أرشيف المقالات

تفسير سورة الحجرات للناشئين (الآيات 1 - 18)

مدة قراءة المادة : 11 دقائق .
2تفسير سورة الحجرات للناشئين (الآيات 1 - 18)   معاني مفردات الآيات الكريمة من (1) إلى (4) من سورة "الحجرات": ﴿ لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ﴾: لا تتقدموا بقول ولا فعل ولا تقطعوا أمرًا ولا تجزموا به قبل قول الله فيه على لسان رسوله. ﴿ ولا تجهروا له بالقول ﴾: لا تبلغوا حدَّ الجهر عند مخاطبته - صلى الله عليه وسلم -. ﴿ أن تحبط أعمالكم ﴾: خشية أن تبطل أعمالكم. ﴿ يغضون أصواتهم ﴾: يخفضونها ويخافتون بها. ﴿ امتحن الله قلوبهم ﴾: أخلصها وصفاها بعد اختبارها. ﴿ الحجرات ﴾: حجرات زوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم - التي يقمن فيها مع الرسول - صلى الله عليه وسلم -.   مضمون الآيات الكريمة من (1) إلى (4) من سورة "الحجرات": 1- تبدأ الآيات بتوجيه المؤمنين إلى احترام أوامر الله وأوامر رسوله - صلى الله عليه وسلم - وألا يبدوا رأيًا أو يقضوا بحكم قبل أمر الله - سبحانه وتعالى - وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم -.   2- ثم تناولت أدبًا آخر مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - خاصة وهو ألا يرفعوا أصواتهم في حضرته تعظيمًا، وألا ينادوه باسمه، وإنما بوصفه كقولهم: (يا رسول الله أو يا نبيّ الله...)، وحذَّرت المؤمنين أن تبطل أعمالهم إذا هم فعلوا ما نهاهم الله عنه، ولم يتأدبوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.   دروس مستفادة من الآيات الكريمة من (1) إلى (4) من سورة "الحجرات": 1- احترام كل ما جاء من عند الله - سبحانه وتعالى - وما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - والعمل به، وعدم التسرُّع في الحكم قبل الرجوع إلى ما في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.   2- احترام الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتعظيمه وذلك باحترام سنته وما جاء به من عند الله، والاقتداء به والصلاة والسلام عليه عند سماع اسمه، بل وفي كل وقت.   3- أن نذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والعلماء الأجلاَّء بألقابهم الشريفة، ولا نتجرَّأ عليهم بذكر أسمائهم، ولا نذكرهم في مجالس اللهو أو المزاح؛ احترامًا لهم وتقديرًا لمكانتهم.   معاني مفردات الآيات الكريمة من (5) إلى (11) من سورة "الحجرات": ﴿ فاسق ﴾: غير موثوق بصدقه وعدالته. ﴿ بنبأ ﴾: بخبر من الأخبار. ﴿ فتبينوا ﴾: فتثبتوا من صحة الخبر. ﴿ أن تصيبوا قومًا بجهالة ﴾: لئلا تصيبوا قومًا وأنتم جاهلون حقيقة الأمر. ﴿ لعنتم ﴾: لوقعتم في الحرج والإثم. ﴿ وزينة في قلوبكم ﴾: وحسنه في قلوبكم. ﴿ الفسوق ﴾: الخروج عن طاعة الله. ﴿ العصيان ﴾: جميع المعاصي. ﴿ الراشدون ﴾: الثابتون على دينهم والمهتدون. ﴿ فضلاً من الله ونعمة ﴾: هذا العطاء تفضل منه تعالى عليكم وإنعام. ﴿ طائفتان ﴾: فئتان وجماعتان. ﴿ بَغَتْ ﴾: تجاوزت حدها بالظلم ولم تقبل الصلح. ﴿ التي تبغي ﴾: الفئة الباغية. ﴿ حتى تفيء إلى أمر الله ﴾: حتى ترجع إلى الحق وإلى حكم الله وشرعه وتكف عن البغي والعدوان. ﴿ وأقسطوا ﴾: واعدلوا في كل أموركم. ﴿ المقسطين ﴾: العادلين. ﴿ لا يسخر ﴾: لا يهزأ ولا ينتقص. ﴿ ولا تلمزوا أنفسكم ﴾: ولا يعب بعضكم بعضًا ولا يطعن فيه. ﴿ ولا تنابزوا بالألقاب ﴾: ولا يدعُ بعضكم بعضًا بلقب يكرهه. ﴿ بئس الاسم الفسوق ﴾: السخرية واللمز والتنابز يستحق صاحبها اسم الفاسق.   مضمون الآيات الكريمة من (5) إلى (11) من سورة "الحجرات": 1- انتقلت الآيات من الأدب الخاص مع الله ورسوله إلى الأدب العام مع المؤمنين، فوجهت الأنظار إلى ضرورة التثبت من الأخبار والتأكد من صدقها، وألا يتلقوا الأخبار على أنها حقائق مؤكدة إذا جاءتهم، فكم من كلمة قالها رجل فاسق أو شخص كاذب سببت كارثة من الكوارث، وانقسامًا وأحقادًا بين المسلمين.   2- ثم توجِّه المؤمنين إلى أن تدبير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم بوحي من الله - عز وجل - أو إلهامه وفيه الخير لهم والرحمة واليسر، وأنه لو أطاعهم فيما يظنون أن فيه خيرًا لشق عليهم الأمر، فالله أعلم بما فيه الخير للمسلمين.   3- ثم تأمر الآيات الكريمة المؤمنين بالإصلاح بين الفئات أو الجماعات المتخاصمة المتقاتلة.   4- ثم تنتقل الآيات لتقيم دعائم المجتمع الفاضل على أسس متينة من الحب والخير والوفاق، فتأمر بصيانة كرامة الفرد، وتنهى عن السخرية واللمز بأن يعيب بعضهم بعضًا.   دروس مستفادة من الآيات الكريمة من (5) إلى (11) من سورة "الحجرات": 1- يجب التثبت في الأخبار؛ حتى لا يؤدي عدم التثبت إلى نتائج سيئة وآثار ضارة بالأفراد والمجتمعات. 2- يجب أن نصدق المؤمنين الموثوق بهم فيما ينقلون إلينا من أخبار وأقوال ما دُمنا لم نجرِّب عليهم كذبًا قبل ذلك. 3- على المؤمنين أن يقوموا بواجبهم نحو إخوانهم الذين يتخاصمون أو يتقاتلون سواء كان ذلك على مستوى الأفراد أو الجماعات أو الدول وذلك بالصلح بين هؤلاء المتخاصمين، فإذا طغى بعضهم على بعض فعلى المؤمنين (الذين هم خارج هذا النزاع) أن يأخذوا على أيديهم بكل الوسائل، ومنها قتالهم حتى يرجعوا إلى الحق.   معاني مفردات الآيات الكريمة من (12) إلى (18) من سورة "الحجرات": ﴿ إن بعض الظن إثم ﴾: إنَّ بعض الظن ذنب يستحق صاحبه العقوبة عليه. ﴿ ولا تجسسوا ﴾: ولا تتبعوا عورات المسلمين ولا تبحثوا عن عيوبهم. ﴿ ولا يغتب بعضكم بعضًا ﴾: ولا يذكر أحدكم أخاه بما يكرهه، وإن كان فيه ما يذكره به. ﴿ الأعراب ﴾: جماعة ممن يسكنون البوادي والصحراء. ﴿ آمنا ﴾: استسلمنا؛ خوفًا وطمعًا، وخضعنا لأوامر الإسلام ظاهرًا فقط. ﴿ ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ﴾: وحتى الآن لم يصل الإيمان إلى قلوبكم. ﴿ لا يلتكم ﴾: لا ينقصكم. ﴿ لم يرتابوا ﴾: لم يشكوا في إيمانهم بل ثبتوا على التصديق واليقين. ﴿ أتُعلِّمون الله بدينكم ﴾: أتخبرونه - سبحانه وتعالى - بقولكم: (آمنا)؟! (والاستفهام للتوبيخ والإنكار والتأنيب لهم). ﴿ يمنون عليك أن أسلموا ﴾: يتفضلون عليك بإسلامهم ويَعُدُّون إسلامهم فضلاً منهم عليك يا محمد. ﴿ قل لا تمنُّوا عليَّ إسلامكم ﴾: قل لهم يا محمد: لا تظهروا الفضل عليَّ بإسلامكم؛ فإن نفعه لكم وحدكم. ﴿ بل الله يمنُّ عليكم ﴾: الحقيقة أن الله هو صاحب الفضل الأعظم والمنَّة الكبرى عليكم. ﴿ غيب السموات والأرض ﴾: ما غاب فيهما وما لم تدركه الأبصار ولا تصل إليه الأفهام.   مضمون الآيات الكريمة من (12) إلى (18) من سورة "الحجرات": 1- كما تأمر الآيات باجتناب الظن السيئ بالآخرين؛ حتى يبقى المجتمع طاهرًا من الشكوك، وتنهى عن التجسس لكشف العورات وتتبع الهفوات؛ حفاظًا على حريَّات الناس وحرماتهم وكرامتهم، وتحذِّر من الغيبة.   2- ثم تهتف الآيات بالإنسانية جميعها على اختلاف أجناسها وألوانها؛ لتردها إلى أصل واحد، حيث خلق الله الناس جميعًا من ذكر وأنثى، وإلى ميزان واحد يكون التفاضل بين الناس على أساس التقوى.   3- ثم تردّ على الأعراب الذين قالوا: آمنَّا وهم لا يدركون حقيقة الإيمان والذين منُّوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم أسلموا، وهم لا يقدِّرون نعمة الله عليهم ومنَّته العظمى على عباده بهدايتهم إلى الإيمان وتثبيتهم عليه، ثم تُختم ببيان علم الله الواسع الشامل المحيط، وبصره النافذ الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ويستوي في علمه - سبحانه وتعالى - الصغير والكبير والسر والعلانية.   دروس مستفادة من الآيات الكريمة من (12) إلى (18) من سورة "الحجرات": 1- من كبائر الذنوب التي يجب على المسلم أن يتجنبها التجسس لكشف عورات المسلمين، وفضح أسرارهم والغيبة، وسوء الظن. 2- يجب أن نشكر الله على نعمة الإيمان والهداية إلى طريق الخير، وعلى نعمة التثبيت على الإيمان. 3- يجب على المسلم ألا يستكثر أعمال الخير التي يوفقه الله إليها، فالله - سبحانه وتعالى - غنيٌّ عن عباده وطاعتهم يعود نفعها عليهم.



شارك الخبر

مشكاة أسفل ٣