أرشيف المقالات

تفسير سورة المجادلة كاملة

مدة قراءة المادة : 11 دقائق .
2تفسير سورة المجادلة كاملة
معاني مفردات الآيات الكريمة من (1) إلى (6) من سورة "المجادلة": ﴿ تجادلك ﴾: تحاورك وهي "خولة بنت ثعلبة".
يسمع تحاوركما: يعلم حديثكما. ﴿ الذين يظاهرون منكم من نسائهم ﴾: الذين يقولون لنسائهم: أنتن محرمات علينا مثل أمهاتنا. ﴿ ما هن أمهاتهم ﴾: لسن في الحقيقة أمهاتهم، وإنما هن زوجاتهم. ﴿ منكرًا من القول ﴾: فظيعًا من الكلام، ينكره الشرع والعقل. ﴿ زورًا ﴾: كذبًا باطلاً. ﴿ يعودون لما قالوا ﴾: يرجعون عن قولهم. ﴿ فتحرير رقبة ﴾: فعلى المظاهر أن يعتق عبدًا أو أمة، فيجعله حرًّا. ﴿ من قبل أن يتماسا ﴾: من قبل أن يعاشر زوجته. ﴿ فمن لم يجد ﴾: فالذي لا يستطيع أن يعتق. ﴿ وتلك حدود الله ﴾: هذه هي أوامر الله. ﴿ وللكافرين عذاب أليم ﴾: للمكذبين بها عذاب موجع. ﴿ يحادُّون ﴾: يعادون. ﴿ كُبتوا ﴾: أذلوا وأهلكوا أو لعنوا. ﴿ الذين من قبلهم ﴾: من المنافقين والكفار. ﴿ بيِّنات ﴾: واضحات. ﴿ مهين ﴾: شديد يهينهم ويذلّهم. ﴿ فينبئهم ﴾: فيخبرهم. ﴿ أحصاه الله ﴾: أحاط به علمًا. ﴿ والله على كل شيء شهيد ﴾: لا يغيب عنه شيء.   مضمون الآيات الكريمة من (1) إلى (6) من سورة "المجادلة": 1- تبدأ السورة ببيان اتصال السماء بالأرض وسماع الله - سبحانه وتعالى - وإجابته دعاء من تضرعت إليه بالشكوى، وهي "خولة بنت ثعلبة" زوجة "أوس بن الصامت" أخي "عبادة بن الصامت"؛ فقد جاءت تحاور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أمر زوجها الذي ظاهر منها، أي قال لها: أنت عليَّ كظهر أمي - يعني محرَّمة عليَّ مثل أمي - وأخذت تشكو إلى الله همها وحزنها، وتتضرَّع إليه بالدعاء أن يفرِّج كربتها، فأنزل الله - سبحانه وتعالى - في حقِّها هذه الآيات تحرِّم الظهار على المسلمين، ولا تعتبره طلاقًا كما كان عليه الأمر في الجاهلية. 2- ثم تتحدَّث عن فريق المعاندين لله ورسوله، وتبيِّن عقاب الله لهم في الدنيا والآخرة. 3- وتحدَّثت عن هؤلاء الذين كانوا يتحدَّثون سرًّا فيما بينهم بما فيه إثم وعصيان للرسول - صلى الله عليه وسلم - وبيَّنت مصيرهم، ووضحت أن هذا من عمل الشيطان.   دروس مستفادة من الآيات الكريمة من (1) إلى (6) من سورة "المجادلة": 1- غيَّر الإسلام كثيرًا من العادات السيئة التي كان عليها أهل الجاهلية، وكثيرًا من أحكامهم الفاسدة التي أدَّت إلى الإضرار بالمجتمع، وظلم كثير من طوائفه وبخاصة "المرأة"، ومن هذه الأمور "الظهار" الذي كان يعد طلاقًا في الجاهلية، فحرمه الإسلام وجعل له كفَّارة، وهي تحرير عبد أو أمة، فإذا لم يجد فإنه يصوم شهرين متتابعين بالأشهر القمرية، فإذا لم يستطع الصيام فإنه يطعم ستين مسكينًا ما يشبعهم، ولا يجوز الإطعام لمن كان قادرًا على الصيام.               2- أحكام الشريعة الإسلامية لم تتنزل دفعة واحدة، وإنما كانت تتنزل تدريجيًّا حسب ما يستجد من مشكلات. 3- الذين يعاندون الله ورسوله متعصبون للباطل وهم يعلمون الحق، وسوف يخزيهم الله ويذلهم يوم القيامة.   معاني مفردات الآيات الكريمة من (7) إلى (11) من سورة "المجادلة": ﴿ نجوى ثلاثة ﴾: ما يتحدَّث به ثلاثة فيما بينهم سرًّا. ﴿ ولا أدنى من ذلك ﴾: ولا أقل من هذا العدد. ﴿ نهوا عن النجوى ﴾: نهاهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن التحدُّث سرًّا فيما بينهم فلم ينتهوا (نزلت في اليهود والمنافقين، كانوا يتناجون فيما بينهم ويتغامزون بأعينهم على المؤمنين). ﴿ ويتناجون ﴾: ويتهامسون خفية. ﴿ بالإثم ﴾: بكل ما فيه ذنب. ﴿ والعدوان ﴾: والاعتداء على المؤمنين. ﴿ ومعصية الرسول ﴾: ومخالفة الرسول - صلى الله عليه وسلم -. ﴿ حيَّوك بما لم يحيِّك به الله ﴾: حيَّوك بتحية لم يشرعها الله، حيث كانوا يقولون: السام عليكم.
والسام: الموت، فهم يدعون عليه بالموت. ﴿ لولا يعذبنا الله بما نقول ﴾: لو كان محمد نبيًّا حقًّا لعذبنا الله على ما نقوله لرسوله. ﴿ حسبهم جهنَّم ﴾: يكفيهم عذاب جهنَّم. ﴿ يصلونها ﴾: يقاسون حرّها. ﴿ فبئس المصير ﴾: ما أقبح مرجعهم ومستقرهم جهنم. ﴿ تحشرون ﴾: تجمعون للحساب والجزاء. ﴿ إنما النجوى من الشيطان ﴾: التحدُّث بالإثم والعدوان من وسوسة الشيطان وتزيينه. ﴿ وليس بضارهم شيئًا إلا بإذن الله ﴾: ولن يضرهم الشيطان أو الحزن بشيء. ﴿ تفسَّحوا ﴾: توسَّعوا. ﴿ يفسح الله لكم ﴾: يوسِّع لكم ربكم في رحمته وجنَّته. ﴿ انشزوا ﴾: قوموا لتوسعوا لغيركم.   مضمون الآيات الكريمة من (7) إلى (11) من سورة "المجادلة": 1- ذكرت هذه الآيات الكريمة بعض آداب المجالس وتكريم الله للمؤمنين ورفع درجات العلماء. 2- ثم قرَّرت على كل من يريد محادثة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أمر أن يبدأ بتقديم صدقة، ولما كان ذلك شاقًّا على كثير من المسلمين خفف الله هذا الحكم على المؤمنين، فجعله نافلة، مكتفيًا منهم بأداء الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله.   دروس مستفادة من الآيات الكريمة من (7) إلى (11) من سورة "المجادلة": 1- من آداب المجالس أن يفسح الإنسان للآخرين، وبخاصة من يكون أكبر منه سنًّا أو أكثر منه علمًا، أو يكون قادمًا على المجلس، وألا يزاحم الناس في المجالس والمساجد والمدارس والأندية وقاعات المحاضرات والسيارات والحدائق والطرقات والمحلات. 2- الإسلام يعظم شأن العلم ويكرِّم العلماء ويرفع درجاتهم إذا كان علمهم مقرونًا بالعمل والسلوك.   معاني مفردات الآيات الكريمة من (12) إلى (22) من سورة "المجادلة": ﴿ ناجيتم الرسول ﴾: أردتم محادثته سرًّا. ﴿ فقدِّموا بين يدي نجواكم صدقة ﴾: قدموا حديثكم معه صدقة للفقراء (وفي هذا تعظيم لمقام الرسول - صلى الله عليه وسلم - ونفع للفقراء). ﴿ أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقة ﴾: هل خفتم الفقر إذا تصدقتم؟ وفيه عتاب لطيف، ونهي عن الخوف من الفقر بسبب الصدقات؛ لأن الله غني يرزق من يشاء بغير حساب.
وتاب عليكم: عفا الله عنكم. ﴿ الذين ﴾: هم المنافقون. ﴿ تولوا قومًا ﴾: اتخذوا اليهود أولياء فاتبعوهم. ﴿ ما هم منكم ولا منهم ﴾: ليس هؤلاء المنافقون من المسلمين ولا من اليهود. ﴿ أعدَّ ﴾: هيَّأ. ﴿ إنهم ساء ما كانوا يعملون ﴾: ما أقبح عملهم وهو النفاق والمعاصي. ﴿ اتخذوا أيمانهم جنَّة ﴾: جعلوا حلفهم الكاذب حماية لهم من القتل. ﴿ فصدُّوا عن سبيل الله ﴾: فمنعوا الناس عن الدخول في الإسلام. ﴿ يحسبون ﴾: يظنُّون. ﴿ أنهم على شيء ﴾: أن حلفهم في الآخرة ينفعهم وينجيهم من العذاب. ﴿ استحوذ ﴾: استولى على قلوبهم. ﴿ حزب الشيطان ﴾: أتباعه وأنصاره. ﴿ يحادُّون الله ورسوله ﴾: يعادون الله ورسوله ويخالفونهما. ﴿ في الأذلِّين ﴾: في الأذلاَّء المبعدين من رحمة الله - عز وجل -. ﴿ يوادُّون ﴾: يحبون ويتبعون. ﴿ وأيدهم بروحٍ منه ﴾: وقواهم بنصره، وبنور يقذفه في قلوبهم أو بالقرآن الكريم. ﴿ رضي الله عنهم ﴾: قبل أعمالهم وأثابهم فرضوا بما أعطاهم. ﴿ حزب الله ﴾: أولياؤه وعباده المكرمون.   مضمون الآيات الكريمة من (12) إلى (22) من سورة "المجادلة": 1- تناولت هذه الآيات المنافقين الذين اتخذوا اليهود أصدقاء يحبونهم وينقلون إليهم أسرار المؤمنين، فكشفت عمَّا في نفوسهم، وفضحت سوء نيَّاتهم، وبيَّنت مصيرهم السيئ الذي ينتظرهم في الآخرة؛ لأنهم جند الشيطان وأعوانه. 2- ثم ختمت السورة ببيان حقيقة الحب في الله والبغض في الله الذي هو أصل الإيمان، وأمرت بعدم موالاة أعداء الإسلام حتى ولو كانوا من أقرب الناس.   دروس مستفادة من الآيات الكريمة من (12) إلى (22) من سورة "المجادلة": 1- اليهود والمنافقون كانوا يتغامزون على المؤمنين ويسخرون منهم، ويتحدَّثون فيما بينهم بالسوء، ويدبرون المكائد للمسلمين، وهكذا هم في كل زمان. 2- جند الشيطان هم الذين يساعدون على معصية الله ورسوله وهم الخاسرون في الدنيا والآخرة، أما جند الله فهم الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر، ويعادون أعداء الله ورسوله وهم المفلحون في الدنيا والآخرة.



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢