أرشيف المقالات

طرق الوقاية من النفاق

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
2طرق الوقاية من النفاق
النِّفاق الاعتقادي هو أعظم النِّفاق، ولا يُعلم إلا عن طريق الوحي، ولكن آثاره وأماراته تظهر على اللسان في الأقوال، وعلى الجوارح في الأفعال. وقال ابن حزم رحمه الله: "مَسْأَلَةٌ: مَنِ الْمُنَافِقِونَ، وَالْمُرْتَدِّونَ؟ قَالَ قَوْمٌ: إنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ عَرَفَ الْمُنَافِقِينَ، وَعَرَفَ أَنَّهُمْ مُرْتَدُّونَ كَفَرُوا بَعْدَ إسْلَامِهِمْ - وَوَاجَهَهُ رَجُلٌ بِالتَّجْوِيرِ، وَأَنَّهُ يُقَسِّمُ قِسْمَةً لَا يُرَادُ بِهَا وَجْهُ اللهِ - وَهَذِهِ رِدَّةٌ صَحِيحَةٌ فَلَمْ يَقْتُلْهُ" [1].
فالردَّة ليست إلا نفاقًا عقيديًّا من النوع الذي يأتي على العقيدة من جذورها...
نفاقًا لا يستقر معه بنيان لفكرة، ولا بناء لإيمان. وقال تعالى: ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾ [النساء: 113]. وأما النِّفاق العملي فهو من أعظم ما يهدِّد المسلمين، وهو في محصِّلته يصُبُّ في بوتقة النِّفاق الاعتقادي الذي يكون صاحبه في الدرك الأسفل من النار، ما لم تتداركه عناية الله بتوبة نصوح.
كما سيأتي.   وتتمثَّل طرق الوقاية من النِّفاق فيما يلي: 1- معرفة صفاتهم في الكتاب والسنة: (وقد ذكرنا معظمها بفضل الله تعالى في هذه الرسالة الموجزة)، فإذا عَرَفْتَ آفات النفاق، وخصال المنافقين وخصالهم فعليك أن تتجنبها، وتبتعد عنها، فمن لم يعرف الشرَّ كاد أن يقع فيه.   2- تجنُّب اتباع الهوى، والتعصُّب لغير الحق.   3- الرغبة في الآخرة، والشوق إلى الجنة: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ﴾ [الكهف: 107، 108]   4- الإكثار من الاستغفار، والمسارعة إلى التوبة كلما أحدثت ذنبًا.   5- اتهام النفس بالتقصير والنِّفاق حتى تجتهد في التخلص منه، ولا تركن إلى الأمن من مكر الله تعالى.   6- تجنب البدع ومرافقة المبتدعين، والحرص على اتباع السنة ومرافقة الصالحين.   7- طلب العلم النافع، إذ به يعرف أهل الإيمان من أهل النِّفاق.   8- الاجتهاد وتوطين النفس على الإخلاص لله تعالى، فلا يعمل عملًا صالحًا من أجل الناس، ولا يترك عملًا صالحًا من أجل الناس، وبذلك يتجنب الرياء والشرك.   9- المواظبة على الأذكار والأدعية المأثورة، وكثرة ذكر الله تعالى، فالمؤمن هو الذي يذكر الله تعالى كثيرًا، والمنافق لا يذكره إلا قليلًا.   10- المواظبة على صلاة الجماعة في المسجد، والإتيان إليها مبكرًا، والمحافظة على خشوعها وسننها، وخاصة قيام الليل، فهو دأب الصالحين وهو يسير عليهم، بينما هو شاقٌّ على المنافقين.   11- الخوف من ضعف الإيمان أو نقصانه أوالزيغ عنه،فيسأل الله تعالى الثبات على الدوام، ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8]، ويدعو الله تعالى دائمًا أن يطهِّر قلبه من النِّفاق، وأن يُبعِدَه عن النِّفاق والمنافقين.   12- الحرص على أن ألا يتلبَّس بصفات المنافقين، من كذب وخيانة، وخلف للوعد، وكراهية للجهاد، وموالاة للكفار، وتعطيل لشرع الله تعالى. والذي يُعين العبد على ذلك هو استشعار عظمة الله تعالى، والحرص على سلامة قلبه من الآفات والأمراض.   13- الاعتزاز بالعقيدة والعبادة، والفخر باتباع السنة والتمسك بالدين، فمن اعتز بالله عز وجل دام عزه، ومن اعتز بميت فإن عزَّه إلى زوال.
قال تعالى: ﴿ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 139].   14- الحرص على تلاوة القرآن على الأقل مرَّة كل شهر عربيٍّ، والاجتهاد في فهم معانيه، والعمل به، والدعوة إليه، والجهاد به، والاستشفاء به، والتحاكم إليه.
فكل هذه الأمور يسيرة يسَّرها الله تعالى على أهل الإيمان، وهي شاقَّة عسيرة على المنافقين.   15- حبُّ الإنفاق في سبيل الله تعالى، وإخراج الصدقات وأداء الزكوات، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. فالتعوُّد على هذه الخصال دليل على البراءة من النِّفاق.


[1] المحلى بالآثار، للإمام محمد بن حزم (12/ 127).



شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢