ، وَعَدُوَّهُ فِي السِّرِّ ][12].   وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ: [مَا عَرَضْتُ قُولِي عَلَى عَمَلِي إِلَّا خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا ][13].   وعَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ عز وجل: ﴿ إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ ﴾ [الحآقة: 20]: [إِنَّ الْمُؤْمِنَ أَحْسَنَ الظَّنَّ بِرَبِّهِ فَأَحْسَنَ الْعَمَلَ، وَإِنَّ الْمُنَافِقَ أَسَاءَ الظَّنَّ فَأَسَاءَ الْعَمَلَ ][14].   وقال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيُّ: [إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُقِلُّ الْكَلَامَ وَيُكْثِرُ الْعَمَلَ، وَإِنَّ الْمُنَافِقَ يُكْثِرُ الْكَلَامَ وَيُقِلُّ الْعَمَلَ ][15].   عَنْ أَبِي مُلَيْكَةَ الذِّمَارِيِّ، قَالَ: [إِنَّ الرَّجُلَ لَيَدْخُلُ عَلَى الْإِمَامِ فَمَا يَخْرُجُ إِلَّا مُشْرِكًا أَوْ مُنَافِقًا، إِنْ أَعْطَاهُ نَسِيَ الَّذِي أَعْطَاهُ وَحَمِدَهُ، وَإِنْ مَنَعَهُ خَرَجَ يَذُمُّهُ وَيَعِيبُهُ، فَإِذَا فَعَلَ هَذَا بِالْإِمَامِ فَقَدْ نَافَقَ وَأَشْرَكَ، وَإِنَّمَا يَمْنَعُ وَيُعْطِي اللهُ عز وجل ][16].   وقال الحسن البصري: [لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَسُودَ كُلَّ قَوْمٍ مُنَافِقُوهَا ][17].


[1] أخرجه مسلم: ك: الإيمان، ب: الحث على المبادرة بالأعمال قبل تظاهر الفتن، ح (118). [2] أخرجه الحاكم في المستدرك، رقم (8365)، وقال: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، وابن أبي شيبة في مصنفه، رقم (30355)، والآجري في الشريعة، رقم (236). [3] أخرجه البخاري معلقًا، ك: الإيمان، 36- ب: خَوْفِ المُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لاَ يَشْعُرُ. [4] أخرجه ابن أبي شيبة، ح (35711)، وابن المبارك في الزهد والرقائق، ح (143)، والبغوي في شرح السنة، ح (4138). [5] أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (47/ 182). [6] أخرجه الذهبي في سير أعلام النبلاء (2/ 353). [7] المصدر السابق (8/ 28). [8] صفة النِّفاق وذم المنافقين للفريابي رقم (73)، ص (117). [9] المصدر السابق، رقم (76)، ص (119). [10] المصدر السابق، رقم (81)، ص (121). [11] المصدر السابق، رقم (83) ص (123)، ونضيف آية أخرى في ذلك، وهي قوله تعالى: ﴿ وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 106]. [12] المصدر السابق، رقم (85) ص (125)، والسِّيَر (9/ 407)، والحلية (5/ 228). [13] المصدر السابق، رقم (89)، ص (129)، وابن سعد في الطبقات (6/ 292). [14] المصدر السابق، رقم (90)، ص (129)، والحلية (2/ 144). [15] المصدر السابق، رقم (91)، ص (129). [16] المصدر السابق، رقم (105)، ص (141). [17] المصدر السابق، رقم (110)، ص (145).



شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢