أرشيف المقالات

أقوال السلف عن سلامة الصدر

مدة قراءة المادة : 7 دقائق .
2أقوال السلف عن سلامة الصدر
إن وراءنا يومًا عظيمًا أمره، شديدًا هوله، لا ينفع فيه مال ولا بنون، وإنما ينفع العبد أن يأتيَ ربه بقلب سليم؛ ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]؛ أي: سليم من الأحقاد والأغلال والأحساد. فلا تطأ أقدام أهل الجنةِ الجنةَ، إلا بعد أن ينزع الله ما في قلوبهم من غل، ويرفع ما في نفوسهم من حسد وشحناء، فتصبح بواطنهم كظواهرهم - صفاءً ونقاءً، جمالاً وبهاءً - ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾ [الحجر: 47].   إن نقاء القلوب وصفاء النفوس، وسلامة الصدر - مطالب شرعية يجب أن يتحلى بها كل مسلم: قال تعالى وهو يمدح المهاجرين والأنصار: ﴿ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10]. وقيل للنبي صلى الله عليه وسلم: أي الناس أفضل؟ قال: (هو التقي النقي الذي لا إثم فيه ولا بغي، ولا غل ولا حسد)؛ (أخرجه ابن ماجه، والبيهقي في الشُّعب، وصحَّحه الألباني). وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تَباغضوا ولا تَحاسدوا ولا تَدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا، ولا يَحِلُّ لمسلمٍ أن يَهجُر أخاه فوق ثلاث)؛ (رواه مسلم). وقال صلى الله عليه وسلم: (تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس، فيَغفِر لكل عبد مسلم لا يُشرك بالله شيئًا، إلا رجلًا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيُقال: أنْظِروا هذين حتى يَصطلحا)؛ (رواه مسلم).   اعتناء السلف رضي الله عنهم بسلامة الصدر: • قال سفيان بن دينار: قلت لأبى بشير - وكان من أصحاب علي رضي الله عنه -: أخبرني عن أعمال من كان قبلنا، فقال: كانوا يعملون يسيرًا ويؤجرون كثيرًا، قلت: ولِمَ ذلك؟ قال: لسلامة صدورهم[1].   • عن زيد بن أسلم قال: دُخل على أبي دجانة رضي الله عنه وهو مريض، وكان وجهه يتهلل، فقيل له: ما لوجهك يتهلل؟ قال: ما من عملي شيء أوثق عندي من اثنين؛ أما أحدهما: فكنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، وأما الأخرى: فكان قلبي سليمًا للمسلمين" [2].   • قال القاسم الجوعي رحمه الله: "أصل الدين الورع، وأفضل العبادة مكابدة الليل، وأقصر طريق للجنة سلامة الصدر" [3].   • ابن السماك الواعظ: وقع بينه وبين أحد إخوانه شيء، فقال له أخوه: الميعاد بيني وبينك غدًا نتعاتب، فقال له ابن السماك: بل بيني وبينك غدًا نتغافر [4].   • وكتب أحد الشعراء إلى إخوانه مثل هذا، فقال: من اليوم تعارفنا ونطوي ما جرى منا فلا كان ولا صارَ ولا قلتم ولا قلنا وإن كان ولا بدَّ من العتبى فبالحسنى   • قال الملك العادل للعز بن عبدالسلام يومًا: اجعلني في حل، فأجابه العز قائلًا: أما محاللتك فإني في كل ليلة أحالل الخلق، وأبيت وليس لي عند أحد مظلمة، وأرى أن يكون أجري على الله، ولا يكون على الناس"[5].   كيف يجاهد العبد نفسه على سلامة الصدر؟ 1- أن تعلم يقينًا أن من أعظم ما يستلذ به الشيطان ويسعى إليه - بث الضغائن والأحقاد بين المسلمين، ففي الحديث المرفوع: (إن الشيطان قد أَيِسَ أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم)؛ (رواه مسلم).   2- أن تجتهد في تحقيق الإخلاص لله، فمن أخلص لله سَلِمَ قلبه، وخلا من كل مكروه؛ قال صلى الله عليه وسلم: (ثلاث لا يُغِلُّ عليهنَّ قلب امرئ مسلم - أي: لا يحمل في قلبه غلاًّ ولا حسدًا - إخلاص العمل لله، ومناصحة المسلمين، ولزوم جماعتهم...)؛ (رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وصحَّحه الألباني).   3- إذا أردت أن يَسلَمَ صدرُك على مَن بينك وبينه شحناء، فأكثِر من الدعاء له، واذكر محاسنه بين الناس، فبذلك تكون قد ألجمت نفسك، ورددت كيد شيطانك.   4- تذكر فضيلة العفو والصفح: ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ [الشورى: 40]. 5- ترك الجدال. 6- ترك سوء الظن. 7- إفشاء السلام. 8- الهدية: قال صلى الله عليه وسلم: (تهادوا تحابوا)؛ (رواه البخاري في الأدب المفرد وحسنه الألباني). 9- قراءة القرآن بتدبر: قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ ﴾ [يونس: 57]. 10- الدعاء واللجوء إلى رب الأرض والسماء: بأن يذهب الله وحرَ صدرك وسخيمة قلبك.


[1] البدر في فضل سلامة الصدر؛ د.
نايف أحمد الحمد، نقلاً عن الزهد لابن السري. [2] سير أعلام النبلاء ج3، وصفة الصفوة ج1. [3] بستان العارفين للإمام النووي ج1، صفة الصفوة ج4. [4] العوائق محمد أحمد الراشد ص 66. [5] بشريات السلامة من أهوال يوم القيامة جميلة المصري ص267.



شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن